الخبر وما وراء الخبر

“إنتصار السياسية الإنسانية”

53

بقلم | سعاد الشامي

تمادت دول العدوان في غيها وأوغلت في إجرامها؛ وأمعنت في التفريط بحرمة النفس البشرية، وتهاونت بالدم اليمني، وفرطت بكل القيم الإنسانية؛ وتبين إصرارها على استخدام كل الأساليب التي تزهق الأرواح وتهلك النفوس.

كان محمد بن سلمان قد سمع دعوة البيت الأبيض بشن العدوان على اليمن والتي يعتبرها النظام الأمريكي في العصر الحاضر العائق الأقوى في وجه مشروعه الإمبريالي المتخصص باستعباد شعوب الأرض ونهب ثروات العالم؛ فتهيأ بن سلمان لتلبية هذا النداء الأمريكي، وجاشت في نفسه نزعة الحقد والإنتقام المتغلغة بالصدور الوهابية والمتوارثة عبر حكام آل سعود؛ واختلجت في فؤاده عوامل الشوق لإعادة هذا الشعب مجددا إلى وصايته بعد أن تمرد على عيش الذل والخنوع .

ولكن كان هذا المطلب بعيد المنال بالنسبة لليمنيين الأحرار واتجهت أنظارهم إلى الله ليسندهم ويحميهم مما أثقل كاهلهم من الظلم والآلام؛ فيهيء لهم مدارج النور ويفسح أمامهم طريق الجهاد والدفاع المقدس، وهم يمتلكون حق عدالة القضية ودلائل المظلومية، وهم أولي البأس الشديد، وذوو النفوس الكريمة التي أشربت عزة الله، فأيدهم بقوته وسحقوا أطماع الغزاة وهزموهم عكسريا في كل الجبهات وكان آخرها معركة الحديدة التي أعدوا لها أعظم قوة برية وجوية وبحرية، فنالوا هذه الهزيمة النكراء التي ذاع صيتها وأنتشر وكاد يسد الأفق.

وبعد أن ضاقت مسالك الحسم العسكري أمام الأعداء وصغر شأنهم في أعين الشعوب، عمدوا إلى الجانب السياسي عساهم يسجلوا بعض نقاط الانتصارات على طاولة المفاوضات، ولكن هيهات أن تدنس الشمس غبار ثائر، أو يحط من قدر الأحرار التسهيلات الإنسانية التي لا تمس بقداسة الوطن، ولو تسلل إلى خلجات نفوس مرضى القلوب بأن تلك التسهيلات تعد ضعفا وعجزا!

إن من لا يفقهون إلا سياسية الكراسي والنفوذ وسياسية القتل والدمار لن يلامسوا الحقيقة الرائعة بانتصار القيم الإنسانية والتي هي سياسية انصار الله منذ البداية فمن يتتبع تنازلاتهم في كل مرحلة كانت تصب في قالب مساندة المواطن اليمني المكلوم والتي كان المغفلون يسارعون بختمها بطابع الضعف ولكن سرعان ما ينقلب السحر على الساحر لتكون هي العاصفة الهوجاء التي تقوض عروش الظلم وتجز رؤوس الاستبداد.

لقد انتصر الأنصار إنسانياً وسياسياً وعسكرياً ولو كره المرجفون ، ولم تتفتح بصائرهم وانكروا طلوع الشمس في وضح النهار فهذه حقيقة لا يدركها إلا الراسخون في ملكوت الأضواء الإنسانية، وهيهات لعبد كليل الرأي، حقير الشأن، لاحول له ولاقوة إلا التمسح بأذيال الأعداء، أن تنقشع عن روحه تلك السحابة المظلمة، ويتسرب إلى قلبه شعاع من الحق المبين.