لسان حال المقاتل اليمني: كل الطرق تؤدي إلى مدينة نجران ( تحليل )
سيطر أبطالُ الجيش واللجان الشعبية على موقع نهوقة العسكري الاستراتيجي في محافظة نجران، وتمثل هذه العملية منعطفاً استراتيجياً في سير كُلّ المعارك في العُمق السعودي في قادم الأيام.
وكان قد أعلن الجيشُ اليمنيُّ واللجانُ الشعبية في وقت سابق عن السيطرة التامة على موقع الشرفة العسكري في نجران، ويمثلُ الشرفة الحامية العسكرية الشرقية لمدينة نجران والذي يمتدُّ في سلسلة جبلية وعرة مَن يمتلكُها يحكم قبضتَه على كُلّ منافذ المدينة الشرقية، وسبق أن تمكَّنَ بعون الله أبطالُ الجيش اليمني واللجان الشعبية من تطهير كامل موقع الشرفة من أي تواجد عسكري سعودي والتمركُز في الموقع ليبدأ تشكيل أركان الطوق على مدينة نجران.
وبالانتهاء من تطهير موقع نهوقة العسكري والذي يمثل الحامية الغربية للمدينة “انظر الخريطة” يكونُ أبطالُ الجيش واللجان الشعبية قد أحكموا سيطرتَهم على أهم الشريانات المؤدية إلى المدينة الجنوبية المهمة، وتمتاز نهوقة، كما أظهر المقطع الذي بثه الإعلام الحربي لعملية تطهير الحامية العسكرية، بأنها أيضاً تقعُ في مرتفع جبلي، وهي البيئة المفضلة للمقاتل اليمني، حيث تحيّد المرتفعات الجبلية سلاحَ الجو إلى حد كبير، كما أنها تتطلب مهارات قتالية كبيرة وخبرةً لا يمتلكها جندي العدو السعودي، في حين يمتلك المقاتل اليمني سواءٌ من الجيش أَوْ اللجان الشعبية رصيداً ثرياً من تجارب القتال في مثل هذه البيئة.
وامتلاك المرتفع الشرقي “الشرفة” والمرتفع الغربي “نهوقة” يعني في المقياس العسكري فرْضَ السيطرة النارية على كامل مدينة نجران، كما تظهر الخريطة، كما يعني امتلاكَ الجيش اليمني واللجان الشعبية زمامَ المبادرة في كامل الطرق الشرقية والغربية والجنوبية المؤدية إلى المدينة، كما يمكن اعتبار تجريد كامل محيط نجران من تواجد جيش العدو السعودي من كُلّ الجهات باستثناء الجهة الشمالية يمثل الخطوة الأهم في التوغل عميقاً في الداخل السعودي وتبدو مسألة بسط السيطرة الكاملة على مدينة نجران كقرار سياسي أكثر من عسكري.
وتأكيداً لهذا التحليل، فقد قام النظامُ السعودي بتدمير عدد من طرقات “قرى نهوقة” التي يطل عليها الموقع العسكري الذي سيطر عليه أبطال الجيش واللجان الشعبية، ويأتي استهدافُ النظام السعودي للطرقات في نهوقة دليلاً على مخاوفَ تقض مضجعه بأنه بعد سيطرة الجيش اليمني واللجان الشعبية على موقع نهوقة الاستراتيجي توفرت عنده إمكانية التقدم باتجاه مدينة نجران عبر قرى نهوقة دون عائق، وهو ما دفع النظامُ السعودي لضرب هذه الطرقات لعرقلة أية محاولة للتقدم، ويعرف النظام السعودي بأن جيشَه غير قادر أَوْ مهيئ لأية معركة من هذا النوع، وأنه الذي فشل في استعادة مدينة الربوع لما يقارب شهراً كاملاً بعتاده الحديث وقنابله الذكية وطائراته النفاثة، وهي خاضعة لسيطرة اليمنيين فإن أية عملية قادمة في نجران ستنتهي بنفس نتائج الربوعة، خاصة وقد امتلك الجيش اليمني واللجان الشعبية التدريبَ اللازم لاقتحام المدن والسيطرة عليها.
تبدو خياراتُ النظام السعودي شائكة وضيقة للغاية في ظل فرار متواصل لجيشة من مواقعه العسكرية أمام ضربات مسددة من الجانب اليمني، كما أن طيرانَه المتطور وأقماره الصناعية التجسسية وكل خبرات الدعم اللوجستي والمخابراتي الأمريكي قد ظهرت عاجزةً وخائبةً أمام خيارات استراتيجية يمنية عازمة على كسر قرن الشيطان.
ولم يعد التكتُّمُ على العمليات العسكرية في العمق السعودي خياراً وارداً لنظام آل سعود بعد سقوط مدن كاملة، كما أن مواطني المحافظات الجنوبية السعودية أصبحوا على معرفة كاملة بحقيقة ما يدور هناك وتضخم عدد قتلى الجيش السعودي أدى أن يصل إلى كُلّ قرية وعزلة ومنطقة جثمان يؤكد لأهله وذويه أن ما تدّعيه قناة العربية وهْمٌ وزيفٌ واضح.
يتقدم المقاتل اليمني ببطيء وثبات داخل العمق السعودي تجسيداً لاستراتيجية النفَس الطويل والتي تظهرُ أن بعد تسعة أشهر متواصلة من العدوان والحصار السعودي الأمريكي على اليمن قد أفرغت جُعبة السعودية من كُلّ الخيارات، في حين يظهر أن الجيشَ اليمني واللجان الشعبية ما زالوا في مرحلة الإحماء وأن الحربَ في العمق السعودية دخلت منعطفاً جديداً قد تتبعه تطوراتٌ متسارعة وفارقة كأن تصبحُ مدينة نجران ثاني المدن السعودية في قبضة الجيش واللجان الشعبية.
*صدى المسيرة