ستظل اليمن شعباً وأرضاً وإنساناً شامخة مرفوعة الهامات على مر الزمن وعبر عصور التاريخ.. ومهما تكالبت عليها الشدائد والمحن.. فإنها عصية على كل من أراد أو يريد أن يخضع شأنها لرغبات وأطماع ذاتية – خارجية كانت أم داخلية- بل وقادرة على تجاوز أية معوقات أو عراقيل تحاول إيقاف مسيرتها الثورية الحضارية المجيدة.
ولعل صمود الشعب اليمني في مواجهة العدوان السعودي – الأمريكي الغاشم على مدى أكثر من 240 يوماً لخير دليل قاطع على أن صوت اليمن وصداها العالمي لا يمكن له أن يخنع ويخفت، وإنما هو الصوت العالي المزمجر والمدوي بين الأمم ليُسمع صداه أرجاء المعمورة، وليقول للأعداء المغرورين بثرواتهم وفلوسهم: ها أنا شعب العروبة وأصلها العريق موجود ومتواجد على أرض السعيدة الطاهرة لأريكم من أنا ولأُسطر على تربة أرضي ملاحم البطولة والفداء دفاعاً عن وطني الغالي وحقي المشروع، ولأذيقكم حرارة العلقم وسموم السحايا سواء في عقر داركم فيما تحاولون غزوه واحتلاله داخل اليمن.. وبقدر صوت الصواريخ والقنابل والمفرقعات التي تقذفها طائرات المعتدين من على أبعاد شاهقة لتقتل بها أطفالاً ونساء وعجزة ولتدمر بها مساكن وقرى وأحياء ومنشآت مدنية تنموية، فإن صوت الشعب وصمود أبنائه سيبقى مزمجراً مزلزاً ومتحدياً لكل جرائمهم القبيحة، ليسجلها التاريخ في صفحات الملاحم الإنسانية التي تشهد لليمانيين بعظمة البطولة والشجاعة التي لا تقهر.
نعم اليمن الذي قهر الرزايا والنائبات ودحر الغزاة والطامعين في زمن الظلام الدامس وثار على الطغاة والظالمين في عهود التخلف والاستبداد وأخرج الاحتلال والمستعمرين في عصور الشدة والانفلات ها هو اليوم يواجه أعتى وأعنف مؤامرة عربية ودولية تستهدف النيل من مقدراته ومكاسبه الوطنية المشروعة ويقف أسداً عملاقا في وجه المعتدين ويخوض حربا ضروساً مع قوى الشر بما حملته جعبهم وطائراتهم وآلياتهم الحربية من معدات ووسائل قتل وموت ودمار وبما أفرزته ضغائنهم من أساليب حقد وشائعات مضللة ليبوح بصوته المجلجل: ها أنا شعب اليمن الكبير زلزلة عاتية ترعش وتزلزل أركان عروش و(تشتاشات) و(عقالات) و(عبايات) هؤلاء العربان المتلبسين بثياب الرجس والخباثة، ليظهروا على حقيقتهم وتنكشف لنا وللمحبين للحرية والعدالة والسلام في العالم أجمع نواياهم المبيتة منذ زمن بعيد في ما يضمرونه لهذا الشعب من حقد دفين.. ومن عداء سافر ولا يريدون له أن يستقر أو يأمن ليعيد بناء حضارته وأمجاده العريقة بقدر ما يريدونه تابعاً لما يملونه عليه ويشترطونه ويبقى مرتبطاً بفروض الطاعة والولاء.
ولأن مثل هذه التخرصات الصبيانية لا يقبلها العقل والمنطق البشري في أي زمان أو مكان ولا تطيقها نواميس وأعراف الشرع والمنع، فإن أولئك الجهلة المغفلين قد أخطأوا التصرف وخانتهم معارفهم الهوجاء وظنوا فيما دبروه بأن شعب الحكمة والإيمان يسهل ابتلاعه ولي ذراعيه، غير مدركين بأنه الشعب العصي على كل الدسائس والمؤامرات وبأن ثقته بالله سبحانه وتعالى وبقوة وعزيمة أبنائه قادر على دحر عدوانهم وردع غرورهم وتلقينهم أقسى وأعنف الدروس.
فإذا كان أشباه الرجال وخنافسة العصر الحاضر لم يدركوا الحقائق جملة وتفصيلاً فها هو صوتك يا يمن عالي فوق السحاب.. وستبقى أيها الشعب الأبي شامخاً رافع الرأس لا تخاف في الله لومة لائم.