الخبر وما وراء الخبر

الشيخ قاسم: نحن في مواجهة حقيقية مع أميركا وهي في كل الأبعاد من دون استثناء

40

رأى نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، إن أميركا اليوم هي رأس الظلم في العالم، ولا تجد إنحرافاً أو فساداً أو قتلاً أو إجراماً أو انتهاكاً لحقوق الانسان أو تدميراً في الأرض إلاّ وتكون أميركا هي وراءه، إما بشكل مباشر، وإما من خلال أدواتها وعملائها، لأنها تريد السيطرة على العالم، وبالتالي مهما كانت الاتجاهات الفكرية والسياسية للآخرين، فإن أميركا لا تحترم الرأي أو الفكر الآخر ولا القناعات الأخرى، وهي تجد نفسها معنية بأن تعيش وحدها، ولذلك عندما نسمع تعابير رؤساء جمهوريات أميركا، نسمعهم يقولون دائما هذا الموقف من الدولة الفلانية أو من الموقف الفلاني، هو لمصلحة دافعي الضرائب الأميركية، أي أنه من أجل الشعب الأميركي يمكن أن تكون ناكازاكي وهيروشيما والقنابل الذرية والنووية التي تقتل مئات الآلاف، ويمكن أن يكون التدمير في اليمن والعراق وفلسطين وسوريا وأفغانستان وفي كل بلدان العالم، وحتى الاعتداء على فنزويلا وأماكن أخرى، وكل ذلك من أجل أن يكون الشعب الأميركي بقيادته الظالمة مرتاحاً ولو أدى ذلك إلى إفناء البشرية جمعاء.

كلام الشيخ قاسم جاء خلال احتفال تأبيني أقيم للفقيدة شاهيناز محمد الزين شقيقة رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين، وذلك في حسينية بلدة قبريخا الجنوبية، بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من الأهالي.

الشيخ قاسم أضاف “إذاً ليست المشكلة في قناعاتنا وبما نؤمن به، لأن البعض يقول أحياناً بأنه يجب علينا أن نخفف قليلاً مما نعتقد ونؤمن به، فهل إذا كان لدينا كرامة نتنازل عن نصفها لكي يرضى عنا البعض، وهل إذا كان لدينا أولاد نريد أن نربيهم على طاعة الله عز وجل، فنربيهم بطريقة نصف مؤمن ونصف كافر كي يرضوا عنا، وعليه، فإن المشكلة ليست في ما نؤمن به، وإنما هي تكمن في أنهم يريدوننا عبيداً لهم في كل شيء، والله تعالى لا يقبل لنا أن نكون عبيداً، وبالتالي يجب أن نكون أحراراً نحرر أرضنا، ونقف بوجه كل مستعمر ومعتد من أجل كرامتنا وتربية أجيالنا”.

وتابع قائلا “إننا في مواجهة حقيقية مع أميركا، ليست المواجهة عسكرية، وإنما سياسية وثقافية واجتماعية وفي بعض الأحيان قد تكون عسكرية بأشكال مختلفة مباشرة أو غير مباشرة، ولكن المواجهة مع أميركا هي في كل الأبعاد من دون استثناء، لا سيما وأن الأميركيين توصّلوا حديثاً إلى أن الحرب الناعمة لا تكفي، وإنما يجب أن يتم جذب الناس إلى قناعاتهم، بحيث ينحرفون بإرادتهم ويسلمون لهم، لأنهم وجدوا أن الحرب الناعمة طويلة، وبالتالي هذه الشعوب في المنطقة استيقظت وعادت إلى دينها وربها وطاعتها واستقامتها، وعليه فإن الحرب الناعمة أصبحت صعبة، لا تنتج الانتاج الذي يريدونه، فخلطوا بين الحرب الصلبة والناعمة وأشكال أخرى من الحروب، فأصبحنا اليوم أمام الحروب المتنوعة التي يخوضها ظلم أميركا وإسرائيل والانحراف الدولي من أجل الضغط علينا حتى نخسر في مواقعنا المختلفة، سواء في الحالة الثقافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو ما شابه ذلك”.

نائب الأمين العام لحزب الله رأى “إن العقوبات الأميركية على المقاومة هي جزء من الحرب، ولكن هل هو مقدّر لأميركا أن تنجح، بالطبع لا، لأن الصبر والإعداد لدينا هو جزء لا يتجزأ من المواجهة التي ننتصر فيها إن شاء الله، لأننا أصحاب الحق والأرض والكرامة والمستقبل، ولكن علينا أن نعمل ونجاهد ونقاوم، وبالتالي ليس كل ما تقرره أميركا يتحقق، فهذه التجارب أمامنا، حيث أنهم قرروا تدمير سوريا ونقلها من سوريا المقاومة إلى سوريا الإسرائيلية، ولكن السنوات الثماني تمر، وسوريا صامدة واقفة في محور المقاومة، وأرادوا منذ عشرات السنين أن يجعلوا فلسطين للكيان الصهيوني، ولكن إلى الآن لم يتمكنوا ولن يتمكنوا إن شاء الله تعالى من تحقيق هذا الأمر، وتدخلوا ليقتلوا الشعب اليمني من أجل إدارته من قبل السعودية بإشراف أميركي إسرائيلي، ولكن الشعب اليمني قدم وضحى وصبر ووقف، وكذلك فعلوا الكثير من أجل أن يقضوا على جذوة المقاومة في لبنان، ولكن مقاومة حزب الله وثلاثي الجيش والشعب والمقاومة، انتصروا في تحرير الأرض بأروع شكل من أشكال التحرير، وهزموا إسرائيل في عدوان تموز سنة 2006، وسيستمر هذا الأمر إن شاء الله حتى النصر والتحرير الكامل”.

