الخبر وما وراء الخبر

كيف تعطرت الذكرى العطرة من باقات فاضل الشرقي.؟

183

ذمار نيوز|تحليلات|فؤاد الجنيد، الإثنين 27 صفر 1440هـ، الموافق 5 نوفمبر 2018م

رأس الأستاذ فاضل الشرقي مشرف محافظة ذمار اجتماعاً استثنائياً برؤساء اللجان المركزية والفرعية الخاصة بالتجهيزات والإستعدادات للإحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم، والمتعمق في حديث الشرقي سيرى محاور واسعة تشكل مداميك رئيسة في دلالة هذه المناسبة وأهميتها، وركائز جوهرية للإنطلاق نحو تجسيد هذه المناسبة في سلوك الأمة وتوجهاتها على كآفة الصعد.

بين التكريم والتحريم

في الوقت الذي تعيش فيه أمتنا الإسلامية أسوأ حالاتها ومراحلها في مناخات من الآفات والفتن والإندفاع على زخرف الدنيا، تطل على اليمنيين وسائر المسلمين ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم، في جو من التجاذبات والفتاوى التي جعلت الإحتفال بهذه الذكرى بين مطرقة الإجتهاد وسندان الهوى السياسي والحزبي وهذا ما لمح به الأستاذ الشرقي وصرح به عندما وجه البوصلة إلى موضع القبلة في إشارة إلى الفكر الوهابي، الذي يرى هو وازلامه وقواه أن الإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بدعة وضلالة، ويستدل بالقول إن النبي عليه الصلاة والسلام نفسه لم يحتفل بمولده، وكذلك الصحابة من بعده، مع أن كتب السيرة النبوية تؤكد أن السموات والأرض والشجر والحجر ابتهجوا بمولد النبي عليه الصلاة والسلام، وهناك الكثير من الآيات التي رافقت مولده وفندت إدعاءات فتاوى قرن الشيطان.

وجود الماء يلغي التيمم

إن زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزمن الصحابة من بعده لا يحتاج تذكيراً بالمصطفى ولا بمولده، كون المصطفى ليس غائباً عن تلك الحقبة أبداً، وهو ماثل بينهم في سلوكهم وممارساتهم وأقوالهم وأفعالهم، التي ازدحمت بالعبادات الكاملة والمعاملات والجهاد في سبيل الله وعمل الخير وكف الأذى، والأهم من ذلك هو أن الأمة الإسلامية كانت تتسيد العالم يومها، وكان النبي هو قائدها الأوحد والقرآن الكريم دستورها العظيم، وبالتالي لم تكن الأمة في غفلة حتى تحتاج من يذكرها بنبيها ومرشدها، لكننا اليوم في زمن الغفلة والتيه والضياع، زمن الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر وخدمات التكنولوجيا الرقمية، زمن أساطير الكرة والمصارعة والموضة، زمن القتل والسحل والذبح، زمن شبكات الدعارة والقنوات الإباحية، زمن التطبيل والتصفيق للظلم وازدواجية الأمن وحقوق الإنسان، زمن قدس الناس فيه أرباب السياسة والتفوا حولهم يفعلون ما يأمرونهم به فيحلون الحلال ويحرمون الحرام، بل نحن في عصر مسخ فيه شبابنا حتى صاروا يحفظون كل شاردة وواردة عن مهاجم كرة قدم برازيلي، ويعرفون كل صغيرة وكبيرة عن حياة ممثل تركي، وفي الوقت نفسه لا يعلمون كم عدد أولاد نبيهم المصطفى ومتى كان مولده.

هوان لا يتكرر

إن الهوان الذي وصلت إليه الأمة اليوم والذل والخنوع أبعدها عن قائد الإنسانية الأعظم ومنهاجه القويم صلى الله عليه وآله وسلم، وكسر شوكة المسلمين واخترق تعاليم الدين، فظهرت طوائف عدة تدعي الشريعة الإسلامية وتنفذ عكس هذه الشريعة ولها أدلتها وحججها التي لا تمت للدين بصلة وهذا ما دعا مشرف المحافظة للتشديد على استشعار المسئولية تجاه هذه المناسبة، فكم نحن في أمس الحاجة للإلتفاف حول قائد الإنسانية الأعظم ومنهاجه وتعاليم دينه وتذكير الناس بمولده الذي كان حدثاً فارقاً ومصيرياً في تأريخ العالمين، وتعريف الناس بمناقبه وشمائله المحمدية وصفاته وسلوكه لنتأسى به في زمن الفجور والغلو والتطرف، ونجسد صفاته وأفعاله وأحداث سيرته الفذة وبطولاته وغزواته وعباداته ومعاملاته!

إزدواجية مكشوفة

إن من يغتاظون اليوم من الإبتهاج بمولد سيد الخلق، ويحاولون التشكيك في إحياء وإثراء هذه المناسبة العظيمة وتذكير الناس بسيرة نبيهم العطرة وتخصيص أوقات للحديث عنها في المساجد والمؤسسات والمجالس والمنتديات، هم أنفسهم من يحتفلون بميلاد المسيح كل عام، ويبعثون ببرقيات التهاني للحكومات، بل ويشاركون في عيد الـ”كريسميس” ولا يرون للدين موقفاً من ذلك؛ وهم أنفسهم من يحتفلون بأعياد ميلاد أبنائهم وزوجاتهم ويتباهون بنشر صور الحفلات في مواقع التواصل الإجتماعي وهم يقطعون التورتة ويطفئون الشموع. من يجعلون للشجرة عيداً والأم عيداً والحب عيداً والمعلم عيداً والمرور عيداً ولكل مناسبة وطنية ذكرى وعيداً يملأ الآفاق ضجيجاً، يستكثرون اليوم تذكير الناس بمولد الشفيع النذير، ويحرمون الإبتهاج والفرحة بذكرى مولده، متناسين عشرات الآيات القرآنية التي مضمونها وجوب أن يكون الرسول أحب للمؤمنين من أنفسهم وأهلهم وأموالهم وتجارتهم، وقبل هذا يغضون نظرهم عن تكريم الله لرسوله في الشرح “ورفعنا لك ذكرك”.

شتان وشتان

كم هو مؤلم ومخز أن نرى الحملات الشرسة والمتكررة وهي تحاول النيل من المصطفى وأخلاقه وسماته قدحاً وذماً، وتنشر الكاريكاتيرات والومضات التي تسيء إليه وتعاود بث الأفلام المسيئة التي تطعنة في عرضه وتمسخ حقيقته، وأولئك لا يحركون ساكناً لأنهم غارقون في البحث والتنقيب عما إذا كان الإبتهاج بمولد النبي حلالاً أم حراماً، وكم هو مؤسف أن تفرد قنوات الإعلام العربية والإسلامية استوديوهات خاصة وتغطيات عدة حصرية لأيام وأسابيع تتحدث فيها عن سين من الزعماء أو صاد من الساسة، بينما لا تسخر ولو يوماً واحدا في العام لخير من وطأ الثرى بقدميه!