30 نوفمبر عهد استقلال (مُقاربات تاريخية من 14أكتوبر63حتى21سبتمبر2014م)..
-
أستمر الاستقلال الوطني في جنوب اليمن لمدة عشرين عاماً أنتهى مع حرب 94 من قبل الركائز المحلية الجديدة للاستعمار، التي وضعت اليمني جنوباً وشمالاً في حالة تبعية وارتهان لأمريكا وممالك الخليج، وهذه القوى الرجعية هي القوى التي قامت ضدها ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر لتُعيد الاستقلال لليمن.
-
القوى العُمالية الفلاحية القبلية الكادحة والشرائح المستضعفة التي قامت بثورة 14أكتوبر وأنجزت الاستقلال، لا تختلف عن القوى الفلاحية العمالية القبلية والشرائح المُستضعفة التي قامت بثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، والتي تدافع اليوم عنها كلجان شعبية بقيادة حركة أنصار الله.
-
مع تطور الثورات نحو الاستقلال، تشعر القوى الاستعمارية آن وقت الرحيل آن، فتفكر بترك بعضا من مصالحها الاستعمارية، وتخشى القوى الرجعية العميلة على مصالحها الطُفيلة؛ فيتحالف الطرفان للإبقاء على الحد الأدنى من المصالح الاستعمارية، وجعل الاستقلال استقلال منقوصاً.
-
واصلت الجبهة القومية الكفاح المُسلح على جبهتين داخلية ضد الركائز الاستعمارية ( جبهة التحرير العميلة) و ضد قوات الانجليز، حتى قُهرت ركائز الاستعمار في الداخل ورضخت بريطانياً
بقلم / أنس القاضي
*الاستقلال هدف حركة التحرر اليمني، منذ الخمسينات حتى اليوم
ما زال الاستقلال هدف حركة التحرر الوطنية من الخمسينيات حتى اليوم ، تغيرت الظروف الاجتماعية والقوى الطبقية المًسيطرة من حقبةٍ لأُخرى وتغيرت معها القوى السياسية والطلائع الثورية، وقضية الاستقلال الوطني لم تتغير، وهذه الحاجة الشعبية لم تُجز بشكلٍ تام؛ فمنذ التنظيمات العُمالية والفلاحية والانتفاضات القبَلية الحركات القومية والماركسية الأولى التي ظهرت في خمسينيات القن الماضي في بلادنا -بشطريها-، والتي ناضلت في ثورة 14 أكتوبر وصولاً إلى انتفاضة 11فبراير2011م وحتى ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014م مازالت بقايا الاستعمار من تعيق التقدم الاجتماعي لشعبنا اليمني، ومازال الاستقلال الوطني هو الهدف الاستراتيجي لا المرحلي لنضال كل القوى الوطنية اليمنية بمختلف مشاربها الفكرية ، القوى الوطنية التي لا تأخذ صفة الوطنية من تاريخها وفقط بل إن الأهم وما يُحدد وطنيتها هو موقفها وممارستها في هذه المرحلة التاريخية التي يواجه بها الشعب والوطن تهديداً وجودياً من ِبل أكثر الأنظمة الرأسمالية(الامبريالية) استعمارية وتوحش، ومن قبل أكثر الأنظمة العربية رجعية وعمالةً وتخلف، وفي واقع اليوم فيما الأحزاب اليسارية والقومية -كمواقف رسمية لا شعبية_ في موقع العميل للقوى الاستعمارية والرجعية، تقف حركة انصار الله في موقف الطليعية الشعبية الثورية التحررية، وتأخذ هذهِ الحركة على عاتقها مقاومة العدوان العسكري وتخاذل وخيانات القوى السياسية للمضي بالثورة الشعبية حتى النصر، وباليمن حتى التحرر والاستقلال الوطني.
