سوق الربوع في ذمار: الهوية الذمارية الأولى.
ذمار نيوز|خاص | إستطلاع: فؤاد الجنيد 7 جماد الاول 1440هـ الموافق 13 يناير 2019م
للوهلة الأولى يبدو وكأنه أزقة متفرعة لمحراب جامع، أو كمتاهة كبيرة ومظلمة لإحدى مستويات لعب الجافا، لكن بمجرد أن تصل إليه وتدخل أعماقه ستجده رمانة طازجة ملئت جوانبها بدرر الباعة والمرتادين، وفي احضانه تأريخ دافئ لا يزال ينبض بالهوية والعراقة والأصالة، إنه سوق الربوع، السوق الأول والاشهر في مدينة ذمار، والمكان الأكثر شعبية وارتيادا في الحقب الماضية والحالية.
السوق في سطور
يعد سوق الربوع في مدينة ذمار، المعلم الأبرز للمدينة وهويتها، وواحد من المآثر القديمة الهامة التي يعود تأريخها إلى القرن التاسع عشر الميلادي، ويحتضن بداخله كوكتيل من الحاجيات التي تفترش شوارعه وازقته ودكاكينه الصغيرة، ويضم باعة متجولون على جنبات السوق بأسعار أقل من تلك التي في الحوانيت، إلى جانب أسواق عدة رئيسية وفرعية مثل سوق الخضروات والفواكه والمأكولات الشعبية والمشويات والحبوب، وسوق آخر للملابس الجاهزة بأنواعها، ومحلات الذهب والحلي والعطور والمشغولات اليدوية، ولعل ما يميز سوق الربوع ويستقطب الزوار والزبائن هو سوق السلاح والجنابي والحرف اليدوية القديمة.
تسمية الزمان والمكان
سمي سوق الربوع بهذا الإسم نسبة إلى يوم الأربعاء، حيث يتجمع الناس كالعادة في هذا اليوم من كل حدب وصوب للتسوق والبيع والشراء، وتتوافد القبائل من مختلف مديريات المحافظة للتسوق وشراء الحاجيات التي يوفرها السوق، ناهيك عن الاتجار بالبضائع والمنتجات.
مداخل وفروع
لسوق الربوع ثلاثة مداخل رئيسية ومداخل فرعية متعددة، ويتقاطر الناس رجالا وعلى سياراتهم من جميع المداخل، حيث تأخذ الخضروات والفواكه والوجبات الخفيفة والفلافل مكانها البارز على جنبات المداخل، وتتنوع الدكاكين الصغيرة يمنة ويسرة داخل السوق المرصوف بالحجر الأسود، ولكل زائر ومشتري ضآلته التي يبحث عنها ولا يجدها إلا في هذا السوق.
في الجانب الآخر تبرز بسطات للأدوات المنزلية، وخلفها ركن شهير تباع فيه الدواجن والأرانب والحمام والبيض البلدي، وكذا بعض الطيور النادرة كالصقور والعصافير، وبالقرب من تلك النقطة تجد اللبن والجبن والمشاقر الطبيعية والريحان.
منتجات الهوية
في داخل السوق تتعدد حوانيت متجاورة تباع فيها الخناجر اليمنية الأصيلة المصنوعة من الفضة، وتعرض الجنابي الثمينة ولوازمها، وفيها يجد المتسوق طلبه من أول حانوت، كون صانعوها لم ينجروا نحو المقتنيات الحديثة ذات الطابع الكلاسيكي المستورد، وأستطاعوا أن يحافظوا على التراث اليمني التقليدي العريق، ولا زالوا يستخدمون خبرتهم الماضية وادواتهم البسيطة في الزخرفة والنقوش، واللمسات الجميلة التي تحمل في طياتها الموروث اليمني الجميل. كما يحوي السوق بداخله على أكثر من كير لصقل وتهذيب القطع الحديدية التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بالمزارع الذماري كالفؤوس والمعاول والعطوف والقطع الحديدية الخاصة بالمحاريث، ومحلات لبرد السيوف والسكاكين وغيرها من الأدوات الحادة المستخدمة في ذبح المواشي.
قبلة الموالعة
يتوسط السوق مكان واسع ملتو لبيع وشراء القات، ويزدحم ظهرا بالمئات من مرتادي السوق لشراء القات المتنوع من حيث الشكل والحجم والموطن، ويشهد اسعارا منخفضة مقارنة بباقي الأسواق المتوزعة في المدينة، وفي جانب من جوانب السوق القديم، تنتشر مواد التحلية والحلويات كالرواني والشعوبية والبسبوسة، وكذا مشروبات محلية الصنع كالزنجبيل والزبيب والشعير، وتضاف إليها نكهات حسب الطلب ومشروبات طاقة أخرى، وتزدحم هذه المحلات بابناء المدينة في فترة الظهيرة وتحديدا موعد شراء القات.
ملبوسات ومطرزات
في أقصى السوق القديم سوق الملابس التقليدية والحديثة والمطرزات، ويتخصص كل محل ببضاعة معينة شكلا ونوعا، وتتجاور المحلات وبداخل كل محل ما يميزه عن الآخر، وهناك محلات خاصة بالقطع القماشية المتنوعة التي يعكف الخياطون على شرائها لعمل الملابس والفساتين وسائر المنتجات القماشية. وفي المدخل الجنوبي تجد محلات الذهب والمجوهرات بشتى أنواعها، وتتنافس في الأسعار بيعا وشراء، وتحوي بداخلها أشكال وقوالب متنوعة وفريدة من القلائد والطقومات والأحزمة والأساور، ومساحة ملونة من الخواتم والخروص والذبائل.
المدرسة الشمسية
حين تخطو بقدميك على ثرى سوق الربوع، وتمتع ناظريك بمناظره العتيقة والبديعة، تكون المدرسة الشمسية قبلتك الأولى، فهي معلم خالد، وكنز ثمين لا يفطنه إلا أولي الألباب. بناء بديع، ومحتوى مدهش، ومخرجات ثرية وغزيرة بالمعارف والعلوم. تقع المدرسة الشمسية في حي الجراجيش غرب السوق القديم، وهي صاحبة دور مهم في نشر العلوم الشرعية واللغوية، حيث التحق بها وتخرج منها في العصر الحديث كوكبة من علماء اليمن وشعرائها المتميزين، أمثال الشاعر اليمني الكبير عبد الله البردوني، والشاعر إبراهيم الحضراني، وأحمد عبد الوهاب الوريث، وزيد الموشكي، والمقرئ محمد حسين عامر، والمؤرخ الشهير محمد بن علي الأكوع، وأخيه المؤرخ إسماعيل بن علي الأكوع.