الخبر وما وراء الخبر

مآلات ستوكهولم

42

بقلم | د. عبدالملك عيسى

تتضارَبُ التقديراتُ حول مصير مشاورات السويد، بين متشائمٍ ومتفائلٍ، وكُــلٌّ له حُجَّتُه، ما بين سيناريوهات متعددة، لكن هناك سيناريوهان أساسيان:

الأول: الالتزامُ بشكلٍ أكيد بالاتّفاق وتطبيق كافة بنوده، وهذا سيناريو يستلزمُ قراراً أمريكياً إماراتياً قوياً وملتزماً، وهذا ما لا يبدو أنه متوفر، بل متعذر؛ كون جبهة الساحل الغربي تعتبر معركةً أمريكية إسرائيلية بامتياز، ومؤشرات ذلك كثيرة كرسالة وزير خارجية المرتزِقة، خالد اليماني، الذي يتنصَّلُ فيها من بعض الالتزامات، وكُتِبَتْ هذه الرسالة بناء على إيحاءات أمريكية وطلبات إماراتية، كما من مؤشرات هذا السيناريو التصعيد العسكريّ الأخير حتى ليلة الثلاثاء، وبقُـوَّة شديدة وغارات طيران مكثّفة؛ بُغيةَ تحقيق أي خرق من أجل المقايضة به على طاولة التفاهمات أَوْ لاعتبار المشاورات غير ذات جدوى بعد تحقيق تقدُّمٍ على الأرض، إذ لو كانت لدى أمريكا النيةُ الحقيقيةُ لإنجاح الاتّفاق لاتّخذت قراراً بمجلس الأمن الدولي لتثبيت الهُدنة، وهذا ما لم يحدث، ويعودُ ذلك لسببين أن العدوانَ على اليمن يحقّقُ لأمريكا أمرين هامين، هما دعمُ الميزانية الأمريكية بالأموال السعوديّة، وتوفير فرص عمل للشركات الخَاصَّة ببيع السلاح، كما يوفر لأمريكا شنَّ حرب جيوسياسيّة للسيطرة البحر الأحمر باستخدام أدوات محلية من سلفيين جنوبيين وغيرهم وأموال خليجية لتحقيق مصالحَ إسرائيلية أمريكية صرفة.

السيناريو الثاني: هو نجاحُ هذا الاتّفاق، ويبدو من مؤشراته الضغط الذي مارسه وليُّ عهد مملكة الإرْهَـاب بن سلمان على وفد المرتزِقة؛ لتوقيع الاتّفاق، وهذا ما برز عبر إحاطة مارتن غريفيث، حيث عبَّرَ عن شكره لبن سلمان على دوره في للاتّفاق وينبع وجاهة هذا التفاؤل من الضغط السياسيّ والحقوقي الممارس على مملكة الإرْهَـاب كما يدفعها لضرورة الانحناء للعاصفة والقبول بالحد الأدنى من أي اتّفاق ينقذُها من التركيز الإعلامي المسلّط عليها عبر الإيحاء بأنها دولة تسعى للسلام وأن وليَّ عهدها شخصيةٌ مسئولة وليست متهورةً كما يتهمُه الكونجرس الأمريكي.

عيبُ هذا السيناريو أن هناك تناقُضَ مصالح ما بين الإمارات والسعوديّة، فالإمارات ليس لديها هذه الاعتبارات، ولا تعاني من نفس العُزلة الدولية التي تعاني منها السعوديّةُ، مما قد يؤدي بالإمارات لإفشال التفاهمات تحت وَهْمِ السيطرة بالقُـوَّة العسكريّة على ميناء الحديدة.

ما نستنتجُه من هكذا سيناريوهات أن التعويلَ في كُــلّ هذه العملية ليس إلا سواعد أبطال الجيش واللجان الشعبيّة الذين هم وحدَهم بعد الله وتحت قيادة قائد الثورة السيد القائد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي هم المعوّل عليهم؛ لإفشال هذه المُخَطّطات سواء صَحَّ أول السيناريوهات أم ثانيها، فالقاعدةُ السياسيّة الذهبية تقول: إن ما يحقّقه العسكر على الأرض يصرف السياسيّ على طاولة المفاوضات.

مآلاتُ ستوكهولم ستظهر خلال أيام وسيكون أَكْثَـــر وضوحاً أين ستتجه الأمور من خلال ما سيتخذ من خطوات بحسب التفاهمات، وسنرى هل ستمضي إرَادَة السعوديّة أم مصالح الإمارات أم طمع أمريكا؟!.

وفي كُــلّ الأحوال، فرجالُ الله مستعدون لكل السيناريوهات ومن خلفهم أبناء مدينة الحديدة الشرفاء الأبطال وكل أبناء الشعب اليمني.