عنوان (منذ الخمسينيات حتى اليوم مازالت بقايا الاستعمار من تعيق التقدم الاجتماعي لشعبنا اليمني، ومازال الاستقلال الوطني هو الهدف الاستراتيجي لا المرحلي لنضال كل القوى الوطنية اليمنية بمختلف مشاربها الفكرية)
*الاستقلال الذي سعت لهُ ثورة 14 أكتوبر
(رؤية الجبهة القومية قائد الثورة)
حين قامت ثورة 14 أكتوبر1963م لم تكن مواقف الأحزاب والحركات في الشطر الجنوبي من الوطن موحده ولم يكن الوعي بمهام الثورة وبنوع الاستقلال واضحاً لدى الجميع، كما لم تكن المصالح الاجتماعية السياسية موحده؛ ففيما كانت هناك قوى رجعية عميلة تعتبر ركائز محلية للاستعمار ومصلحتها في بقاء الاستعمار أو في استقلال منقوص على الأكثر، كان هناك حركات ثورية تخلقت من عذابات الطبقات المسحوقة انحازت للشعب وتمثلت مصالحها بالمصالح الشعبية والوطنية في الاستقلال الوطني التام ، وكانت هذهِ الرؤية الثورية رؤية الجبهة القومية التي بلورت مشروع الاستقلال كتحرر من الوجود العسكري البريطاني وملحقته مِن ما سُمي بجيش اتحاد الجنوب العربي الذي شكلته بريطانيا ، وتحرر سياسي من الوصاية البريطانية المباشرة ومن الهيمنة السياسية عبر أدواتها مُمثلة بحكومة اتحاد الجنوب العربي وبما سُميَ “بجبهة التحرير”، وسعت الجبهة القومية لاستقلال اقتصادي يقطع روابط التبعية الاقتصادية اليمنية للشركات الاحتكارات الغربية العابرة للقارات وبتحرير النفط اليمني والميناء والساحل من الهيمنة يتجه نحو اقتصاد وطني مُخطط تديره الدولة قائماً على الإنتاج الصناعي والاصلاح الزراعي، هذه أهداف لثورة أكتوبر انجزت سياسياً باستقلال 30 نوفمبر الذي حقق السيادة الوطنية التامة وتجسدت على الواقع في الشطر الجنوبي من الوطن لمدة 20 عاما، ورغم وجود سلبيات في تطبيق التجربة الاشتراكية، إلا أن الاقتصاد الوطني حقق استقلاله التام من التبعية للاحتكارات الرأسمالية الغربية كما انشئت مصانع ومعامل بسيطة للإنتاج المحلي، وتم مُحاربة الاحتكارات والبرجوازية التبعية، وتحققت العدالة الاجتماعية والمساواة و مجانية الخدمات كالتعليم والصحة والماء والكهرباء، وبدأت هذه المكتسبات تُنخر من عام 90 وفي حرب 94 الظالمة، انتهت بشكل تام فترة الاستقلال الوطني (السياسي الاقتصادي) الذي كان يحظى به الشطر الجنوبي فأعادت التبعية الاقتصادية وتم تصفية القطاع العام المنتج المملوك للشعب ، كما عاد الاقطاع والسلاطين وسلبوا الأرض ثانية من ملكية الفلاحين ، وتقاسموا الثروات مع الرموز الجديدة للبرجوازية الطفيلية الركائز الاجتماعية الجديدة للاستعمار التي يُطلق عليها بعصابة 7-7 وهي القوى الطبقية المسيطرة الموزعة على المؤتمر واللقاء المُشترك من بيت الأحمر وصالح، وحلفائهم من الوكلاء التجاريين عسكريين ومدنيين وقبليين ورجال دين، وعليهم قامت انتفاضة 11 فبراير وثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، فمصلحة الشعب في السيادة الوطنية وتصفية ركائز الاستعمار أول خطوات استعادتها.
