الخبر وما وراء الخبر

وزيرة الخارجيّة السويديّة تضرب ثانيّة وتؤكّد أنّ إسرائيل تعدم الفلسطينيين بدون محاكمة ووزيران أوروبيان يُلغيان زياراتهما لتل أبيب

138

تشهد العلاقات الإسرائيليّة مع دول الاتحاد الأوروبيّ أزمات متلاحقة وبوتيرةً عاليةٍ، فهذا الأسبوع فقط تمّ تسجيل ثلاثة حوادث تُعبّر عن عمق المأزق الإسرائيليّ مع القارّة العجوز، بسبب سياسات الدولة العبريّة ضدّ الشعب العربيّ الفلسطينيّ، ومحاولاتها البائسة واليائسة لفرض الأمر الواقع المتمثل بأنّ القدس الموحدّة بجزأيها الشرقيّ والغربيّ، هي العاصمة الأبديّة للشعب اليهوديّ. وفي الواقعة الأوزلى، قالت وزيرة الخارجية السويدية، مارغوت وولستروم، الجمعة إنّ إسرائيل تقوم بتنفيذ عمليات إعدام لفلسطينيين دون محاكمة.

وقالت الوزيرة في جلسةٍ في البرلمان السويدي ردًّا على استجوابٍ قُدّم لها، إنّها تدين العمليات التي ينفذها فلسطينيون ضد إسرائيليين، وتابعت قائلةً: اعتقد أن هذا فظيع ولا يجوز أنْ يحصل، ولإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وضمان أمنها، على حدّ تعبيرها. وأضافت وزيرة الخارجيّة إنّه في موازاة ذلك، الردّ الإسرائيليّ لا يجب أنْ يكون، وأقول ذلك أيضًا في حالات أخرى، إعدام دون محاكمات، أوْ رد غير متوازٍ، والذي يتسبب بزيادة عدد القتلى في الطرف الثاني، حسبما ذكرت.

وجاءت تصريحات وولستروم في البرلمان ردًّا على استجواب قدّمه ثلاثة من أعضاء البرلمان حول سياسة السويد الخارجيّة، وبأنّها منحازة لصالح الموقف الفلسطينيّ على حساب الموقف الإسرائيليّ. وبحسب موقع صحجيفة (يديعوت أحرونوت) على الإنترنت فقد هاجم السفير الإسرائيليّ في السويد، اسحاق باخمان لافي، تصريحات وولستروم، واعتبر أنّ إسرائيل تُحارب ما أسماه الإرهاب بأخلاقية أكثر مما لدى عدّة دول أوروبيّة، على حدّ وصفه.

والشهر الماضي، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، وزيرة الخارجية السويدية ووصفها بأنّها مصابة بالعمى في أعقاب مقابلة تلفزيونية في السويد بعد هجمات باريس، قالت فيها إنّ فلسطينيين كثيرين يشعرون باليأس، ويعتقدون أن لا مستقبل لهم، ويتصرفون بعنف، وهو ما اعتبرته إسرائيل محاولة للربط بين هجمات باريس والأوضاع في الأراضي الفلسطينية. وقالت في المقابلة: بالطبع، هناك ما يدعو للقلق، وليس فقط في السويد، وإنما في كافة أنحاء العالم، لأن هناك كثيرين يتحولون إلى متطرفين.

وأضافت الوزيرة أنّ ذلك يُعيدنا إلى وضع مثل الشرق الأوسط، حيث يرى الفلسطينيون أنفسهم بدون مستقبل، وعليهم إمّا تقبل الوضع اليائس أو اللجوء للعنف. وردًّا على ذلك، قال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، عمانوئيل نحشون، إنّ من ينشغل في محاولة يائسة لخلق علاقة بين العمليات الإسلامية المتطرفة وبين المصاعب القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين، يضلل نفسه وشعبه والرأي العام الدوليّ، على حد قوله. وأضاف أنّ تصريحات وزيرة الخارجية السويدية مريعة بوقاحتها، فهي منحازة بشكل منهجي ضد إسرائيل، وتظهر عداءً حقيقيًا عندما تشير إلى مثل هذه العلاقة، حسبما ذكر.

