الخبر وما وراء الخبر

زوامل كالصواعق قراءة أولية في حماسيات الحرب

168

بقلم د.| إبراهيم طلحة

الحلقة الأولى:
قصائد الشاعر المجاهد بسام شانع

لا نستطيع إلا أن نقف إجلالاً وإكبارًا لكل من قدم للوطن الحبيب ما جادت به نفسه أو جادت به قريحته، وبالطبع لا نستطيع أن نكافئ ما قدمه أبطال اليمن في مواجهة العدوان الغاشم، وخاصة الشهداء الأبرار، ثم الشعراء الأحرار، ونعتز بكل قطرة دم وكل نقطة حبر قدمتا في سبيل الانتصار لليمن.

وفي هذه القراءة الأولية للزوامل الحربية التي نعدها واحدة من أهم الأنماط الثقافية المحلية، نطل على مجموعة من أعظم القصائد الحماسية التي كان لها دور كبير في إلهاب المشاعر وتأجيجها واستنهاض الهمم لأجل مواجهة ما تعرضت له بلادنا من عدوان قوى الظلم والطغيان.

والزوامل قصائد شعبية تقال في الحروب، وموضوعها هو الحماسة، والزوامل اليمنية تشبه أن تكون بقايا من ترنيمة الشمس، فقد كُتِبَت بلغةٍ قوية المعنى بليغة التعبير، وتكاد مع كل بيت في قصيدة أن تكون أمام صعقة ذهنية شبيهة بتلك التي تصيبك وأنت تقرأ بيتًا لأحد شعراء العربية الكبار، وإذا كان للشعر سجدات كما قال قائل العرب الأول، فإن في قصائد الحرب اليمنية سجدات لا تعد ولا تحصى.

هل سمعتم مثلاً أبيات قصيدة الطامة الكبرى للشاعر المجاهد البطل بسام شانع؟!
حيث يقول:

ملامح شموخ الشعب يا العالم الغشيم
تحذر وتتحدى بصورة علانية
هنا آخر الدنيا وبوابة الجحيم
ومعقم سقر طوق الحدود اليمانية
وانا الطامة الكبرى وانا هولها العظيم
وأرضي جهنم واهل أرضي زبانية
وبا تشرب الغسّاق والمُهل والحميم
إلى أن تمنّى الموت في كل ثانية

نلاحظ أننا أمام استعارات بلاغية في قصيدة شعبية حماسية رتب فيها الشاعر ردود الفعل اليمنية بالتزامن مع صناعة تناص بديع مع آيات من القرآن الكريم، وتحرك بأريحية تجاه إيصال رسالة التحدي التي آمن بها، كما آمن بها جميع اليمنيين.

ويستمد شاعرنا الكبير لغة شاعريته من مخزون ثقافي إيماني، فهو يقول في قصيدة قوة الله:

يا قوة الله اهزمي كل القوى
لا قوة إلا قوة الله القوي
تسحق زحوفات اللوا بعد اللوا
تحمل ذراع الحق ذي ما يلتوي

وهو ما يتحول عبر أبيات القصيدة إلى واحد من مبادئ شاعرنا الذي يستلهم منهجه من منهج الإمام الحسين، حيث يقول:

نثبت ثبات ابن النبي في نينوى
دستورنا القرآن والنهج السوي

ونلاحظ قدرة الشاعر بسام شانع على بناء قصائده على القوافي الصعبة، وتقديم قضيته بلغة واضحة رغم صعوبة القافية، كما في قوله مطلع إحدى قصائده الأكثر شهرة، وهي قصيدة مغازي الليل:

مغازي الليل فيكم يا الغزاة أنكى
مساكم الله بما في خزنة الإيكي
ما ضحضح الفجر إلا والجثث هلكى
يسعد صباح الكلاشينكوف والشيكي

في تجاوز للأشكال التقليدية في القصائد الشعبية، فقد وظف جملاً كمساء الخير ويسعد صباحك توظيفًا ذكيًّا في سياق تهكم بالعدو وسخرية منه ومن قوته الوهمية التي لم تستطع أن تكسر اليمني بما يمتلكه من روح معنوية عالية ثابتة في كل اللحظات المهمة والملمة.