الخبر وما وراء الخبر

ما هي دوافع التحالف وراء إيقاف المواجهات في الحديدة؟

53

ذمار نيوز | تقارير |  8 ربيع اول 1440هـ الموافق 16 نوفمبر 2018م

بعد مضي أسبوعين من انطلاق التصعيد العسكري للتحالف في محافظة الحديدة غربي اليمن، توقفت المواجهات بين مسلحيه من جهة والجيش واللجان الشعبية من جهة أخرى بعد هدوئها مرحليا اليومين الماضيين، بينما استمر النشاط الهجومي لمقاتلات التحالف في عدة مناطق داخل المدينة وحولها، فيما بدى أنه إيقاف خارج عن سيطرة تلك القوات والتحالف الذي يمونها.

هذا التوقف غير المفاجئ جاء بعد أقل من نصف شهر على تأجيل الأمم المتحدة لمحادثات السلام بين الأطراف اليمنية ممثلة بالمجلس السياسي الأعلى في صنعاء وحكومة هادي في الرياض إلى نهاية العام الجاري بعد أن كانت المنظمة نفسها أعلنت نهاية الشهر الجاري موعدا للمشاورات قبل أن يؤجلها التصعيد في الساحل الغربي، وبعد إعلان الولايات المتحدة الأميركية مهلة 30 يوما للتحالف لإنهاء الحرب.

وفيما أكدت مصادر عسكرية ميدانية في القوات الموالية للتحالف لوكالة رويترز الإخبارية صدور أوامر من التحالف إلى قياداته الميدانية من أجل إيقاف إطلاق النار في الحديدة، ظهر المتحدث باسم التحالف، العقيد تركي المالكي، مؤكدا نفي ذلك ومعلنا استمرار التصعيد، بينما قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن بلاده تؤيد محادثات
السلام برعاية أممية، وأن المملكة لم تكن تريد الحرب غير أنها فرضت عليها، لكن الجبير لم يذكر الطرف الذي فرض الحرب.

تصريحات المالكي جاءت بعد حديث القيادات الميدانية للوكالة الإخبارية وعلى غير دراية بها، ما جعلها متناقضة بشكل يؤكد أن التحالف لم يصدر أي قرار يقضي بإيقاف إطلاق النار في الساحل، وهو الذي راهن على فرصة أخيرة من التصعيد تمكنه من السيطرة على ميناء الحديدة، ما جعل الأمم المتحدة تمنحه الفرصة المطلوبة وتعلن تأجيل المشاورات، كما يؤكد أن تلك القيادات أرادت التهرب من الاعتراف بفشل لتصعيد للقول إن توقف المعارك جاء بقرار من التحالف.

توقف للمعارك وفشل للتصعيد هو الثالث منذ مايو/ أيار المنصرم، يستخدمه التحالف في أوقات تكون فيها مجاميعه المسلحة في حالة ضعف حرجة؛ من أجل إعطاء تلك المجاميع فرصة لاستعادة أنفاسها والاستعداد من جديد لشن هجوم وإعلان تصعيد آخر بعد تحشيد المزيد من المسلحين والآليات العسكرية بأعداد تفوق المرحلة الماضية بعدة مرات.

ولعل هذه المرحلة من التصعيد هي الأكبر منذ بدئه قبل عامين، إذ كانت تهدف إلى السيطرة على الميناء قبل نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، من أجل الضغط على السلطات في صنعاء لتقديم التنازلات في المشاورات القادمة، لكن هذه المرحلة ورغم ما حُشِد لها كانت أقل مراحل التصعيد من حيث الوقت، حيث لم تستمر سوى أقل من نصف شهر، ليجبرها الجيش واللجان الشعبية على التوقف قبل تجاوزها الأطراف الشرقية للمدينة.

ففي بيان صادر مطلع الأسبوع الجاري أكدت القوات المسلحة اليمنية أن الجيش واللجان قطعا خطوط الإمداد لمسلحي التحالف في الخط الساحلي، وسط التحيتا والفازة والجبلية وجاح الأسفل، بينما كثف المسلحون هجومهم على الجنوب الشرقي لمدينة الحديدة وهو ما مكنهم من السيطرة على مطاحن البحر الأحمر ومستشفى 22 مايو الحكومي قبل استعادته من قبل الجيش واللجان.

لحظات أشعرتهم بالنصر حينما بسطوا نفوذهم على مناطق مسورة كان يقيم عليها الجيش واللجان الشعبية ليكتشفوا لاحقا أنهم وقعوا في حقول ألغام انفجرت فيهم لاحقا، وهو ما أدى إلى رفع خسائر المسلحين إلى أكثر من ألف ومئتين قتيل وجريح بما فيهم ضحايا المواجهات في الساحل، كما أدى قطع خطوط الإمداد إلى إضعاف قوة الهجوم أطراف المدينة تدريجيا حتى تم إعلان وقف إطلاق النار غير المشروط من قبل المسلحين.

هدنةٌ بدأت قبل أن تعلن ودون أن تعلن، في وقتٍ روج التحالف فيه لمفاجأة تصدم الطرف الآخر غير أنها جاءت صادمة له، بعد مراهنته على المعركة في الوقت بدل الضائع، ما جعل الجبير يردد أربع مرات – في دقيقتين – أن الحل في اليمن سيكون سياسي وليس عسكري، ودفع بالتحالف إلى محاولة التصعيد في جبهة نهم بدلا من الساحل.

ويأتي التصعيد في نهم بعد يومين من لقاء قيادات حزب الإصلاح بالمسؤولين الإماراتيين في أبو ظبي، لتغطية فشل المسلحين في اجتياح الحديدة، وربما سيكون مصير مسلحي التحالف في جبهة نهم القريبة من مأرب التي تسيطر عليها قوات محسوبة على الحزب، أسوأ من مصيرهم في الساحل، خاصة أن تحشيد أربعة أعوام لم يمكنهم من تحقيق أي تقدم يذكر في الجبهة الأكثر صعوبة على التحالف.