نهوض صعــــدة ونهضة اليمـن !
بقلم : عــبدالله علي صـبري
- مقارنة مع بقية محافظات البلاد، فإن صعدة بعاصمتها وبمختلف مديرياتها وقراها نالت نصيب الأسد من الإجرام والتوحش العدواني الذي أعلن عن صعدة كمنطقة عسكرية منذ الأيام الأولى لما يسمى بعاصفة الحزم. ومع ذلك تبدو صعدة في مأساتها كمن لا بواكي لها، في ظل تفشي اللغة المناطقية لدى عدد كبير من النخب السياسية والإعلامية التي يحتكر بعضها الوطن في جهة ومنطقة بعينها.
لم يغادر العدوان مدينة أو قرية في صعدة إلا ودمرها وشرد أهلها، وقبل ذلك قتل الآلاف من الرجال والنساء والأطفال في مجازر بشعة يندى لها جبين الإنسانية. ومع ذلك يسجل أبناء صعدة صمودا مدهشا، وهم يلتحقون بساحات الكرامة ويرفدون جبهات القتال بقوافل الكرم، في إيثار نادر يدل على ثقافة قرآنية حقيقية ترفض الضيم وتأبى اليأس والخضوع لطواغيت البشر.
قبل العدوان البربري على اليمن، شن النظام السابق ستة حروب رسمية على صعدة، وسط تخاذل كبير من المجتمع اليمني، الذي لم يفهم غالبية أبنائه أبعاد الحرب، ولم يدرك حقيقة نهوض صعدة في ظل الثقافة الجديدة التي ترسخت بفعل المظلومية والدماء الزكية التي استبيحت دون وجه حق.
وعندما حطت الحرب أوزارها حرص أنصار الله أو من كان يعرف آنذاك بجماعة الحوثي على إحالة الجرائم إلى العدو الحقيقي للأمة ..أمريكا واسرائيل، الأمر الذي سهل عليهم الانخراط في مؤتمر الحوار الوطني ، الذي دخله أنصار الله وهم منفتحون على حاجة اليمن إلى التسامح والتصالح وبناء المستقبل.
غير أن خبرتهم بمخططات قوى الحرب جعلتهم أكثر يقظة في التعامل مع السلطة الانتقالية التي كنا ننظر إلى شكلها الخارجي، بينما كان أنصار الله يرون المشهد من الداخل، ولم يجدوا فيه تغييرا حقيقياً، فقد كان دعاة وأمراء الحرب على صعدة في قمة السلطة قبل وبعد 2011.
لم يكن مفاجئا بالنسبة لأبناء صعدة ولأنصار الله أن تندلع حرباً عدوانية أخرى برغم اعتذار الحكومة عن الحروب السابقة وبرغم أن الحوار الوطني كان لا يزال قائما.. وكان واضحا على الأقل بالنسبة للمتعاطفين مع أنصار الله أن تلك الحرب كانت بهدف جرهم خارج مربع السياسة بعد أن قدموا أداءً نوعياً بمؤتمر الحوار.
بيد أن الحرب السابعة وإن لم تكن معلنة بشكل رسمي، كانت بالنسبة لأبناء صعدة معركة حياة أو موت، ولعلها كانت أشد خطرا على مشروع أنصار الله من الحروب التي سبقتها، فقد كان الآلاف من المرتزقة يقاتلون أبناء صعدة في جبهتي دماج وكتاف تحت غطاء طائفي، وبدعم تمويل سعودي، وبرعاية شبه رسمية من الحكومة والقوى التقليدية النافذة التي سقطت لاحقا بفعل ثورة 21 سبتمبر 2014.
واليوم تتصدر صعدة المشهد الوطني بامتياز، ما يؤكد أن النهوض المحلي الذي عرفته المحافظة في 2004، بفعل تضحيات الرعيل الأول من أبنائها قد أفضى إلى نهضة يمنية شاملة في وجه قوى النفوذ والهيمنة الداخلية والخارجية.
وعما قريب، سيكتب التاريخ أن صمود وانتصار الشعب اليمني في وجه العدوان السعودي الأمريكي شكل فاتحة استقلال واستقرار ونهوض دولة كادت أن تسقط. بينما دخلت في الوقت نفسه الدولة القوية المعتدية على سكة التفكك والإنهيار!