الخبر وما وراء الخبر

خارج نطاق التغطية

74

ذمار نيوز | مقالات 22 جماد أول 1440هـ الموافق 28 يناير، 2019م

بقلم | عبدالفتاح علي البنوس

رغم ما يعانيه الوطن من ويلات وأزمات وظروف صعبة وأوضاع معقدة جراء العدوان الغاشم والحصار الجائر ، إلا أنه لا يزال هنالك بعض الوزراء والمسؤولين مدنيين وعسكريين ومشائخ ووجاهات اجتماعية ونخب سياسية وقيادات حزبية وأكاديميين ومثقفين وإعلاميين ونشطاء حقوقيين ودبلوماسيين خارج نطاق التغطية الوطنية ، يغردون خارج السرب ، البعض يلزمون الصمت ، والبعض الآخر ينتظرون اللحظة التي يتم فيها حسم المعركة لأي طرف ليعلنوا تأييدهم له ، ويظهرون المواقف المساندة له ، ويجاهرون بذلك ، وهؤلاء جميعا بحاجة إلى مراجعة ذاتية لمواقفهم ، ولن يتحقق ذلك إلا بجلوسهم مع أنفسهم والنظر إلى القضية بإنصاف وتجرد من العواطف والمؤثرات الخارجية والتخلي عن ثقافة الأحكام المسبقة ، والتعاطي بواقعية مع الأحداث وتداعياتها والمستجدات والإفرازات التي خلفتها حتى اليوم.

وحينها أنا ثقة بأنهم سيدركون فداحة الصمت والحياد الذي كانوا عليه ، بالله عليكم الوزير في وزارته ماذا ينتظر حتى يتحرك ويسجل موقفا وطنيا مناهضا للعدوان والحصار قولا وعملا ، ولا حاجة له لأن يتخفى ويظهر في صورة المستحي وغير المندفع ، رغم أن الموقف الذي ينبغي أن يكون عليه يبعث على الفخر والاعتزاز ، ولا يوجد ما يدعو للتخفي وتعمد البقاء خلف الأضواء بدون القيام بأي أعمال ترفع من درجاته وتقييمه عند الخالق جل في علاه ، وقس على ذلك المشائخ والوجهاء والأعيان الذين نتقاسم معهم المعاناة وتداعيات العدوان والحصار والذين يتعمدون التواري عن الأنظار وعدم تسجيل مواقف علنية ترضي الله ورسوله ، وتسجل لهم مواقف وطنية يخلدها التاريخ ويفاخر بها أحفادهم والأجيال المتعاقبة ، وكذلك الحال مع القيادات الحزبية والسياسية والنخب الثقافية والأدبية والأكاديمية ، والإعلاميين والناشطين والناشطات والحقوقيين والتربويين وكافة الموظفين والمواطنين الذين لا تزال مواقفهم تجاه العدوان تتسم بالسلبية وكأن العدوان يشن على دولة في جزر المالديف أو في جزر الكاريبي .

ونحن هنا لا نطالب هؤلاء بأن يعلنوا انضمامهم إلى جماعة أنصار الله ، أو أن يلزموا ملازم الشهيد المؤسس رضوان الله عليه ، أو أن يرفعوا شعار الصرخة ، كما قد يتصور بعضهم ، فالوطن للجميع وأنصار الله والقوى الوطنية المتحالفة معه نالوا شرف الدفاع عن الوطن والذود عن حماه وهذا يضاف إلى رصيدهم الوطني ودورهم النضالي ، وعندما نطالب من هم خارج نطاق التغطية باتخاذ مواقف إيجابية والوقوف إلى صف الوطن والتصدي لقوى الغزو والاحتلال ، فإننا ننطلق في ذلك من باب الحرص عليهم والرغبة في أن يكون لهم إسهام في صناعة النصر الذي باتت بشائره تلوح في الأفق بفضل الله وتأييده.

بالمختصر المفيد، البقاء خارج نطاق التغطية رغم كل ما يشهده الوطن وما يعانيه الشعب جريمة سيسأل عنها كل الصامتين والمحايدين والمنتظرين ترجيح إحدى الكفتين ، ولنا في قصص الأمم السابقة التي حكاها لنا الله عز وجل في كتابه الكريم ما يوضح فداحة جرم المتفرجين والصامتين والمحايدين والمنتظرين لمن تكون الغلبة ، والفرصة ما تزال متاحة أمامهم للخروج عن صمتهم والتخلي عن سلبيتهم ، وتسجيل مواقف يفاخرون ويتباهون بها أمام الله و رسوله وخلقه ، وتزدان بها صحائفهم يوم العرض والحساب بين يدي مالك الملك ، يوم تعرض الأعمال وتنشر الصحف وعلى إثرها تبيض وجوه وتسود أخرى والعاقبة للمتقين .