الخبر وما وراء الخبر

الإعلام المضلل وكيف يجب الحذر منه

98

ذمار نيوز | من هدي القرآن 13 صفر 1440هـ الموافق 22 أكتوبر، 2018م

قال الإمام علي (عليه السلام): (العاقل من تدبر العواقب). وكيف تستطيع أن تتدبر العواقب، أن تعرف أن أمراً كهذا تكون عاقبته هكذا إلا من خلال تأملاتك, وتدبرك للقرآن الكريم، ولصفحات هذا الكون في أحداثه المتجددة والكثيرة؟ ولهذا قال في كلام آخر: (العقل حفظ التجارب) التجارب هي الأحداث سواء تجارب تجريها أنت، أو أحداث تقع في الحياة، هي كلها لا تخرج عن سنن مكتوبة وراء كل عمل من الأعمال، أنه عملٌ ما يجر إلى نتيجة معينة، سواء كانت نتيجة سيئة أو نتيجة حسنة. إذا عاش الإنسان في هذه الدنيا وهو لا يحاول أن يستفيد، أن يستفيد مما يحصل فإنه نفسه من سيكون معرضاً للكثير من المزالق، يتأثر بالإعلام المضلل، يتأثر بالدعاية، يتأثر بالوعود الكاذبة، يتأثر بزخارف القول، وهكذا يظل إنساناً في حياته مرتابا يهتز لا يستطيع أن يستقيم ولا يستطيع أن يثبت؛ ولأن الدنيا مليئة بالضلال، والباطل له دعاته الكثيرون، والباطل لديه إمكانياته الكبيرة والواسعة، يمتلك الباطل هنا في هذه الدنيا أكثر مما يمتلك الحق؛ له القنوات الفضائية، وله وسائل الإعلام بشتى أنواعها، بشتى أنواعها سواء التلفزيون أو الإذاعة أو الصحيفة أو أشخاص يتحركون في أوساط الناس يحملون أفكاراً ضالة، أو كلمات مضلة، يحملون زخارف من القول يضلون بها الناس. ودعاة الحق قليل، الكثير منهم مغلوب على أمره، مقهور، وإذا ما تحرك يجد نفسه يفتقر إلى الكثير من الإمكانيات سيكون صمته محدوداً، ويكون مجال نفوذ كلمته محدوداً، حينئذٍ يكون الإنسان عرضة لأن يضل بسهولة إذا كان من يعملون من حوله، إذا كان كلما تسمعه وتشاهده من حولك يخدم الباطل بنسبه 90% أو أكثر، والنسبة القليلة هي نسبة الحق، وهي المغمور جانبها، المغلوب والمقهور صاحبها. إذا أنت تتأمل الأحداث لا تكن أنت بالشكل الذي يتلقى من الآخر ما يقول، ثم يأتي الطرف الآخر فتتلقى منه ما يقول حينئذٍ لن تكون أكثر من مجرد ناقل، تكون ذاكرتك عبارة عن شريط فقط تسجل فيها كلام فلان ثم يأتي كلام الآخر تسجله على الكلام الأول فيمسحه، وهكذا؛ أنت على هذا النحو لن تستفيد من العبر حتى من شخص واحد. قد يأتي زعيم من الزعماء يسمعه الناس عشر سنين عشرين سنة ثلاثين سنة، وكل فترة يقول كلاماُ معسولاً، ووعود براقة، ويقول أما الآن: الفترة هي فترة قليل من الكلام كثير من العمل.. تقول: صحيح.. تسجل الكلام في ذاكرتك، ثم تأتي شواهد على أن