الخبر وما وراء الخبر

إلى الصامتين والمحيّدين في تعز .. ثقوا أن إرهاب الغزاة والمرتزقة سينالكم أيضا

128

أبو بكر عبدالله


قياساً بالمبادرات الوطنية المشرفة التي سجلها كثير من الشرفاء الأحرار من الشخصيات السياسية والاجتماعية والتجارية والثقافية والعلماء ورموز مراكز القوى ذات الجذور المشيخية والتجارية في مواجهة العدوان السعودي الشامل ومرتزقته على محافظة تعز، ظل قطاع آخر من هؤلاء صامتين محيدين وكأنهم لم يدركوا بعد مخاطر الشر المستطير الذي يحوم حول تعز, وبعضهم اختاروا البقاء  متفرجين ظنا منهم أنهم سيكونون بعيدين عن هذا التهديد وتداعياته المفتوحة على كل الاحتمالات.

ثلاثة أسابيع مرت على العدوان البربري الشامل على تعز, جَنّدَ له تحالف العدوان بقيادة نظام آل سعود وحكام الامارات الوراثية قسما كبيرا من آلياتهم وجيوشهم ومرتزقتهم الأجانب مسنودين بطائراتهم وبوارجهم الحربية وجحافل مرتزقتهم في الداخل الذين تكبدوا هزائم منكرة في مناطق التماس حول محافظة تعز, وسرعان ما أعادتهم طموحات خرقاء للفار هادي للتموضع والتخندق في مناطق العمق الريفي لهذه المحافظة.

هؤلاء المرتزقة شرعوا فعلا بإشعال  جبهات حرب جديدة في الشمايتين وقرى الحجرية تهدد بقوة استقرار هذه المناطق ولا يزال قسم كبير من مراكز القوى الوطنية ومراكز التأثير المشيخية والسياسية والاقتصادية والثقافية في تعز تلتزم الصمت والحياد وكأن محاولات فلول المرتزقة إشعال الحرائق والحروب في هذه المناطق وتعريض سكانها الآمنين للغارات وعمليات القتل والتشريد أمر لا يعنيهم.

في ظل عَمًهٍ لم يفعله الضالعون في مقاولات حروب المرتزقة بمدينة تعز كانت الأيام الماضية مسرحا مفتوحا لجحافل المرتزقة الهاربين من جبهات التماس والذين اتجهوا لفتح جبهات حرب جديدة وتأمين الطرق لجحافل العدوان والمرتزقة في مناطقهم الريفية من حيفان والنشمة والمسراخ والأحكوم إلى الدمنة وحوراء سامع والحنيشة والصنة والمواسط والخضراء ووادي الحريبة والمقاطرة وفي مناطق أخرى بالوازعية وذباب وسائر الأحياء المحيطة بمدينة تعز في غياب كامل للوجهاء والمشايخ والعلماء والشخصيات السياسية والاجتماعية صاحبة التأثير والنفوذ, وفي ظل صمت وغياب الأحرار الشرفاء الرافضين للعدوان السعودي الغاشم ومخططات المرتزقة.

نعرف أن ثمة الكثير والكثير من الأحرار الشرفاء في مدينة تعز وريفها من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ومن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، لكنهم يا للأسف قاعدون في منازلهم في حال ذهول خرافية وكأنهم واثقون أن هذه الحشود الهائلة للعدوان والعملاء والمرتزقة والتنظيمات الإرهابية يقيمون مؤقتا أو يعبرون من مناطقهم فقط في طريقهم إلى “تحرير تعز” على حد تخريفات تحالف العدوان والمرتزقة. كأنهم يحتاجون إلى دليل ينزل لهم من السماء ليقنعهم بأن المرتزقة الذين ظهروا في مناطقهم ليسوا إلا مقاولي حروب ومرتزقة بالأجر وليقنعهم بالمخاطر المترتبة عن السماح لفلول المرتزقة من أبناء هذه المناطق استخدام قراهم متاريس ومنصات حرب للعدوان أو جسر عبور.

