الخبر وما وراء الخبر

 تحالف سعودي إسرائيلي تحت مبرر تحدي الهيمنة الإقليمية.

42

ذمار نيوز | ترجمات 4 ربيع ثاني 1440هـ الموافق 11 ديسمبر 2018م

في يوم عيد الشكر شارك دونالد ترامب في مؤتمر هاتفي مع بعض أعضاء الجيش الأمريكي من منتجعه في فلوريدا “Mar-a-Lago”، تضمن الحديث عبارات حماسية رئاسية مثل: “الجيش القديم الجيد” و”نحن نحب الجيش”، لكن هذا التهليل انتهى بشكل حاد، ففي أثناء المؤتمر الصحفي الذي عُقد عقب المؤتمر الهاتفي استقبل ترامب عدة أسئلة بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي كان مقيمًا في أمريكا.

وعند سؤاله إذا كانت وكالة المخابرات المركزية تملك تسجيلات لولي العهد السعودي يأمر فيها بإسكات خاشقجي أجاب الرئيس: “لا أريد أن أتحدث عن ذلك، يجب أن تسألوهم بأنفسكم”.

محاربة الإرهاب

ومع ذلك أسهب ترامب في الحديث قائلاً: “بغض النظر عن الجريمة فنحن على علاقة قوية بالمملكة العربية السعودية”، فهي تساعد في أن تصبح أمريكا عظيمة بعدة طرق، كما أنها ساهمت في التسويق لترامب حيث جعلته إله البنزين الرخيص، وأضاف ترامب: “لقد قرأت في إحدى الصحف أمس أنني تسببت في حدوث اختناق مروري لأنني جعلت ثمن النفط منخفضًا، دعونا نحظى ببعض الاختناقات المرورية”.

يرى ترامب أيضًا أن العمل لصالح السعودية يمنع وقوع “إسرائيل” في مشكلة كبيرة، وهو التصريح الذي أثار رة فعل عنيفة لدى الإسرائيليين، حيث قال أيضًا إن أي أحد غير “إسرائيل” كان ليشكره على صد تلك الأزمة الكبيرة.

كان إعلان ترامب في عيد الشكر عن التحالف السعودي الإسرائيلي مجرد سلسلة من التعليقات المشابهة في الآونة الأخيرة، ففي مقابلة مع وول ستريت جورنال أشاد ترامب بالسعودية كحليف قوي للغاية فيما يتعلق بإيران وفيما يتعلق بـ”إسرائيل”، وفي بيان رئاسي بعنوان “أمريكا أولاً” تحدث ثانية عن أن السعودية ضرورية في الصراع ضد إيران، وأنها مهمة لضمان مصالح أمريكا و”إسرائيل” والشركاء الآخرين في المنطقة.

من بين تلك المصالح الحرب على الإرهاب الذي يهدد العالم أجمع، ورغم أن الفكرة تبدو نبيلة إلا أن تحقيقها لن يكون بمساعدة الدولة التي قضت الـ70 عامًا الماضية في ترويع الفلسطينيين أو الدولة التي تقود حربًا إرهابية في اليمن (التي تسببت أيضًا في أحداث 11 سبتمبر).

تحدي الهيمنة الإقليمية

وبالطبع لن تقوم بتلك المهمة الدولة التي تدفع مليارات الدولارات لـ”إسرائيل” سنويًا، وتزود السعودية بالقنابل التي تقتل طلاب المدارس في اليمن وتميل إلى ذبح المدنيين، ومع ذلك فمن مميزات كونك قوى عظمى أنك تقوم بكل هذه الجرائم بينما تصر على أن إيران – التي لم تفعل أي شيء مشابه – هي الراعية الأولى للإرهاب.

على النقيض من ذلك، ما فعلته إيرن كان تحدي الهيمنة الإقليمية لمحور السعودية وأمريكا و”إسرائيل” وهي إهانة لا تغتفر لتلك الإمبراطورية ويجب مواجهته بالعسكرة الزائدة وتدفق رؤوس الأموال لصناعة السلاح الأمريكية.

وبالنظر إلى الموهبة السعودية الإسرائيلية في تأجيج الفوضى بالشرق الأوسط، فليس من المدهش أن ترى قطاعات الاقتصاد الأمريكي المستفيدة من تلك الفوضى؛ أنهما شريكان مثاليان في تمثيلية الحرب على الإرهاب.

في مقال نشرته بلومبرج الشهر الماضي بعنوان: “إسرائيل تدعم السعودية ضد إيران رغم خاشقجي”، أكدت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو لا يرغب في أن يتسبب الجدل بشأن الجريمة في تحطيم تحالف بلاده الهادئ مع المملكة ضد عدوهما المشترك إيران.

ورغم أن هذا التحالف قد يكون هادئًا، فإن المقال يشير إلى وجود علاقات طويلة سرية سياسة وتجارية واستخباراتية بعضها يضم كبار متعهدي الدفاع الإسرائيلين.

استعراض قائمة الأمنيات الإسرائيلية

الآن مع زيادة التوقعات بشأن موافقة السعودية على “صفقة القرن” الأمريكية التي لا تقدم أي شيء جيد للفلسطينيين وتحقق ببساطة معظم أمنيات اليمين الإسرائيلي، يبدو أن العلاقات بين السعوديين والإسرائيليين في طريقها لأن تصبح علنية.

وفي مقابلة مع ابن سلمان في جريدة ذي أتلانتك قال الصحفي الصهيوني جيفري جولدبيرج إن “إسرائيل” عضو رئيسي في حلفاء ابن سلمان، وهي دولة لا يمكن أن يقول ابن سلمان كلمة سيئة بشأنها.

كان جولدبيرج قد أوضح في مقدمة حواره أنه التقى ابن سلمان قبل أحداث العنف الأخيرة على الحدود بين غزة و”إسرائيل”، لكنه قال إنه لا يعتقد بأن ولي العهد كان سيغير رأيه في ضوء الأحداث، فالسعوديون مثل بقية القادة العرب أصبحوا متعبين من الفلسطينيين.

ونظرًا للعنف المستمر ضد الفلسطينيين، فالقضاء على 60 من أهل غزة في يوم واحد جزء بسيط من ذلك العنف، لذا يجب أن يسامحنا القراء على نسيان أي الأجزاء الدموية يتحدث عنها جولدبيرغ.

التفكير في المستقبل

إذا كان هناك من هو متعب الآن فهم الفلسطينيون الذي عانوا لأكثر من 7 عقود من التطهير العرقي والمذابح والاعتداءات على أيدي الإسرائيليين، هذا الحق أيضًا يمتد ليشمل هؤلاء الذين يتعرضون لهجوم وحشي من السعودية وشركائها في اليمن؛ حيث قتل أكثر من 85 ألف طفل بسبب المجاعة التي تسببت بها لحرب، بينما يقف الملايين على شفا المجاعة.

يجب أن نضع هذا المشهد في اعتبارنا عند التفكير في المستقبل بشأن علاقة الحب السعودية الإسرائيلية المتزايدة.

عند سؤال ترامب في المؤتمر الصحفي يوم عيد الشكر عن المسؤول عن مقتل خاشقجي قال ترامب: “ربما يجب أن يتحمل العالم مسؤولية ذلك لأن العالم مكان وحشي وشرير، العالم مكان شرير للغاية”، ومع هذا القدر من الفوضى المنتشرة في الشرق الأوسط يبدو أننا نعاني من أزمة القرن.

*المصدر: ميدل إيست آي.
*ترجمة: noonpost