الخبر وما وراء الخبر

نحو مزيدٍ من الانقسام.. السعوديّة لأجنحة هادي: لا استغناء عن الإمارات

40

ذمار نيوز | مقالات 10 رجب 1440هـ الموافق 17مارس 2019م

بقلم / طالب الحسني

التحالُفُ الذي تقودُه السعوديّةُ للحرب على اليمن انحرف عن مساره ويمارسُ احتلالاً كاملاً في المناطق التي دخل إليها (جنوب اليمن) وعزل ما يسمى الشرعية بشكل كامل بدءاً برئيسها عبدربه منصور هادي واحتجزها في الرياض والقاهرة والعاصمة الأردنية عمان.

هذا ما يقال حالياً على لسان وزراء وسفراء وقادة عسكريّين يتبعون ”الشرعية” المزعومة، علناً بعد أن كان جدلاً واسعاً في الغرف المغلقة وفي الاجتماعات السرية وغير المعلنة، والمفارقة أن هذا الكلامَ يقال أَيْــضاً على أبوب الدخول في العام الخامس من العدوان على اليمن وعلى شعبه، ولم يحقّق أياً من أَهْدَافه باستثناء جرائم الحرب الدموية بحق المدنيين والتي باتت تؤرّقُ السعوديّة وتشكل أبرز الضغوط لإيقاف هذه الحرب وتصويت الكونجرس الأمريكي بغالبية أعضائه لصالح مشروع وقف التعاون الأمريكي مع السعوديّة في الحرب العدوانية على اليمن واحد من نتائجها.

يرى هؤلاء أن الحَــلَّ والتصحيح لهذا الانحراف لن يتم إلا بحالة واحدة وواحدة فقط وهي أن يعلنَ هادي الاستغناءَ عن خدمات الإمارات، الشريك الأبرز للسعوديّة من التحالف وبالتالي تستجيب قيادة التحالف وتعلن إنهاء مشاركة الإمارات كما فعلت مع قطر، ولكن هذا الأمر يبدو بعيداً، بل ومستحيلاً تماماً، وبالتالي ستذهب الأمور إلى أسوأ سيناريوهات الهزيمة التي يعيشها التحالفُ وحلفاؤه من الفرقاء الذين لا يزالون يوالون هادي ”وشرعية” التي لا حول ولا قُــوَّة لها.

هل السعوديّة قادرة فعلاً على الاستغناء عن الإمارات؟ وماذا لو فعلت ذلك؟!

في كثيرٍ من الحالات يتبدى أن الدورَ الإماراتي في العدوان على اليمن هو الأول ويسبق الدورَ السعوديّ بمراحلَ، فهي التي تمسك فعليا بزمام الأمور في المحافظات الجنوبية اليمنية بشكل مباشر عبر مقرات خَاصَّــة بالقُــوَّات الإماراتية الموزعة في عدن وأبين وحضرموت وسقطرى، بالإضَافَة إلى بعض المناطق في الساحل الغربي اليمني، علاوةً على التشكيلات العسكريّة والأمنية التي نشأتها وفتحت عشرات معسكرات التدريب لها وورطت هذه المجموعات بالقيام بالكثير من الجرائم والتصفيات للخصوم في هذه المناطق وفق تقرير لجنة الخبراء التابع لمجلس حقوق الإنْسَان، وبالتالي فَإنَّ الرياض غير قادرة تماماً، ولو تجرأت وأخرجت أبو ظبي من التحالف بناءً على رغبة أجنحة كبيرة في ”شرعية” هادي ستكون كمن يطلقُ الرصاصَ على نفسه ويعلن انتهاءَ دوره في اليمن وفي هذه الدائرة من الفشل.

أبعدُ من ذلك أن هذه المطالب، أقصد إخراج الإمارات من التحالف كانت أحد الأسباب وراء إقالة عددٍ من أقطاب معاوني هادي سواء من العسكريّين أَو السياسيّين وآخرهم أحمد عبيد بن دغر رئيس ”حكومة” هادي السابق. فثمة فيتو سعوديّ على أعلى مستوى، وربما تم إبلاغ هادي وأجنحته أن ذلك خطٌّ أحمر، وهو ما يفسر إبقاء ”الشرعية” المزعومة حبيسة فنادق الرياض، حتى بات يطلق عليها بشرعية الفنادق.

بالتالي.. البقاء في الوضع الحالي.

وهذا يعني مزيداً من الانقسام وخيبات الآمال التي أصابت أجنحةَ وحلفاء التحالف ”اليمنيين” وربما الالتحاق بركب الذين غادروا مربّع الرياض والإمارات معاً وحزم أمتعتهم نحو رصيف الانتظار لمعجزة لن تتحقّقَ، فكل شيء يمضي باتّجاه انتصار صنعاء الذي يكبرُ مع مرور الوقت بينما تتضاعفُ العقباتُ والعواقب في طريق التحالف بقيادة السعوديّة.

إن استدعاءَ دخل عسكريّ خارجي لضرب اليمن؛ بهدف العودة إلى صنعاء على ظهر الدبابات والمدرعات والآلة العسكريّة السعوديّة والإماراتية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية هو بمثابة الانتحار والخيانة العظمى، ومن المهم أن أذكرَ هنا تصريحاتِ المبعوث الدولي الأسبق إلى اليمن المغربي جمال بن عمر خلال آخر إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي وبعد شهرين من عمليات التحالف، عندما قال وبالحرف مع الاقتباس: (لقد كان اليمنيون على أبواب الخروج نهائياً من الأزمة بعد أن أنجزوا الحوار الوطني ووقعوا اتّفاقية السلم والشركة الوطنية وكادوا يتوافقون على الدخول في اتّفاق على الرئاسة، ولكن العمليات العسكريّة للتحالف أدخلتهم في متاهة صعبة ومعقدة للغاية وتهدّدُ حياة ملايين المدنيين).

والآن.. أليس الأولى لكل هؤلاء الذين يجمعون أن التحالُفَ انحرف عن مساره أن يمدوا أيديَهم مثل الكثيرين قبلهم إلى العاصمة صنعاءَ والحوار، فمن المؤكّــد أن هذه أقصرُ الطرق للخروج من هذه المتاهة العملاقة، فإيران ليست موجودةً في اليمن، بل في الذهنية السعوديّة.