كلامه ذلك ليس واقعياً فأنت لا تبصرها ولا تتأملها. إذاً وأنت تحتفظ بذلك الكلام وأنت نظرتك إلى ذلك الرجل أنه هكذا كما قال، ولا تبصر الشواهد على أن كلامه غير حقيقي، ثم إذا بك تملّ، وتقول: يبدو أن هذا الكلام غير صحيح؛ قد بلي الشريط في ذاكرتك؛ ينطلق من جديد يقول: نحن الآن نريد أن نفتح صفحة جديدة، والآن هو فترة أن نقول ونعمل، وقليل من الكلام وكثير من العمل! قالوا: [والله كلامه أمس سمعناه جميل جداً وقال: أما الآن صفحة جديدة سنفتحها]! وهكذا، تعيش مع شخص على هذا النحو عشرين سنة، ثلاثين سنة وأنت ذلك الذي لست أكثر من سماعة. الله وبخ بني إسرائيل في كثير من آياته الكريمة على كثير مما كانوا عليه، منها قوله: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}(المائدة: من الآية41) سماعون للكذب، أنت قد تسمع الكذب من الشخص تسمعه فتعرف أنه كذب، أو تعرف حتى لو لم تجد الشواهد في نفس الوقت على أنه كذب، تستطيع أن تقطع أن تلك النوعية لا يمكن أن يأتي منها كلام صحيح، فأنت من تقطع بأنه كذب، لم يقل: يسمعون الكذب، {سَمَّاْعُوْنَ} يسمعه ويتأثر به في وقته، وقد ينطلق أيضاً وسيلة لنشره يخدم ذلك الكذب. {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} هل أن الكذب لا يأتي ما يكشفه؟ إن الكذب في أكثر الحالات يكون هناك ما يكشفه قبل أن يخرج إلى النور أن يخرج إلى الوجود، تستطيع أن تعرف أن مثل ذلك الشخص لن يكون صادقاً فيما قال، هو من النوعية التي هي عادة هي لا تصدق حتى ولو أقسم. وحتى لا يكون المؤمن من أولئك الذين قال الله عنهم: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} هو من يتأمل الأحداث، هو من يبصرها، هو من يعرف الشواهد عليها، ثم هو حينئذٍ من يعرف قبل أن يبرز الكذب من هناك، أو يبرز الباطل من هناك، وعادة الكذب هو يظهر بثوب الصدق هكذا، والباطل هو أيضاً يعمل على أن يرتدي رداء الحق فيظهر بثوب الحق أيضاً. كما قال الله عن اليهود في أنهم يلبسون الحق بالباطل، الباطل يقدمونه في ثوب الحق {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}(النساء: من الآية46) {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ}(البقرة79) وما هو من عند الله؛ لأن هناك في الساحة الكثير من الناس ممن يسمع الكلام ويتعامل مع ما سمع؛ لأنه يكون لديه خلفية مسبقة يستطيع من خلالها أن يعرف بطلان ما سمع، وإن نسب إلى الله، أو نسب إلى نبي من أنبيائه؛ لأنه قال عن أولئك أنهم كانوا يكتبون الكتاب بأيديهم ويقولون هو من عند الله..