ولكنّ الحادثة الثانيّة كانت أشّد وقعًا على صنّاع القرار في تل أبيب، فقد قالت صحيفة (يديعوت أحرونوت) إنّ وزير الخارجيّة البلجيكيّ، قام بإلغاء الزيارة المرتقبة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية، والتي كانت مقررة في الفترة بين الخامس والثامن من الشهر الجاري. وأشار الوزير البلجيكيّ إلى أنّ الأمر يأتي عقب قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعليق المشاورات مع الاتحاد الأوروبي بخصوص عملية السلام في الشرق الأوسط. وقالت وزارة الخارجية البلجيكية في بيانٍ رسميٍّ إنّه نظرًا لتأثير القرار الإسرائيلي على محتوى المحادثات، قرر الوزير تأجيل زيارته إلى موعد لاحق (لم يحدده)، معربًا عن أسفه لاضطراره لتأجيل محادثاته مع الطرف الفلسطيني.

وكانت إسرائيل قد قررت تعليق المشاورات مع الاتحاد الأوروبي بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط؛، احتجاجًا على قيام بروكسل بإصدار توجيهات بشأن إزالة علامة “صنع في إسرائيل” من على المنتجات المصنعة في المستوطنات والتي تدخل الأسواق الأوروبية. وكان الاتحاد قد أكّد على أنّ قراره لا يُعبّر عن موقف سياسيّ، بل يأتي في إطار عمليات حماية المستهلك الأوروبيّ. أمّا الواقعة الثالثة، بحسب صحيفة (يديعوت أحرونوت)، فجاءت قبل عدّة أيام، عندما ألغى نائب المستشار النمسوي رينهولد ميترلينير زيارة كانت مرتقبة إلى إسرائيل أيامًا بعد إلغاء وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز زيارة كان يفترض أن يقوم بها للدولة العبريّة، في ضربة تعكس الحصار الدبلوماسي الذي تُعانيه تل أبيب.

وقالت الصحيفة إنّ نائب المستشار النمسوي، ووزير العلوم، رينهولد ميترلينير، ألغى زيارة كانت مرتقبة الأحد إلى إسرائيل، بسبب إصرار وزير العلوم الإسرائيليّ، أوفير أكونيس، على عقد لقاء معه في القدس الشرقية المحتلة، كما قالت مصادر قريبة من الحكومتين. وأكّد الناطق باسم نائب المستشار النمسوي الذي يشغل أيضًا منصب وزير العلوم في الحكومة، أن اللقاء المرتقب مع وزير العلوم والتكنولوجيا والفضاء الإسرائيلي أوفير أكونيس ألغي لكن بدون إعطاء تفاصيل.

وبحسب معلومات التي نشرتها الصحيفة الإسرائيلية، فإنّ ميترلينير كان يفترض أنْ يصل إلى إسرائيل الأحد لبحث التعاون العلمي مع أكونيس الذي يعتبر من الصقور في الليكود حزب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، إلى جانب مواضيع أخرى. وحذّر مكتب الوزير النمسوي من أنه لن يحضر لقاء، يعقد في مكان يتجاوز خطوط 1967، واقترح أن يلتقي كونيس في فندق بالقدس الغربية أو في الكنيست، إلا أن أكونيس أصرّ على عقد اللقاء في مكتبه أو عدم عقده على الإطلاق.

وقال الناطق باسم أكونيس إنهم، أيْ في النمسا، كانوا يريدون لقاء الوزير الذي قال إنّه يرحب بذلك، وظن أنه سيكون من المناسب عقد اللقاء في مكتبه، في حي الشيخ جراح، في القدس الشرقية المحتلة. من ناحيته قال الوزير الإسرائيليّ أكونيس للصحيفة العبريّة إنّ بلاده لن تسمح للنمسا ولا لغيرها من الدول بتقسيم القدس، وأضاف أنّه مع كلّ الاحترام للوزير النمساويّ، فإنّ مكاتب الحكومة المًتواجدة في حيّ الشيخ جرّاح، هي جزءٌ لا يتجزأ من عاصمة إسرائيل، القدس المُوحدّة، بحسب تعبيره. هذا ولا يعترف الاتحاد الأوروبيّ وكذلك القسم الأكبر من المجموعة الدولية بضمّ إسرائيل القدس الشرقية بعد احتلالها إثر حرب 1967، ويعتبرها منطقة محتلّة.

*رأي اليوم