ميفعة عنس ذمار: عقد على جيد التأريخ.
ذمار نيوز| إستطلاع: فؤاد الجنيد 8 ربيع ثاني 1440هـ الموافق 15 ديسمبر 2018م
على بعد كيلومترات من مدينة ذمار تفترش الطبيعة سهولا ممتدة وجبالا تجلس القرفصاء، وبينهما كتل عمرانية متراصة، تكتنز الجمال في زواياها، ويصلي الجلال في محاريبها، عندها كان لـ “ذمار نيوز” موعد مع السحر والدهشة ونوتات الأصالة والخلود لتأريخ حافل بمفردات الترويح وتراتيل الوجدان.
موجز بالأرقام
مديرية ميفعة عنس هي إحدى مديريات محافظة ذمار، وتقع في الجهة الشرقية من المحافظة، بإجمالي مساحة 616 كيلو متر مربع، ويسكنها 61,444 نسمة حسب تعداد العام 2004م، وتعد الميفعة مركز المديرية وتتميز بنشاط سكاني واسع في شتى جوانب الحياة.
معالم تأريخية
تحتوي مديرية ميفعة عنس على العديد من المواقع الأثرية من عصور ما قبل التأريخ والعصر الحميري وبعض الآثار من العصر الإسلامي، وجميعها تجسد صفات الإنسان اليمني الحكيم وتراثه الحضاري العبق بسلوكياته وعاداته وتقاليده الأصيلة.
هكر
وتقع في الجنوب الشرقي من مدينة ذمار وتبعد عنها حوالي (15) كم، وهي مدينة حميرية لا تزال مأهولة إلى الآن، وتتميز المدينة بموقعها فوق ربوة عالية، وتحيط بها الأراضي الزراعية، كما تتميز بالآثار التي لا يخلو منها مسكن، وأبرز آثارها نقش كتابي يعلو باب المسجد القديم يعود إلى عهد الملكين ياسر يهنعم وابنه شمر يهرعش تمت كتابته في العام 281م بمناسبة الانتهاء من ترميم سور المدينة وبناء نوبات الحراسة عليه، ولا تزال أجزاء كبيرة من السور المذكور قائمة إلى الوقت الراهن.
حمة ذياب
وتقع في الجهة الشرقية من مركز المحافظة وتبعد بحوالي 40 كم. يتم الوصول إليها عبر طريق إسفلتي يبدأ من مدينة ذمار، ويمر جوار جبل اللسي، وبقية الطريق صار جاهزاً للرصف، ويحتوي الموقع على بقايا قصور ومنازل سكنية من العصر الحميري، بعضها لا زال قيد الاستعمال من قبل الأهالي حتى الآن. ولا تزال أجزاء من السور القديم بدرجاته الحلزونية وكذلك البوابات تظهر بوضوح حتى اليوم وخاصة في الجزء الجنوبي للموقع، وتوجد مجموعة كبيرة من البرك، أكبرها البركة التي يحيط بها ثلاثة منازل أشبه بقصور. تزين جدران المساكن قطع حجرية عليها كتابات وزخارف نباتية وحيوانية من العصر الحميري.
الجرشة وخربة افيق
الجرشة موقع أثري من العصر الحميري، لا يزال مسكونا حتى الآن في أجزاء منه، يتميز بطابعه الريفي المميز الذي يمتزج فيه عبق التاريخ مع أصالة الضيافة وسلاسة الاستقبال. أما خربة افيق فهي عبارة عن تل صخري كبير يحيط به سور لا تزال بعض أساساته واضحة، وتوجد فيه بركتين للمياه. وفي محيط قرية أفيق يوجد موقع أثري يحتوي على بقايا مباني مشيدة بأحجار مهندمة ومدافن للحبوب محفورة في الصخر، وبرك منقورة في الجبل، ويحتوي مسجد أفيق على أحجار منقوشة ربما نقلت من مواقع أثرية قديمة ترجع إلى فترة ما قبل الإسلام.
حورور
وهي مدينة أثرية قديمة في شرق جبل اسبيل وتبعد عن مدينة ذمار شرقاً بمسافة 33 كم، وفيها لا زال أحد القصور الحميرية محتفظاً بالكثير من تفاصيل البناء، إلى جانب برك المياه والنقوش الكتابية الحميرية، وفي حورور كان مولد الشاعرة غزال المقدشية في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري.
الكولة
وهي قرية قديمة شرق مدينة ذمار يمر فيها طريق ذمار البيضاء، وهي قابعة على مرتفع صخري يحيط به قاع فسيح، تنتشر في القرية، والجبال المحيطة بها آثار متنوعة ما بين نقوش مسندية ورسوم صخرية لحيوانات مثل الوعول والظباء، وأشهر آثار الكولة: الحاجز الحميري الممتد وسط الوادي الزراعي الخصب والذي كان يمنع انجراف تربة الوادي بفعل السيول المتدفقة إليه في مواسم الأمطار.
سنبان والأهجر
سنبان مدينة كبيرة يمر فيها طريق ذمار البيضاء، ويوجد بها آثار لمبانٍ حميرية ونقوش كتابية قديمة وجوارها يوجد جبل كبير يسمى (يَرَخ)، وفي المحيط يوجد عدد من المواقع الأثرية مثل: جبل بحضان، وحمة الضبع، وحمة الزعتر. أما الأهجر فتقع إلى الغرب من قرية ورقة شرقي جبل رفان، وتحيط بها الأراضي الزراعية والأودية، أجريت فيها حفريات أثرية، تم فيها العثور على شواهد تدل على أنها مستوطنة من العصر الحميري.
الحمامات المعدنية
تمتلك مديرية الميفعة عدداً من الحمامات المعدنية الطبيعية المتميزة على مستوى اليمن، والتي يقصدها السكان لعلاج عدد كبير من الأمراض، وخاصة الأمراض الجلدية والروماتيزم وغيرها.
حمامات جبل اللسي
وتقع إلى الشرق من مدينة ذمار ويبعد عنها (13 كم) فقط. وتنتشر الحمامات في جوانب الجبل وهي عبارة عن كهوف واسعة تخرج منها أبخرة كبريتية ساخنة مشبعة ببخار الماء، وفي قمة الجبل التي يتوسطها فوهة دائرية كبيرة تمثل فوهة البركان الخامد يوجد عدد آخر من الحمامات الكهفية وتتميز قمة الجبل بأنها محاطة بسور أثري شيده العثمانيون في مطلع القرن السابع عشر لأن المقاومة اليمنية كانت تصنع البارود من جبل اللسي.
حمامات جبل اسبيل
وتقع إلى الشرق من جبل اللسي وتبعد عنه بحوالي (15 كم)، وهي كهوف تماثل تلك الموجودة في جبل اللسي، ومن المكتشفات الجديدة في جبل إسبيل العثور في أحد الكهوف المجاورة لقرية جرف إسبيل على مومياء لطفل لا يتجاوز عمره عامين.
مسك الختام
كثيرة هي المقطوعات الجغرافية الذمارية التي تلفت الأنظار وتسحر الأبصار بتراثها وموروثها، وتمتع الزائر بما تحويه من تأريخ عريق وآثار خالدة للعصور القديمة، وبالرغم من التوسع العمراني والتقدم الحضاري للتشييد والبناء، لا تزال هذه المقطوعات محتفظة بأصلها وتفاصيلها التي تخلد حياة اليمنيين في انصع صفحات التأريخ الإنساني.