ثلاث مخاطر احذروها في تصريحات “غريفت” بخصوص ميناء الحديدة ! .
بقلم| محمد محمد المقالح.
تصريحات مبعوث الامم المتحدة الى اليمن السيد مارتن غريفت حول ضرورة قيام الامم المتحدة بدور رئيسي في الاشراف على ميناء الحديدة ثم اعلان الامم المتحدة موافقتها على هذا الدور يشير الى ثلاث مخاطر كبيرة سبق وان نبها اليها في اكثر من مقام ومناسبة ونعيد التنبيه اليها مرة اخرى وعلى النحو التالي :
*الاولى هي ان مفاوضات استكهولم بالسويد المقرر عقدها في الشهر القادم لا تستهدف الحل السياسي الشامل للازمة اليمنية بقدر ما تستهدف التحكم باخر منفذ تحت السيادة اليمنية وتسليمها للامم المتحدة وبما يسهم في استمرار وتصعيد الحرب الداخلية بين اليمنيين والحصار الخارجي على اليمن بل واحكامه اكثر بالسيطرة على مخرجات الميناء
وفي السياق تستهدف هذه المشاروات تجنيب السعودية والامارات اي اثار او نتائج سلبية للحرب والحصار على اليمن وهذا ما يبدو انه قد تحقق فعليا قبل انعقاد المفاوضات بتوقف الصواريخ والطيران المسير على معسكرات وقواعد تحالف العدوان في السعودية والامارات مقابل استمرار قصف الطيران والتصعيد البري لتحالف العدوان على الحديدة وصعدة وجميع جبهات الحرب!
وعودة الى المخاطر من هذه التصريحات نقول :لو كان المبعوث الاممي وبريطانيا وامريكا وكل من يطالبون اليوم بوقف الحرب في اليمن حينا وفي الحديدة حينا اخرا جادين في الحل السياسي الشامل للازمة اليمنية في استكوهلم لما حرصوا على ايجاد حل جزئي لموضوع الحديدة او مينائها في الوقت الذي يفترضون فيه حل الازمة بكاملها سلميا عبر مفاوضات استكهولم المزعومة -ونحن على مسافة خطوة من انعقادها -وبالتالي تسليم الحديدة وغيرها من الموانىئ والمدن اليمنية للسلطة اليمنية المتفق عليها وفقا للمفاوضات او هكذا يفترض يعني ان الحرص على حل جزئي لميناء الحديدة عشية انعقاد المفاوضات يكذب تماما فكرة وجود حل سياسي شامل للازمة اليمنية في المفاوضات القادمة او التي تليها!.
ليس هذا وحسب بل يطرح تسليم سيادة الحديدة للامم المتحدة بعد هجمات واسعة على الحديدة للاستيلاء عليها بالقوة وحين عجزت الجيوش عن انجاز الامر نفسه عسكريا وبعد تضحيات مهولة من كل الاطراف عاد “الانجليز” والامريكان ليطرحوا من جديد تسليم ميناء الحديدة سلميا وبالموافقة والتي لن تكون ان تمت الى خطوة اولى تليها مباشرة احتلال الحديدة بالقوة وعبر الجيوش المحيطة بها الان ولكن بعد “استكهولم” وبعد اضعاف الروح القتالية دفاعا عن السيادة اليمنية على الحديدة او على كل اليمن في وعي المقاتلين فطالما وقد سلمت السياد اليمنية لطرف اجنبي فما الذي ستقاتل من اجله غير الاراضي البيضاء التي يتقاتل عليها اليوم المقاتلون اللصوص في عدن ولحج وغيرهما في طول البلاد وعرضها في ظل الاحتلال والشرعية وكل الاطراف المتقاتلة !.
*الثانية وهي اخطر من سابقتها ومضمونها ان الاستعداد لتسليم السيادة في ميناء الحديدة للامم المتحدة هو في الحقيقة مؤشر الى ان الاطراف اليمنية المتقاتلة ممكن ان تسلم السيادة اليمنية في قضايا اخرى للامم المتحدة او غيرها باستدعاء قوات اجنبية لحمايتها من “اعدائها المحليين” وهذا ما عملته بريطانيا تاريخيا مع سلاطين ومشيخات المحميات الغربية لجنوب اليمن اي طلب الحماية الاجنبية تخوفا من العدو الداخلي !.
وعندما يقال غدا بضرورة فتح مطار صنعاء- وهو ما لم يعد يطرح الان بعد ان كان غريفت نفسه قد جعله اولوية الاولويات في بداية تعيينه مبعوثا الى اليمن من بوابة المسالة الانسانية نفسها في الحديدة – سيقال لا باس ان يفتح مطار صنعاء ولكن باشراف دولي كحال ميناء الحديدة وهكذا
والحقيقة ان مايطرح حول سيادة ميناء الحديدة وتسليمها للامم المتحدة سيمثل سابقة خطيرة في قضايا اخطر هي محل رهان الانجليز والصهاينة اي سيقال وبايعاز اجنبي من قبل اي طرف محلي يمني يجب حماية الممرات والجزر اليمنية من قبل قوى دولية تخوفا من ايران اومن عملائها في صنعاء او المهرة او اي طرف محلي اخر يتعللون به كذبا بينما هم من قولوه وصوغوا له دعوى الارتهانية للاجانب وهكذا وهو امر لا يمكن ان يتم ولا يستطيعه اي طرف دولي الا بموافقة الاطراف اليمنية وهذا ما يتم ترويجه الان في موضوع التنازل عن السيادة في ميناء الحديدة “جزئيا ومؤقتا” او هكذا يتم تبسيط الامر والترويج لمسالة غاية في الخطورة بهذه الخفة والطرح الاستهبالي للناس !.
*الثالثة وهي الاخطر وتكمل سابقتها فان حديث ممثل الامم المتحدة عن دور في ميناء الحديدة بموافقة الاطراف اليمنية مجتمعة او ما يسمى بالشرعية والحوثيين وبقية الفصائل المتقاتلة فانه يعني ان مخطط بريطانيا في تمزيق اليمن واحتلال ممراتها وسواحلها وجزرها قد بدات مؤشراته فعلا في امكانية ان تستدعي الاطراف المتقاتل الاحتلال للمناطق التي تسيطر عليها بحجة حمايتها من الاطراف المحلية الاخرى وقد يمثل ما يطرح عن الحديدة سابقة خطيرة قد لا يعيها البعض وقد يعيها البعض الاخر ولكن لايدرك نتائجها التسلسلية على بقية الملفات اليمنية في الازمة والعدوان الاجنبي على اليمن.
*للعبرة !
في اتفاقية “ساكسبيكو” التي مزقت فيها بلاد الشام بين الانجليز والفرنسيين وقام على اساسها و”عد بلفور” البريطاني وتسليم فلسطين لليهود كانت قد نصت في احد بنودها ان تكون فلسطين تحت اشراف الامم المتحدة مع انها في الاساس من نصيب الانجليز لا الفرنسيين !
وكان المغزى هو ان تعلن الامم المتحدة لا بريطانيا تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب في اعلان قيام دولة اسرائيل في 1947م وهنا يتجلى خبث الانجليز !.
*في الاخير يبقى ان نكرر النداء الف مرة :ايها اليمنيون- والخطاب للجميع بدون استثناء- احذروا الانجليز فهم اخطر قوى الاستعمار الغربي واكثرهم خبثا ودهائا !