الخبر وما وراء الخبر

جلسة بيرة على فراش نتنياهو

26

ذمار نيوز | مقالات 15جماد ثاني 1440هـ الموافق 20 فبراير، 2019م

بقلم / صلاح الدكاك

قال مظفر النواب يوماً إن (من باع دمشق لن يشتري القدس).

وحملاً على ذات المعادلة، فإن من باعوا وشرعوا مخادع نومهم في اليمن بالبخس لعلوج الإمارات والسعودية والجنجويد والـ(بلاك ووتر) والـ(داين جروب)، لن يغلوا من قيمة القدس وشرف القضية الفلسطينية في مخادع (تل أبيب) المفتوحة على عدسات الـ(بورنو العربي العبري) في بث مباشر لمجريات عهر باتت فوق سرير العلانية بعد زوال لزوميات حقبة التواري كتكتيك مرحلي.

دهست أحزاب العمالة في اليمن على اختلاف يافطاتها (قومية، ناصرية، اشتراكية، وإسلاموية)، كل شرف وفضيلة ومبدأ وقيمة آدمية وقضية إنسانية عادلة، في هرولتها لاسترضاء شهوات أربابها من (الرياض وأبوظبي إلى تل أبيب، ومن لندن إلى واشنطن)، وتذرعت في كل هذا الكم من السقوط والانحطاط بـ(مواجهة الانقلاب الحوثي)، وألقت بكل أرجاس وخطايا حفلات التعري والعهر التي خاضتها وتخوضها، على مشجب (التصدي للتمدد الإيراني)، وجففت كل غسيلها القذر على حبال دعاوى (الجمهورية والدولة المدنية والعروبة والإسلام السني)!

ظلت ولاتزال أقنعة الوطنية والقومية والإسلام التي ارتدتها هذه الأحزاب، والمسنودة بحسن ظنون شعبنا الطيب، تتساقط تباعاً مسفرةً عن محض مسوخ وكائنات شوهاء، وظلت هذه المسوخ والكائنات الشوهاء ولاتزال تلعب دور الملائكة حتى في ذروة انفضاحها وتفسخ ملامح آدميتها على نحو مشهود، ومدعاة لشماتة إبليس ذاته، فضلاً عن تعاطف شعب أثخنته عمالتها قتلاً وتشريداً وتجويعاً وحصاراً، ولم يعد في رصيد طيبته كسرة من حسن ظن حيال أحابيلها، ولا كسرة من سوء ظن حيال صدقية أنصار الله وثبوت طهارة ساحتهم من كل افتراء وإفك ألصق بها، وجلاء ما حذر منه الشهيد القائد السيد حسين الحوثي آنفاً من مؤامرات باتت رؤيتها اليوم عين اليقين، وباتت سفينة المسيرة القرآنية العاصم الأجلى والأهدى والأنجى من طوفانها قولاً وعملاً في عيان العامة والخاصة اليوم.

ها نحن نتشاطر الخبز المر في خندق وطني واحد مع من اتهموا بالعمالة لإيران، بينما يغرق متهموهم في روث العمالة المشهودة للسعودية والإمارات حتى ذقونهم.

ها نحن نتماهى دماً ولحماً ومصيراً وقدراً على تربة وطن رسخ معنا فيها كالنخل الباسق من وصموا بـ(المجوس والصفويين والفرس)، بينما يتكسر أدعياء الوطنية أثداءً وأردافاً وخصوراً في مراقص وكباريهات غلمان البترودولار كأحط المومسات..

ها نحن نتسربل جراح فلسطين ونحمل صليب عذاباتها فوق عذاباتنا، ونعصب الجباه بأكاليل شوكها وغارها، سائرين تحت لهب الحصار والعدوان الكوني يداً بيد على سطوع درب نضال عروبي إسلامي إنساني واحد مع معشر أنكر عليهم خليط العمالة يمنيتهم، بينما يخلع أدعياء العروبة والقومية والناصرية والاشتراكية ملابسهم الداخلية قطعة قطعة على سرير (نتنياهو) في بث مباشر من (وارسو) باسم الأمن القومي، امتداداً لتحالف عدوان أربابهم الأمريكان على اليمن باسم العروبة!

ها نحن نحصي خيانات أحزاب العمالة لنميز أيها الأفدح والأعظم بينها، فنخلص بعين الحكيم المبصر إلى أن من باع أرضه وعرضه وشعبه وتاريخه، لن تعز عليه فلسطين؛ وأن عكاكيز العمالة المحلية التي يتوكأ عليها عربان البترودولار الذين تتوكأ عليهم الدولة العبرية الغاصبة لفلسطين، هم – بالمنطق الجدلي ذاته ـ عكاكيز إسرائيل والصهيونية العالمية لاغتصاب اليمن، بمنأى عن تمويه مشروع العدوان بلافتة عروبية هي بمثابة سجادة صلاة مطوية على أفخاذ عاهرة!