كأنهم يحتاجون إلى دليل من السماء يقنعهم بأن هذا الشر المستطير لديه مشروع يسعى فيه لإشعال حروب تهلك الحرث والنسل ويسعى إلى الزج بأبناء هذه المناطق في أتون فوضى وصراع طائفي ومناطقي يهدد حياتهم وأمنهم بشكل مباشر, وأن عليهم التحرك سريعا والمبادرة والانخراط في صفوف شرفاء الجبهة الوطنية لمقاومة العدوان والمرتزقة.

كأن مراكز القوى الاجتماعية هذه واثقة بأن جحافل العدوان والمرتزقة إن نجحت في مشروعها سوف تتركهم  يكملون حياتهم بهدوء بعدما اختاروا طريق الحياد العبثي تاركين أرضهم لوحدها تواجه مصيرها.

يا هؤلاء  عبثا تحلمون أنكم غير معنيين بالدفاع عن هذه الأرض التي منحتكم الكثير, وعبثا تحلمون أنكم ستكونون في معزل عن تداعيات الحرب والفوضى التي ستحل بقراكم والمحافظة بصورة عامة لو تركتم الغزاة والمرتزقة يدنسون هذه الأرض الطاهرة ويديرون مشاريعهم وأنتم صامتون متفرجون.

عبثا  تحلمون أن هذه الأرض وأبناءها البسطاء سيطيقون أو سيقبلون لهم نفوذا أو جاها أو مكانة إن تركوا تعز تُدنس بأقدام وآليات الغزاة.. وعبثا يحلمون إن جحافل العدوان والمرتزقة سيتعاملون معهم مستقبلا كمعطى ذي قيمة أن تحقق لهم ما يريدون.

الصامتون والملتزمون الحياد العبثي ربما يعيشون حال ذهول فلا يعون أن الشروط الذاتية والموضوعية التي حافظت تاريخيا على استمرار نفوذ مراكز القوى هذه بتنويعاتها كانت على الدوام تنحصر في دور مركز القيادة والدرع الحصين الذي يحفظ الأمن والسكينة .. وانعدامه يقود بالضرورة إلى زوال مراكز القوى, بل وشطبها من التاريخ والذاكرة في حين أن الحفاظ على هذا السياق التاريخي يعني بقاءهم أولا وبقاء  هذه المحافظة المدنية المسالمة آمنة وبعيدة عن الأجندات المشبوهة.

من يعتقد من هذه المراكز أنه سيكون في معزل عن غدر وعنجهية وإرهاب جحافل الغزاة والمرتزقة والتنظيمات الإرهابية التي تتسابق اليوم وتفعل ما بوسعها للسيطرة على المحافظة وإخضاعها للنفوذ السعودي وهيمنة المرتزقة فهو لا شك واهم .. ولعله سيقضي بالسكتة القلبية عندما يأتي اليوم الذي يخضع فيه وكل ما لديه لإمرة وأحد صغار جحافل الغزاة والمرتزقة أو الإرهابيين ذات يوم .

يا هؤلاء تعز بأبنائها وأرضها التي منحتكم الكثير تتعرض اليوم لحرب تدمير وخراب بربرية يشنها تحالف العدوان السعودي الامريكي الهمجي وهو يسعى بكل ما لديه لتحويل هذه المحافظة رأس حربة في حرب يريدها طويلة وهالكة للحرث والنسل.

تحقيق أي انتصارات مهما كانت صغيرة للعدوان  ومرتزقته سيعني قائمة استحقاقات ثقيلة سيتكبدها قطاع واسع من أبناء هذه المحافظة البسطاء الذين أثبتت الأحداث أنهم ما صمتوا وارتبكوا إلا بتأثير وسطوة البروبغاندا الدعائية.

