الخبر وما وراء الخبر

المهرّج الجديد

32

بقلم | أحمد الحسني

رغم صغرها المفرِط كدولة قياساً بالمملكة السعوديّة وَبريطانيا وَالولايات المتحدة، إلّا أن قطر لا تقلُّ شأناً في ملف الإرهاب عن أيٍّ من الدول الثلاث، وَلها دورٌ محوري في نجاح الحرب عليه، وَلم تبالغ المتحدثةُ باسم الخارجية الروسية كَثيراً عندما قالت قبل ثلاث سنوات: إن الرئيس الأمريكي لا يحتاجُ إلى تحالف دولي للقضاء على الإرهاب وَإنما يحتاج فقط إلى أن يرفعَ سماعة الهاتف وَيقولَ لحلفائه في المملكة السعوديّة وَقطر توقفوا..

قطر هي الدولةُ الوهّابيةُ الرسميةُ الثانيةُ بعد المملكة وَالمنافس الأبرز لها في تمويل السلفية الجهادية وَالأذكى باستثمار تنظيمات الإسْلَام السياسيّ في تجاوز إطارها الجغرافي الصغير وَتحقيق حضور إقليمي وَدولي أكبرَ من حجمها، وَأحسنت تقديمَ نفسها إلى الغرب كمنافس للمملكة لا تابعاً لها، بل إنها تمكّنت من قيادة المملكة وَدول مجلس التعاون الخليجي باستثناء عُمان إلى خنادق حلفائها من الجماعات الجهادية وَتنظيمات الإسْلَام السياسيّ في بلدان الربيع العربي وَالعراق، وَقد أنفقت تلك الدولُ أضعافَ قطر على حروب حلفاء قطر لتخرجَ هي محتفظةً بحلفائها من الإسْلَاميين وَالتنظيمات الإرهابية، بينما أهدرت البقيةُ ملياراتها على دعم الإرهاب وَالخطاب المناهِض له في نفس الوقت في حالةٍ من الفصام بدا فيها ابنُ سلمان من خلال تحالفاتها الباذخة وابن زايد من خلال ندوات أكاديمية الإمارات الديبلوماسية التي يرعاها مُجَـرّد مهرجين رديئين في سيرك الحرب على الإرهاب، وَمُنِيَ تحالُفُهما مع رئيس أكبر دولة عربية بالفشل الذريع في كُــلّ جولات المواجهة السياسيّة وَالإعلامية التي أعلنوها على قطر، وَصار للإمارة الضئيلة ظلٌّ حين اختار الكبارُ أن يصيروا أقزاماً.

وَمن بين كُــلِّ رُعاة الإرهاب وَمصدّريه وَالتابعين لهم بامتهان، بدت قطر وحدَها متصالحةً مع نفسها بالتزام مسار ثابت في دعم التنظيمات الأصولية وَالجماعات الإرهابية تطابَقَ فيه القولُ وَالفعلُ، لم تحلق اللحية مع حفتر في بني غازي وَتجهّز الأحزمة الناسفة مع أبو العباس في تعز كما فعلت الإمارات، وَلم تعلن الإخوان في مصر إرهابيين، وَتستضيف قادة إخوان اليمن في الرياض، وَلم تدعم الحرب على الإرهابيين في مصر وَليبيا وَتحارب بهم في اليمن وَسوريا كما يفعل بن زايد وَبن سلمان، وَلم تذهبْ لقتال القاعدة في أفغانستان وَتقاتل عن داعش في بلدان الربيع العربي كما تفعل الولايات المتحدة وَبريطانيا وَلم تفتح كتركيا أبوابَها على مصاريعها أمام إرهابيي العالم للدخول إلى سوريا ثم ترسل قُــوَّاتِها للعدوان على شعب وَأرض سورية باسم محاربة الإرهاب.

لقد دعمت قطرُ إرهابييها، حَيْــثُما حلوا دون فِصَام، وَدافعت عن المقيمين مِن قياداتهم في الدوحة بكل صراحة، وَلم تطعن من الخلف شركاءَها في رعاية الإرهاب كما فعلوا معها في مؤتمر ترامب الإسْلَامي للحرب على الإرهاب الذي استضافت الرياضُ سخافاتِه بمنتهى البذخ، وَحين يعلنُ وزيرُ الخارجية القطري من واشنطن عن مؤتمر إقليمي للحرب على الإرهاب ستستضيفه الدوحة قَريباً فهذا يعني أن المخرجَ الأمريكي قد أشار برفع الستار ليبدأَ المهرجُ تميم دورَه في فصل هزلي آخر من مسرحية الحرب على الإرهاب السمجة، وَالمرجَّحُ أن تهريجَ بن حَمَد لن يكونَ مضحكاً وَمُثيراً للسخرية كتهريج بن سلمان وَبن زايد وَأقلَّ بذَخاً، أما الإرهابُ فالمؤكَّـدُ أنه لن يُمَسَّ بسوء وَلن يصابَ إرهابيٌّ بشوكة.