هكذا فعل إخوان (اليماني وياسين والعتواني والمخلافي) في سوريا ولبنان والعراق، فتسربل (كمال اللبواني وفرح الأتاسي وسعد الحريري وخالد الظاهر وطارق الهاشمي) أسمال الدعاوى الثورية والوطنية والحرب على الإرهاب والمد الإيراني والديمقراطية الملونة، ليقصدوا مخادع الكيان الصهيوني علناً وفي واجهة المشهد.

منذ البدء كنا ندرك جيداً وجه وملامح عدونا العبري المتلطي خلف يافطة العروبة في حربه على بلدنا وشعبنا، ولم تكن ورقة التوت هذه لتواريه إلا مؤقتاً عن عيون المفرطين في السذاجة والعماء الذين يأخذون بظاهر القول، ويؤخذون بمعسول الكلام، ويأنسون للأقنعة التي تربطها بهم أوجه شبه، ويفرزون الصراع تبعاً لجنسيات أصحابه لا مشاريعهم وتمظهراتها على مسرح الصراع كمحك لاختبار نوايا أصحابها! منذ البدء لم نكن بحاجة إلى (بث مباشر من وارسو) للعناق الحميم بين صهاينة الشتات الفندقي من يمنيين وأولياء نعمتهم من عربان، وبين صهاينة الكيان الإسرائيلي الغاصب، ولا كنا ننتظر أن تدلي (هآرتس) بشهادة موثقة عن دور إسرائيلي حيوي في تحالف العدوان على اليمن بالعموم، وفي العمليات الحربية الميدانية التي يشنها التحالف منذ أمد في الساحل الغربي، بغية احتلال (الحديدة) بالخصوص، ولا كنا بحاجة إلى أن يكشف وزير خارجية بريطانيا عن تفاؤله بقرب (استعادة الحديدة وطرد الحوثيين منها) عقب دقائق من انفضاض (محفل وارسو).. كل هذا السيل من الشواهد الواردة بلسان صهيوني غربي، كنا في غنى عنها لجهة تظهير ملامح المدير التنفيذي الأصيل في تحالف عدوان بالوكالة، وورود هذه الشواهد هو بمثابة رصيد إضافي داعم لصوابية بوصلتنا وتوجهنا وصدقية خطابنا وصحة استشرافنا للصراع وسلامة تقييمنا له وموقفنا منه أمام الرأي العام المحلي والعربي، ولا عذر ولا ذريعة اليوم حتى للمفرطين في السذاجة للاستمرار في ترهات تلبيس الصراع الدائر لبوس (حرب أهلية يمنية) أو (عربية في مواجهة تهديدات توسع إيراني خفي في اليمن).. توسع (أشبه بالغاز يُشم ولا يُرى)، طبقاً لتوصيف بهلوان إعلام التحالف (فهد الشليمي).

إن حاجة العدو الإسرائيلي لبسط سيطرته على (الحديدة وباب المندب) في البحر الأحمر، هي حاجة متممة ومثمنة لسيطرته القائمة على (قناة السويس)، التي باتت سيطرة بلا جدوى مع وشوك استعادة اليمن لسيادته البحرية والبرية على أراضيه عقب ثورة 21 أيلول 2014 والإطاحة بسلطة الوصاية الحاكمة بالإنابة عن مصالح الامبريالية والصهيونية العالمية.

في سياق لصيق، فإن جنين (الناتو العربي بقيادة إسرائيلية) والمنبثق عن (وارسو) يسعى في أولوية أهدافه الاستراتيجية للتموضع في مفصل مائي قاري مثالي لجهة خنق إيران المتكئة على أهمية (مضيق هرمز) في تصديها للقرصنة الغربية وحربها الاقتصادية القائمة والعسكرية المحتملة عليها، كما ولجهة كبح التمدد الصيني الآسيوي في الضفة الأفريقية من البحر الأحمر والدول المشاطئة للمحيط الهندي، ويمثل اليمن بإطلالته المائية (شرفة كونترول ورأس فرجار) مؤاتيين بحساب الغايات البعيدة لـ(الناتو) المزمع تأليفه وتخليق ملامحه وآلياته عبر أكثر من محطة أبرزها (محطة وارسو) التآمرية المعلنة، بحسب سيد الثورة.

السيد القائد عبدالملك الحوثي في بيان تاريخي له أمس وضع العالم أمام شعب اليمن الحقيقي الذي ستقول سيول تظاهراته العارمة اليوم كلمتها، وليشبع المراهنون على حثالة الشتات الفندقي بأراجوزاتهم التي راهنوا عليها في محو الخارطة العربية من الماء إلى الماء بجلسة بيرة في وارسو ببولندا.

إن الوعي الشعبي اليوم أقطع من السيف والسيف أصدق من وعيد الشفاه والحركات التحررية الثورية العربية حاضرة في ميدان الصراع بالرؤية والبندقية وبالعقيدة الصلبة والردود الحربية الرادعة ولم تعد حبيسة إكليشات الهراء في الجامعة العربية مجازاً، أو منابر أحزاب العمالة والضحك على ذقون الشعوب بشعارات باتت اليوم أرخص من ورق تواليت في حمامات طويل العمر ومعقوفي الأنوف وشواذ اليانكي.

نقلا عن صحيفة “لا”