وأضاف “اليوم كل الناس اطلعت على جريمة نيوزيلندا، وهي نسخة عن ترامب وأفكاره، فحتى القاتل اعتبر أن مرشده ومعلمه هو ترامب، وجرائم الصهاينة نسخة أخرى عن ما يفعله ترامب وما يؤمن به، وبالتالي فإن ترامب اليوم هو نموذج من نماذج الظلم والسيطرة والخطر على البشرية، وعلى كل حال، فإن كل المؤشرات التي تدل على الهزيمة الأميركية موجودة، ونعطي بعضاً منها، فلقد تحول الاقتداء بأميركا إلى تهمة، بينما كان لفترة من الزمن أمر مهم جداً على المستويين الثقافي والسياسي، والجهات اليوم التي ترفع شعارات حقوق الانسان بتمويل أميركي من خلال جمعية المساعدات الأميركية، هؤلاء محل تهمة، لأنهم يأخذون من أموال الظلمة بأفكار مشوشة وخاطئة يريدون من خلالها أن يسهلوا بدخول هؤلاء إلى حياتنا، وعليه فإن الدفاع عن السياسة الأميركية اليوم هو محل تهمة، فهؤلاء الذين يعترضون على المقاومة والمواجهة وأننا نقف بوجه أميركا هم متهمون، ولذلك فإننا نسألهم، لماذا تدافعون عن السياسة الأميركية، وما الذي أكسبتكم إياه، فهل أعادت لكم أرضاً أو أنها حررت لكم بلداً، وهل جعلت لكم مكانة وعزاً، وهل تركتكم تربوا أولادكم كما تريدون، فهنا المقاومة بكل أشكالها العسكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، مطلوبة لمواجهة العدوان الأميركي الإسرائيلي بكل أشكاله المختلفة، وهذا هو الحل، ونحن نعتقد أننا ننجح بهذا الحل بدليل النجاحات التي تحققت، وبالإمكان أن تتحقق أكثر كلما استطعنا أن نجمع معنا أكثر”.

الشيخ قاسم أضاف “لقد أعلن حزب الله الحرب على الفساد أثناء الانتخابات النيابية، وكان شعارنا الانتخابي “نحمي ونبني”، ولم يكن هذا الشعار لمجرد اختيار لفظي أو تدليس على الناس، وإنما هو شعار حقيقي يقول كما سرنا في المقاومة وحمينا وسنحمي، سنسير في البناء والوضع الداخلي لنحمي ونبني أيضاً على قدم المساواة على قاعدة أن المرحلة تتطلب منا أن نقوم بهذا العمل، ثم أعلن سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله منذ فترة قصيرة، المواجهة الوطنية الشاملة ضد الفساد، وهنا يتساءل بعضهم، هل ستنجحون، وعليه فإننا نقول لهم نعم سننجح، فكفانا وضع عراقيل وأسئلة واستفهامات وعيش حالة من المأزق والتأزيم، فكنا في المقاومة أفراداً قلة، وقالوا لنا العين لا تقاوم المخرز، وبدأوا يطعنوا في الظهر، ونحن نتجه لقتال إسرائيل، ولكن مع الزمن تراكمت الأمور، ثم انتصرنا وثبت أن المقاومة قادرة على التحرير، وكذلك على الجميع أن يتأكد، أن مواجهة الفساد ستكون مشروعاً حقيقياً نسير فيه بكل تؤدة وباهتمام لنصل إلى النتيجة المرجوة إن شاء الله، والله سيسددنا، لأننا نعمل للحق ونسير في الدرب الصحيح”.

وختم نائب الأمين العام لحزب الله بالقول “إن مواجهتنا للفساد مدعومة بالأدلة والأرقام، وهي لا تستهدف جهة أو طائفة، وإنما تستهدف الأفراد المفسدين، ليتوقفوا عن إفسادهم وفسادهم، وسنعمل على المتابعة من خلال مجلس الوزراء، وآلية إقرار المشاريع بالمناقصات، وتفعيل أجهزة الرقابة، واقتراح وإقرار القوانين من خلال المجلس النيابي، والمحاسبة عبر القضاء والمواكبة الشعبية، لنطوق الفساد والمفسدين من النواحي المختلفة وبالأشكال المختلفة التي ستبرز وستظهر تباعاً إن شاء الله، وهنا نريد أن نلتفت إلى البشارة العظيمة التي بدأت تلوح في الأفق، وهي أن جهات متعددة بدأت تتحرك ضد الفساد وتواجهه، وهذا إنجاز ولا زلنا في بداية الطريق، والجميع يرى كيف أن المنافسة اليوم بين جميع الأطراف السياسية من دون استثناء على أولوية مواجهة الفساد، وهذا إنجاز أيضاً، لأن المطلوب هو أن يصبح لنا ثقافة وقناعة وإعلام وإعلان بأن الفساد منكر، وأن الجميع يواجهونه، وهذه خطوة مهمة للتمكن والسيطرة على الفساد، وبالتالي أن تصبح أولوية كل القوى السياسية في خطابها وأولوية الحكومة مكافحة الفساد، فهذا إنجاز، وأن يرتدع اللصوص عن السرقة في مناخ الهجمة على الفساد، فهذا إنجاز، ومع كل هذا، فهي البداية التي سنتابعها، وسيلمس الناس النتائج مع بعض الصبر والوقت”.