يصعب تفهم المخاوف التي تساور الكثير من مراكز القوى والتأثير في تعز, فما جرى في عدن يكفي دليلا على فجور وطغيان العدوان ومرتزقته الذين اثبتوا للأحياء والأموات أنهم لا يحملون أي مشروع وطني سوى الفوضى والخراب.

تعلمون يقينا أن الشلل الذي أصاب مؤسسات الدولة كان سببه عصابات المرتزقة التي ظلت لشهور تمارس القتل والنهب والخراب والتدمير وتحتل مؤسسات ومرافق الدولة وتحول المدارس إلى معسكرات لتدريب المليشيا, بل وتحويلها إلى مأوى للجماعات الإرهابية والمتطرفة من كل الجنسيات.
لا مجال بعد اليوم لتلك العقليات المشوشة التي ترى في نفسها قريبة من الصف الوطني المناهض للعدوان والمرتزقة ولا تزال جامدة تنتظر انطلاق ماراثون الصفقات.
لا مجال لأولئك الانتهازيين الذين تقيدهم طموحات خرقاء بالقيادة والظهور الإعلامي عن أداء دورهم الوطني لأن هؤلاء جميعا بصمتهم واختيارهم الحياد يوفرون الغطاء السري للتحركات المشبوهة للعملاء المرتزقة من حيث لا يعلمون.

لدينا عدد هائل من المسؤولين المحليين والوجهاء والعلماء والسياسيين والمثقفين والمواطنين من أصحاب التأثير, لكن ويا للأسف جزء كبير منهم لا يزالون صامتين ومحيدين وبعضهم صامتون نتيجة جبنهم وحساباتهم الخاطئة في إمكان استهدافهم من مليشيا المرتزقة  أو من مسلحي التنظيمات الإرهابية التي نجحت في استقطاب عدد كبير من البلاطجة وأصحاب السوابق والهاربين من السجون في صفوفها وركنت عليهم في ممارسة الجرائم علنا من أجل تحقيق أهدافها في بث الرعب بين أوساط الناس.

لدينا أيضا مراكز قوى وتأثير يمثلها علماء الدين وأعضاء مجلسي النواب والشورى والمجالس البلدية, وكذلك مراكز القوى التجارية، وهؤلاء واهمون إن ظنوا أنهم ومصالحهم سيكونون في مأمن إذا ما حقق العدوان انتصارات ولو جزئية, وعليهم أن يدركوا أن أي صغير أو كبير سيمنح العدوان ومرتزقته وقودا لتغيير شروط اللعبة والبقاء والاستحواذ والسيطرة .. وحينها سيجدون أنفسهم في أسفل سافلين.

لم يعد صمتكم وحيادكم المخزي سراً, وثقوا أن هذه الأرض التي منحتكم الكثير تريد منكم اليوم أن تكونوا أوفياء معها وإن لم تفعلوا ما بوسعكم للحفاظ على أمنكم ومستقبلكم لأنكم إن لم تفعلوا فستخسرون الكثير, وثقوا أن هذه  الأرض ستلفظكم أيضا إلى مزبلة التاريخ.
قد يكون لديكم خلافات مع حزب المؤتمر والرئيس السابق أو خلافات وحسابات صغيرة مع جماعة أنصار الله يمكن تفهمها، لكن لا تجعلوها سبباً في تعاميكم عما يهدد حياتكم  ويهدد حياتنا جميعا.

أبناء تعز البسطاء والمدنيين ينتظرون المبادرة والتحرك للحشد والدفاع عن هذه المحافظة من شرور العدوان السعودي الغاشم ومرتزقته.
لا تجعلونا نصدق أنكم لا تزالون تنتظرون الصفقات ولعبة المكاسب .. لا تجعلونا نصدق أنكم لا تعرفون أن حياتكم وحياتنا ومصالحكم ومصالحنا مهددة بطوفان الليل والإرهاب القادم من الجحيم.