الكلاب الضآلة في ذمار: عصابات الناب الأبيض.
ذمار نيوز | خاص | تحقيق: فؤاد الجنيد 14 ربيع ثاني 1440هـ الموافق 21 ديسمبر، 2018م
كثيرة هي القضايا التي تتراكم تباعا وتنهك كاهل المواطن اليمني، وعديدة هي الظواهر التي تقض مضجعه، وتشكل إضافة جديدة لحنظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي جاء بها العدوان الغاشم على البلاد، وافرزت تداعياتها تبعات تزيد من حجم المعاناة وتتطلب التدخل السريع لاجتثاث أسبابها وتعليلات تواجدها وتفاقم مخاطرها.
جحافل مسعورة
يعاني سكان مدينة ذمار من ظاهرة انتشار الكلاب الضالة “المفترسة” والمتشردة، والتي أضحت تشكل خطرا على حياة سكان المدينة، وتنتشر بشكل متكرر في محيط الأسواق العامة والمركزية، وفي أزقة الحارات وممرات الطرق وارصفة الشوارع وكذا وسط المدينة، حيث تبحث عن بقايا الطعام وبقايا اللحوم وأحشاء الدجاج التي يستغني عنها بعض الجزارين وأصحاب المطاعم، ومخلفات المطابخ المنزلية التي تتوزع يمنة ويسرة على امتداد المدينة وصناديق النفايات، خاصة في الصباح الباكر وفي الساعات المتأخرة من الليل، الأمر الذي أصبح يهدد المتوجهين في الصباح الباكر إلى العمل وكذا الطلبة بمختلف أطوارهم وأعمارهم فضلا عن المترددين على المساجد لأداء صلاة الفجر وكل عابري السبيل الذين يسلكون ممرات مفاجئة في الليل باستخدام إضاءة الجوال أو الولاعة بالتزامن مع إنقطاع الكهرباء التام على المدينة منذ ثلاثة أعوام بفعل العدوان البربربي على البلاد.
خطر وضحايا
وللإشارة، فإن الكثير من المارة تعرضوا أكثر من مرة لهجمات مفاجئة من طرف الكلاب الضالة التي تضايقهم بشكل كبير خاصة الأطفال الصغار والمسنين، وصارت تعيق حركة الحياة اليومية حيث يرفض الأطفال خدمة والديهم من البقالات والمحلات التجارية المجاورة لمنازلهم خوفا من تجمعات الكلاب. وقد شهدت مستشفيات ذمار عشرات الحالات بسبب عض الكلاب، وبعضها تسببت بخدوش وجروح خطرة خصوصا وجوه الأطفال وسيقانهم.
لا معالجات جذرية
ورغم الحملات المتقطعة والارتجالية للقضاء على الكلاب الضالة التي نشهدها مرة كل عام، ومنها تسميم الكلاب، إلا أن مدينة ذمار تشهد عودة مخيفة لهذه الحيوانات التي من الممكن أن تكثر اصابتها بداء الكلب، الأمر الذي من شأنه أن يشكل خطرا حقيقيا على صحة الأطفال والنساء وسلامتهم، فضلا عن حالة الإزعاج الدائمة التي يسببها نباحها المتواصل طيلة الليل، ما يثير خوفا وهلعا وسط السكان من خطر انتشار الأمراض المتنقلة كالجرب وداء الكلب. وحسب بعض شهود العيان فإن الغريب فيها أنها لم تعد تتجول بشكل فردي بل في شكل جماعات وتهاجم أحيانا من يحاول طردها وتجتمع في أماكن مختلفة يصل عددها إلى عشرات الكلاب، كما تقوم بنقل القاذورات بين منازل المواطنين، مما يزيد من خطورة انتشار الأمراض والأوبئة، – وحسب قول الشهود ـ فإنه لا يمكن منعها بسبب كثرتها وتجمعها في آخر الليل، واحيانا تجاهر بهجومها في وضوح النهار.
حملة سابقة
في شهر فبراير الماضي دشن مكتب التحسين بالمحافظة حملة واسعة للقضاء على الكلاب، ويومها تحدث مدير مركز مكافحة داء الكلب بهيئة مستشفى ذمار العام الدكتور محمد سيلان عن الحملة، مؤكدا انها كانت موفقة رغم كونها جاءت في ظل إنعدام الأدوية واللقاحات لداء الكلب وارتفاع سعر الجرعة الواحدة في السوق الدوائي لأكثر من 5الاف ريال، لافتا أن الإصابات للعام الماضي، تجاوزت 2500 إصابة ومقتل أكثر من 12 شخص جراء عضات الكلاب المسعورة، وكانت نسبة الإصابات في محافظة ذمار معظمها من الأطفال والنساء.
كلاب وطنية
ورغم المعاناة التي يعيشها سكان المدينة بفعل الكلاب الضالة ونباحها وازعاجها إلا أن ذلك لا يلغي مدى تقديرهم واجلالهم لنباحها الغاضب الذي نسمعه أثناء كل تحليق وقبل كل قصف لطيران العدوان، وهي مشاعر حيوانية فطرية اثبتت ولاءها وخوفها على الوطن أكثر من أولئك المحتفلين والمبتهجين والمتمايلين فرحا مع ايقاع كل قصف وموال كل انفجار.
حقوق البشر أولا
ومع كامل تقديرنا لحقوق هذا الحيوان في البحث عن لقمة العيش، خصوصا في ظل هذه الظروف القاسية التي جعلت توفير الخبز للبشر أنفسهم مهمة صعبة، فإن سكان مدينة ذمار يجعلون حقوقهم في المقدمة، ويدقون ناقوس الخطر بسبب ما آلت إليه ظاهرة انتشار الكلاب الضالة بهذه الصورة المستفحلة، خصوصا مع الأضرار الصحية الجسيمة التي تسببها، ويطالبون السلطات المعنية بالتدخل العاجل من أجل وضع حد للانتشار الكبير لهذه الحيوانات المتشردة، وذلك عن طريق شن حملات خاصة بتطهير المنطقة من الكلاب الضالة التي يتضاعف عددها من يوم إلى آخر بشكل مستمر، مع دعوة بعض مربي الكلاب إلى تلقيحها وعدم تركها تتجول بحرية قبل أن تتحول من حيوانات أليفة إلى حيوانات شرسة تهدد الأمن العام.