الخبر وما وراء الخبر

ذكرى الشهيد وثقافة الإستشهاد

69

كتبت __إكرام المحاقري

من قبس نور القرآن الكريم الساطع ومن بين أياته العظيمة التي أنزلها الله مفصلة وبينة لقوم يفقهون ، هنا توجد ثقافة كريمة يتثقف بها الصادقون من عباد الله المؤمنين ، ثقافة لا تهاب الموت ولا تخشى كيد المعتدين ، تثقف بها أصحاب الصدور العارية والأقدام الحافية والقلوب التي تمتلئ قوة إيمانية وحكمة يمانية ، فبهذه الثقافة أنكسر قرن الشيطان وتعرت كل قوى الوهابية الصهيونية وأصبحت ورقة هشة لا قيمة لها ولا خوف منها ، وبهذه الثقافة التي تثقف بها رجال الرجال في اليمن ، هاهي اليمن وخلال ما يقارب ال 5 أعوام صامدة منتصرة شامخة عصية في وجه قوى الإحتلال الماردة.

تلك هي (ثقافة الإستشهاد ) ومع حلول مناسبة إسبوع الشهيد نستلهم من تضحات الشهداء وقوة مواقفهم عظيم ثقافة الإستشهاد في سبيل الله وبيع النفس من الله والمتاجرة بالروح والمال والولد في سوق هي سوق الجنة التي دل الله عباده المؤمنين عليها وتاجر بها معهم فنعم هي تلك التجارة، ونعم هي تلك الثقافة التي عندما تخلت الأمة عنها فقدت عزتها وكرامتها وأصبحت أمة محبة للدنيا خاضعة للظالمين معبدة نفسها لاهوائها وللشيطان الرجيم.

وفي قلب القرآن الكريم ومن بين صفحاته العطرة والطاهرة يوجد أيات هي كفيلة على أن تكون للأمة الإسلامية منهج كافيا لتهتدي بها ولتستضيئ بنورها في ظلمات الظلال والإنحراف الخطير التي فتك بها ، وماهذه الأيات إلا دليلا كافيا على أن الأمة الإسلامية بخنوعها للطاغوت بعيدة عن القرآن وعن الله سبحانه وتعالى.

هنا وفي بعض الأيات يقول تعالى ( إن الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والأنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله ) كذلك قوله سبحانه وتعالى ( يأيها الذين ءامنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون
في سبيل الله باموالكم وأنفسكم ذلكم خيرا لكم أن كنتم تعلمون )

وكذلك قوله جل في علاه( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتا بل احياء عند ربهم يرزقون )

فكل من فهم هذه الأيات الباهرات وعمل بها في واقع الحياة هو حقا يتثقف بثقافة الإستشهاد ، فهذه الأيات المهمة أصبحت مغيبة بشكل كبير وشامل عن واقع حياة المسلمين وعن مناهجهم الدراسية وعن مواقفهم في تعاملهم مع اعداء الله واعداء الإنسانية ، وما غيبها غير اليهود بايدي وهابية عميلة ترتهن للوبية الصهيونية ، وهاهي الأمة الإسلامية تجني اليوم ثمن تفريطها في هذه الأيات وعدم العمل بها في مواجهة الباطل حسرات وندامة وخزي مبين.

فكل من تفكر في مواقف الشهداء الخالدة وفي تضحياتهم العظيمة وفي كل مابذلوه من أجل دين الله ومن أجل قضيهم لابد أن يقف ليسأل نفسه من أين لهم كل تلك القوة والصلابة!!

ولماذا يرمون أنفسهم أمام النار بينما العدوا يولي الادبار ، هنا القرأن الكريم هو من سيجيب على كل هذا قائلا عن رجال الرجال ( من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلو تبديلا ) لم يبدلو مواقفهم ولم يبدلو دينهم الحق بدين أخترعه اليهود وقدموه للمسلمين في كتب أختطوها بأيديهم وجعلوها للمسلمين منهج يقبل بهم ويخضع لهم ويجعل من الأمة الإسلامية أمة ضعيفة هزيلة لا تستطيع أن تدافع عن نفسها أمام اعدائها ، أمة مصلية للسلام مع من لا يعرفون السلام.

كذلك ثقافة الإستشهاد هي نفسها الثقافة القرآنية التي أرادها الله لنا كخير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتذود بنفسها من أجل عزتها وكرامتها ، تأبى الضيم وتأبى القهر ، وتأبى الهوان ، وتأبى أن تركع لغير الملك الديان ، فمن يتثقف بهذه الثقافة يعيش عزيزا ويموت عزيزا ويلقا ربه عزيزا كريما ، لأنها منبع للعزة والكرامة ، وهي سبيل الثبات في مواجهة الأعداء ودعسهم وإيقافهم عند حدهم وتعريفهم قيمتهم الرخيصة في ساحات القتال.

ختاما ثقافة الإستشهاد هي الثقافة الوحيدة التي سترد للأمة حقها وستخلص القدس وتحررها من بين أيدي اعدائها الصهاينة ، و ستخلص البيت الحرام من تحت هيمنة بني سعود مصاصوا الدماء الأنذال ، وستخلص المسلمين جميعهم من القيود التي في أيديهم وستخرجهم من عبادة الأعجال الطاغوتية إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فثقافة الإستشهاد هي من ربت رجال الرجال على كلمة واحدة هي نحن لا نهاب الموت لأنه أحب إلينا أن نقتل في سبيل الله.

#ذكرى_إسبوع_الشهيد