الخبر وما وراء الخبر

حيَّ على المقاومة

50

بقلم / د. أحمد الصعدي

بينما كان رئيسُ وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، يتحيَّنُ الفُرَصَ؛ ليُعَبِّرَ عن دهشته الفلسفية لما يلقاه كيانُه من وُدٍّ وحفاوة وتضامن من جهة حُكّام عرب، وَبينما كانت عواصمُ ممالك خليجية تفتحُ قصورَها لنتنياهو وَوزرائه من غُلاة العنصريين، وكان هؤلاء أجمعين يحفرون مع ترامب وإدارته قبراً للقضية الفلسطينية سموه صفقة القرن، كان أبطالُ المقاومة الفلسطينية في قِطَاع غزة يعدون أنفسهم للأيام الآتية حتماً، أَيّام المواجهة القاسية مع الكيان الغاصب. وكان شبان وشابات مقاومون من مناطقَ فلسطينية أُخْــرَى – وكل فلسطين تحت الاحتلال – ينقضُّون على الصهاينة بين حين وآخر، في تأكيدٍ على أن المقاومة بشتى الوسائل، ولا سوى المقاومة هي الكفيلة باستعادَة الحَـقّ الأصيل للشعب الفلسطيني في وطنه المستقل الحر.

في هذه الأجواء جاءت المواجهةُ القتالية والمخابراتية بين أبطال المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وبين جيش الاحتلال ومخابراته، وهي المواجهة التي لم تستمر أَكْثَــرَ من 48 ساعةً وظهرت المقاومة الفلسطينية فيها أَكْثَــرَ قوةً واستعداداً من حيث وحدة المقاومين المنتمين إلى فصائل مختلفة، ومن حيث التسليح وبراعة استخدام السلاح.

لقد حقّقت المقاومةُ الفلسطينية الصامدةُ في هذه المواجهة الأخيرة نصراً بائناً وواضحاً. هو نصرٌ جزئي لا ريب في ذلك، إلا أنه حلقةٌ في سلسلة من حلقات الكفاح الوطني وفيه تضحيات وانتصارات متدرجة تقودُ إلى بلوغ الهدف المرجو في نهاية المطاف.

بهذا النصر الجزئي والمهم للشعب الفلسطيني على الكيان الصهيوني لم تزعزعِ المقاومةُ الفلسطينية في قطاع غزة الحكومةَ الصهيونية فحسب، بل خطَّت مسارَ دفن صفقة القرن التي روّج لها وأمر بها ترامب وإدارته وتهافت للاستثمار فيها أسوأ حكام العرب النفطيين والمتسولين عند أبوابهم.

عندما يقاوم الشعب الفلسطيني بهذا التحدي والإصرار يستحيلُ على أية قوة في الأرض أن تفرِضَ عليه صفقاتها مهما دعم تلك الصفقات سيفُ ترامب وذهبُ الخليج. فما مات حقُّ شعبٍ ووراءه مقاومة.

حيَّ على المقاومة.