تحت ظلال المسيرة
بقلم | سعاد الشامي
ضرب الضلال حصاره على القلوب ، وكساها رداء من الجمود ، فصارت قطع سوداء مظلمة ، لاتكاد المشاعر فيها ترى بصيصا من نور الله الساطع في الآفاق، فقط ترى الواقع بحسب مايملي عليها الجهل و يزين لها الهوى… ومع كل عتمة ليل تغالي في وحشتها وظلمتها تنفتح نافذة أمل كانت هذه المرة من نصيب أمل…
أمل فتاة يمنية تمتاز شخصيتها بعنفوان الشموخ والأباء ، وقفت لحسن حظها امام نافذة امل فأشرق قلبها، وهاهي تحكي حكايتها قالت أمل :كان حب الله ينبت في قلبي ، وينبض في عروقي ويجري مع أنفاسي ، وكنت غالبا ماأحضر كل مجالس الذكر التي كانت تقام في حارتنا والتحقت بمركز لتحفيظ القرآن وحفظت اثنا عشر جزء من القرآن ، ومن ثم وكلوا لي مهمة أقامة المحاضرات والتي تحتوي بداخلهاالأفكار الوهابية اللعينة والتي كنت أعتقدها لب الإسلام ، ولكن غالبا ماكان يرافقني شعور الضيق والتيه وعدم الرضا بماأقوله خاصة في طرح المسائل التحريضية بين المؤمنين بشكل طائفي وعنصري وظليت هكذا فترة من الزمن..
أسرتي هي أسرة وهابية بالدرجة الأولى وتحمل الحقد الكبير لما يسمونهم الحوثيين وأثناء فتنة عفاش كان أخي الأكبر يضحك بصورة فاضحة وهو يقول قرح رأسك ياحوثي وحينها فتح التلفزيون وقال هيا أبسروا هزيمة الحوثي مدويه في كلامه ، وكانت أول مرة أسمع كلمة للسيد عبدالملك سلام الله عليه وحينها لم أرى مثله الروح الانهزامية وأنما رأيت الإنتصار الحقيقي لكل المبادئ والقيم الدينية والوطنية وغمرني أحساس غريب جعلني بعدها أظل أبحث عن كلمات السيد عبدالملك واسمعها سرا مع أخي الأوسط والذي كان يشبهني كثيرا بالتفكير..
أخبرتني صديقتي بوجود مجلس عزاء ستحضره ثقافية من أنصار الله بدلا عني وحينها أمتلكتني رغبة بالذهاب إلى هناك والإستماع إليها ، وكانت محاضرتها معنونة بالأخوة الإيمانية وكان لطرحها جاذبية غريبة كلما نطقت بكلام الله وربطته بواقع الحياة ودعت إلى التآلف والمحبة بين أفراد المجتمع ..
رجعت منزلي وكلي حسرة وندم على تلك السنين التي كنت أعتقد فيها بأني أوصل هدي الله وماكنت بالحقيقة إلا ناقلة لأفكار شيطانية تسعى إلى تدجين الأمة الأسلامية وبث سموم الحقد والكراهية في المنهج الإيماني القويم..
ورغم ترددي بالبداية شاءت إرادة الله وأقتضت حكمته أن أحضر أول دورة ثقافية وهناك و تحت ظلال المسيرة القرآنية وجدت المجتمع المؤمن القوي بكل أطيافه والذي طالما تاقت أفكاري إليه ، فهناك لا تعصب سلالي ولا أسري ولا طائفي ولامناطقي ولا أثر لمسميات الحقد والكراهية كما كانت تشاع بيننا ، هناك كوني ماكنتي وبنت من كنتي ومن أي مدينة أو قرية أو أسرة أو مجتمع فأنت المكرمة بمقياس تقوى الله وتقوى الله فقط وأنت بنت المسيرة مادام وثقافةالقران بين جوانح قلبك وفي واقع أفعالك.
اليوم ولله الحمد والمنة أصبحت عاملة في سبيل الله وأنا وزميلاتي نشكل أروع فريق جهادي يعمل بصورة جماعية، ونسارع فيه إلى إيصال هدي الله ونستلذ معا بكل لحظة نبذل فيها من أموالنا وجهودنا ونساهم في نصر دين الله والوقوف مع عدالة قضيتنا ومظلومية شعبنا ، وأدركت فعلا بأن العبادات إذا فرغت من المسؤولية الجهادية فقدت قيمتها وضاع أثرها لأن حمل الروح الجهادية هي المعيار الفعلي لصدق الإنتماء الإيماني ، كما أدركت بأن حبي لله الكبير هو الذي جعله يحبني اليوم ويبصرني طريق الحق ويمنحني هذا الفضل ويصطفيني للجهاد في سبيله والتي هي نعمة لخاصية أوليائه ، لايدرك قيمتها إلا المخلصين من عباده ، فالويل كل الويل لمن لا يقدر هذه النعمة المقدسة ولايمشي تحت ظلالها.