الخبر وما وراء الخبر

لماذا يَقْلَق الإسرائيليّون مِن صَمْتِ السيّد نصر الله أكثَر ممّا يَقْلَقُون مِن أحاديثِه؟

38

ذمار نيوز.| صحافة دولية 11 جماد اول 1440 الموافق17 يناير

إذا تَحَدَّث السيّد حسن نصر الله، زعيم “حزب الله”، يَدُب القَلَق في قُلوبِهم، ويَبْدأون في تَحليلِ كلمات خطابه كلمة.. كلمة، وإذا صمَت يَقْلَقُون أكثَر ويبْحَثُون عَن السَّبَب، فالصَّمت عِندَما يأتِي من شخص في مَقامِه “مَوقِف”، ورُبّما الاستِعداد لمُفاجآتٍ قادِمةٍ، مِن بَيْنِها الحَرب.

هكذا نفهم في هذه الصحيفة “رأي اليوم” تصريحات يسرائيل كاتس، وزير الاستِخبارات الإسرائيلي، ومسؤولين إسرائيليّين آخرين، وإن كُنّا نَختَلِف مع مُعظَم تَفسيراتِها لهذا الغِياب، إنْ لم يَكُن كلها، التي بَدَت سطحيّةً وغير مُقنِعَةً.

الوزير كاتس قال إن صمت السيّد نصر الله وعدم خُروجِه إلى العَلن عائِدٌ إلى حجم الصَّدمَة التي تَلقّاها بسَبب قِيام إسرائيل بتَدمير الأنفاق الهُجوميّة التي كانَت تَختَرِق الحُدود باتِّجاه المُستَوطنات في الشمال، في إطار ما يُعرَف بعَمليّة “درع الشمال التي اعتَمدت على الذَّكاء التكنولوجيّ، وساهَمت بشَكلٍ كَبيرٍ في إزالَة الخَطَر الذي كانَ يُهدّدها، أيّ المُستَوطنات، على حَدِّ قَولِه.

عندما نقول أنّ هذا التَّفسير سَطحيّ لأنّه يَفْتَقِد إلى عُنصُر المِصداقيّة، وغير مَدعوم بأدلّة علميّة، فمَسرحيّة تدمير الأنفاق هذه لم تنْجَح في إقناعَ الإسرائيليّين أنفسهم، ووصفها الإعلام الإسرائيليّ بأنّها مُحاوَلةٌ مِن بنيامين نِتنياهو لحَرفِ الأنظار عَن اتِّهامات الفَساد التي تُلاحِقه وزوجته، وتَوصِيَة المُحَقِّقين في الشُّرطَة للنائب العام بمُلاحَقته قَضائِيًّا.

نِتنياهو ذهب إلى مجلس الأمن الدوليّ شاكِيًا، ولم يَحصُل حتّى على بيانِ إدانة لـ”حزب الله” ورئيسه، لأنّ كل ما قدَّمه مِن وثائق وأدلّة حول هذه الأنفاق نَسَفتْها شَهادات خُبراء قوّات المُراقبين الدَّوليّين على الجانِب الآخَر مِن الحُدود، فكَيف يُمكَن أن يُشَكِّل نَفَقًا بطُولِ 40 مِتْرًا في الجِهَةِ الفِلسطينيّة الأُخرَى مِن الحُدود خَطَرًا على مُستَوطنات تَبعُد أكثَر مَن كيلومترين في مُعظَم الحالات؟ ثُمّ هل أدّى اكتِشاف إسرائيل لأنفاق لحركة حماس على حُدود غزّة مع دولة الاحتِلال إلى إصابَتها بالصَّدمة، واختِفاء قادَتها عَن الأنظار واللُّجوء إلى فَضيلةِ الصَّمت؟

صمت السيّد نصر الله رُبّما يعود إلى استِخفافَه بهذه المَسرحيّة الإسرائيليّة التي لا تَستحِق الرَّد لأنّه في هذه الحالة يُعطِيها بعض المِصداقيّة، ورُبّما أيْضًا لتَبَنِّيه استراتيجيّة في الحَرب النَّفْسيّة لإرباكِ العَدو، والتَّلاعُب بأعْصابِه.

الإسرائيليّون يُسَرِّبون الإشاعات حول السيّد نصر الله واحتماليّة مرضه، كنَوعٍ مِن الضَّغط لإجبارِه على الخُروج علانيّةً للرَّد غير المُباشِر، ولكنّه والمُحيطين بِه مَن خُبَراء يُدرِكون قواعِد هذه اللُّعبَة جيّدًا، ولا يَقَعون في مِصيَدتها بِسُهولَةٍ.

كُلنا ثِقَة في أنّ السيّد نصر الله سيَخْرُج إلى العَلَن، وفي الوَقتِ المُناسِب، ليَقول شَيْئًا أو أشياءً رُبّما، تُشَكِّل مُفاجأةً كُبْرَى ستَزيد أعداءه، الإسرائيليّين خُصوصًا، قَلَقًا ورُعبًا.. ومَا عَلينا غير الانْتِظار.