*الاستقلال الذي تسعى له ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر
(رؤية أنصار الله قائدة ثورة 21سبتمبر)
الاستقلال الذي نحتفل بهِ من كل عام أو ما تبقى منه كعيد وطني من كل في 30 نوفمبر، هذا الاستقلال الذي سعت لهُ ثورة 14 أكتوبر ، والذي دُمر خلال العقديين الماضيين لصالح الامبريالية الأمريكية والرجعية الخليجية وركائزهما الاستعمارية المحلية، هوَ الاستقلال الذي تسعى له حركة التحرر الوطنية بقيادة حركة أنصار الله في هذه الحقبة التاريخية ،لم يأتي أنصار الله بأهداف غريبة عن نضال الشعب اليمني تاريخياً، ولا بمشاريع خاصة خارج الحركة الثورية اليمنية، بل جاءوا موضوعياً من داخل السياق التاريخي لا من خارجه، يحملون نفس الأهداف الثورية النبيلة في التحرر والاستقلال، ومع تغيرات التاريخ تغيرت وسائل المطالبة بهِ ، وتغيرت الأشكال النضالية لانتزاعه وتغيرت الأشكال التنظيمية في الحركة من اجله ، ولم يتغير الهدف .في مسألة التحرر الوطني إن أهم شيء الذي يحدد الاستقلال من غيريه هي القوى الطبقية التي تحمل هذا المشروع، لأن القوى الطبقية هي من تضع طابعها على المشروع ،فمصالح الكادحين والمُفقرين ليست مرتبطة ببقاء الاستعمار بل بزواله بينما مصالح المُترفين والطُغاة قائمة على وجود الاستعمار ومرتبطة به تزول بزواله.
إن القوى العُمالية الفلاحية القبلية الكادحة والشرائح الاجتماعية المستضعفة التي قامت بثورة 14أكتوبر و قادت النضال الثوري حتى الاستقلال، لا تختلف عن القوى الفلاحية العمالية القبلية والشرائح الاجتماعية المُستضعفة التي قامت بثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، والتي تدافع اليوم عنها كلجان شعبية بقيادة حركة أنصار الله ، بل ان القيادة الطليعية لثورة الواحد والعشرين من سبتمبر تنتمي لنفس القوى الطليعية التي قادت ثورة 14 أكتوبر، طليعة ثورية من طبقة مسحوقة ليس بينهم وكيلاً للاحتكارات الغربية يخشى الاستقلال ولا إقطاعياً يخشى العدالة ولا مالك عقارات واستثمارات تناقض مصالحة الشخصية مع مصالح الدولة الشعبية .
حركة أنصار الله كحركة طليعية قائده لثورة التحرر اليوم واضحة في مشروع الاستقلال القائم على قطع العلاقة التبعية بالقوى الغربية الأمريكية والإسرائيلية والخليجية ، والقائم على الاستقلال في القرار السياسي في ادارة الدولة، والاقتصادي في تنعم الشعب بثرواته بدون نهب خارجي او استغلال داخلي، وهذه المحددات الثورية للاستقلال الوطني لخصها قائد الثورة الشعبية في خطاب الذكرى الأول لانتصار ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر قائلاً : “الحراك الشعبي مسئولية وضرورة وحتمية لضمان وجود البلاد والاستقلال والحرية والكرامة وهذه الثورة ستستمر حتى ينعم البلد بالاستقلال والاستقرار وينعم الشعب بثرواته وخيراته وحينها يُمكننا القول أن أهداف الثورة الشعبية قد تحققت ”
*ألاعيب الاستعمار.. مشاريع نصف الاستقلال، والثورة المُضادة
مع تطور الثورات والتفاف الشعب حولها نحو التحرر والاستقلال الوطني، تشعر القوى الاستعمارية آن وقت الرحيل آن، فتفكر كيف تترك بعض من مصالحها الاستعمارية قبل الرحيل، وفي ذات الوقت القوى الرجعية التابعة للاستعمار حين تشعر بأن الثورة ستنجز الاستقلال تخشى على مصالحها الطُفيلة القائمة على وجود الاستعمار وهكذا يحدث تحالف طبقي من نوع أخر بين القوى الاستعمارية وركائزها المحلية تكون مهامه الإبقاء على الحد الأدنى من المصالح الاستعمارية، وجعل الاستقلال استقلال منقوص وليس تام. وهكذا اجتمعت الركائز المحلية للاستعمار البريطاني وشكلت ما سُمي بجبهة التحرير لقوم بهذا الدور الرجعي والاستعماري الجديد، يقول الكاتب أحمد عبد الله صالح : “تطور الثورة ونجاح المؤتمر الأول للجبهة القومية الذي حدد هوية الثورة ورسم أهدافها البعيدة والقرية قد أثار ذعراً وفزعاً بين أوساط الدوائر الاستعمارية والنظام الإقطاعي وفي صفوف الأحزاب والتنظيمات اليمنية والانتهازية بعد أن تأكد لها أن الثورة تمضي بخطى ثابتة من نصر إلى نصر، ومن أجل مجابهة الثورة التذي يُهدد مصالح الاستعمار ويستهدف المصالح الطبقية الاستغلالية للقوى والطبقات الاجتماعية المتحالف مع الاستعمار، تحالفت هذه القوى مع بعضها وكونت حلفاً عدوانياً تقاسمت فيه الأدوار بما يضمن وقف زحف الثورة وإجهاضها نهائياً، فضاعفت أعمال العنف والإرهاب الاستعماري لإخماد نيران الثورة، وصعدت من نشاطها السياسي والديبلوماسي حيث أخذت تعلن عن عزمها لتسليم البلاد ومنحا استقلالاً منقوصاً؛ حيث دعت في 1964 إلى عقد مؤتمر دستوري في لندن تحت رعاتها وإشرافها بحضور ممثلي الأحزاب”.
وفي 13 مايو 1966 أعلن رئيس المجلس الأعلى لما سُمي باتحاد الجنوب عن موافقة حكومة الاتحاد على قرار الأمم المتحدة، فيما أوضحت الجبهة القومية أن الأمم المتحدة لا تعتبر حكومة الاتحاد شرعية وليست دستورية، وأعلنت اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار أن حكومة الاتحاد غير شرعية ورفضت أن تقيم معها أي اتصال.
وحكومة الاتحاد التي شكلها الاستعمار لتبقي على مصالحه حين يذهب، يقوم اليوم بنفس مهامها الاستعمارية حكومة هادي وبحاح التي صنعتها دول العدان لتبقي على المصالح الاستعمارية للإمبريالية الأمريكية والممالك الرجعية الخليجية ولتوقف زحف ثورة 21 من سبتمبر التي تمضي نحو النصر، وتخوض اليوم معركة التحرر الوطني. كما أن جبهة التحرير التي صنعتها بريطانيا تمثلها اليوم ما تُسمى بعصابات المقاومة الشعبية، التي تتماهى تماماً مع زحف الغُزاة وتتلقى أوامرها مُباشرةً من تحالف العدوان.
*الاستقلال قرار الشعب
(الثورة مُستمرة حتى الاستقلال الوطني)
فيما كان هناك تحرك في الأمم المتحدة لتصفية الاستعمار من جنوب الوطن ويلقى هذا الحراك السياسي دعماً قوياً من السوفيت والصين الشعبية ومصر وسوريا ويوغزلافيا، واصلت الجبهة القومية الكفاح المُسلح على جبهتين جبهة داخلية ضد الركائز الاستعمارية ممثلة بقوات جبهة التحرير العميلة وجبهة خارجية ضد قوات الانجليز، حتى قُهرت ركائز الاستعمار في الداخل ورضخت بريطانياً وسحبت قواتها، ودعت الجبهة القومية للتفاوض وعاد وفد الجبهة القومية من لندن الى عدن كريما شامخاً ليقرأ بيان الاستقلال الوطني. وما أشبه هذهِ الوقائع بما يدور اليوم في الوطن تخوض القوى الثورية معركة على جبهتين مع العدو السعودي الأمريكي والغزاة مباشرةً، ومع الركائز المحلية له التي تُسمي نفسها بالمقاومة وهي مع العدو كما سمت جبهة التحرير نفسها جبهةً لتحرير وهي مع بقاء الاستعمار، لكن الشعوب تقرر في النهاية مصيرها، ويسقط الاستعمار وأدواته.