ألم يقدموه باسم الله وأنه من عنده، يقولون للناس هذا من عند الله وما هو من عند الله {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(آل عمران: من الآية75). فكيف تستطيع أنت أن تعرف أن هـذا الشـيء من عند الله، أو أنه ليـس من عند الله؟. مثلاً في القرآن الكريم – وهي قاعدة ثابتة عند أهل البيت – أنه كتاب يجب أن يعرض عليه أي شيء ينسب إلى الله، سواء كان حديثا قدسياً أو ينسب إلى رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) أما من يتدبر القرآن الكريم، من يتأمله؛ لأن القرآن حقائق، هو من يكتشف أن ذلك الذي نسب إلى الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وإن قال المحدث الفلاني أن سنده صحيح وأنه رواه الثقة عن الثقة ستقطع بأنه ليس من عند رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله). أو لسنا نسمع حديث [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي] أنه حديث صحيح، ويكتبوه بالذهب أو بالنحاس بخط كبير فوق باب من أبواب روضة النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) فالكثير من الناس؛ لأنه في أوله قال رسول الله؛ أو عن رسول الله؛ بطبيعة الحال أنه مسلم ومؤمن برسول الله ومصدق سيقول: إذاً هذا قاله رسول الله، نفق عنده. لماذا انطلى عليه هذا الباطل؟ لأنه لم يعرف الحقائق داخل القرآن الكريم التي تجعل مثل ذلك الحديث مثل تلك العقيدة لا يمكن أن تكون منسوبة إلى النبي، لا يمكن أن تكون منه أبداً. الإنسان المؤمن إذا لم يربِّ نفسه من خلال تلاوة القرآن الكريم أن يتأمل كتاب الله، ويتدبر الأحداث في هذه الدنيا فهو من سينطلي عليه الباطل، سواء باطل قدم ونسب إلى الله، أو قدم ونسب إلى رسوله، أو قدم بشكل براق. والشيء المعروف في هذا الزمن أنه اختلفت الوضعية عما كان عليه الخلفاء السابقون الملوك والسلاطين في الزمان الأول هم كانوا يحتاجون إلى أن يقدموا الشيء للناس على أنه من دين الله لينفق وليقبله الناس؛ لأن الناس كانوا ما يزالون حديثي عهد بالنبوة، والشخص قيمته هو باعتبار ما يضاف إليه من مقام ديني؛ من مقام ديني، ولهذا كانوا يحتاجون إلى أن يختلقوا الأحاديث فضائل ينسبونها إلى فلان وفلان وفلان ليقدموه في ثوب رجل دين رجل الفضائل رجل الكمال فباسم الدين يمشي عند الآخرين ويقبله الآخرون. تطور الزمان، وهكذا الباطل يتطور، لكن باتجاه تحت إلى أسفل إلى الحضيض حتى أصبحت القضية الآن أنه أي زعيم من الزعماء لا يحتاج في تلميع نفسه في أن يوجد لنفسه ولاء في نفوس الناس، لا يحتاج إلى الجانب الديني بكله، وإذا قلنا هو لا يحتاج إلى الجانب الديني فماذا يمكن أن يقدم للآخرين؟ الآخرون نحن هبطنا أيضاً مع الزمن، هبطنا أيضاً؛ فنحن لم نعد ننظر إلى الشخص من زاوية الدين أبداً، اختلفت المقاييس, اختلفت المعايير لدرجة أنه أي زعيم من الزعماء لا يحتاج أن يضفي على نفسه شرعية دينية، يمكن أن نقول شرعية ديمقراطية مثلاً، أو شرعية وراثة الملك، أنهم بيت ملك يتوارثونه واحداً بعد واحد، وهذا حق مطلق لهم ليس لأحد غيرهم فيقبل الناس. في أن يوجد لنفسه ولاءات الناس، وهذه هي تربية الباطل، تربية الباطل تجعل الناس يخلدون إلى الأرض، ويضعون صفر على الدين بكله، وما لديهم من قيم الدين، أو ممارسات دينية إنما هي عبارة عن موروث تعودوا عليه وألفوه، يكون الجهل بالدين مطبقاً على الناس، وإن كانوا لا يزالون يمارسون شكليات منه، فيكتفي بأن يقدم للناس حديثاً يتعلق بمصالحهم الشخصية، منجزات، مشاريع، تنمية، عبارات من هذه. أليس هذا هو ما يستخدمه الزعماء والملوك في عصرنا هذا؟ لم يعودوا بحاجة إلى أن يستخدموا الأسلوب الذي استخدمه معاوية. معاوية كان يحتاج، ويحتاج الآخرون من حوله من علماء بلاطه أن يقدموه للمجتمع كخليفة للنبي ويضفوا عليه شرعية دينية ويعملوا له فضائل [كاتب الوحي] مثلاً, أن جبريل أنزل إليه قلماً من ذهب ليكتب به آية الكرسي!! من هذا النوع من الفضائل.. لكن نحن الآن لا نحتاج إلى أن يقال أن ملكاً من الملوك أو زعيماً من الزعماء هو خليفة لرسول الله وأنزل إليه جبريل قلماً من فضة أو ذهب يكتب به أي شيء من كتاب الله أو من كلام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله). أمكنهم أن يعودوا إلى الأسلوب الذي عمله فرعون مع قومه أيام موسى، الحديث عن مظاهر الملك، الحديث عن مقامه باعتباره رمزاً، الحديث عن المنجزات، الحديث عن وعود كثيرة. عادة الباطل؛ الباطل إذا انساق الناس معه منطق الباطل لا يخلق لديك وعياً أبداً إنما هو جهل متراكم؛ جهل يتراكم داخل نفوس الناس فيصبحون أيضاً لا يبصرون؛ لا يبصرون أيضاً أن مثل ذلك لا يمكن أن يصدق في وعده أو على أقل تقدير أنه من المحتمل أن لا يفي بوعوده. لم يعد لديهم ما يبصرهم على هذا النحو، قد يكون هذا للمؤمنين الذين لديهم مقاييس دينية، ولديهم تقييم إلهي؛ لأن الله في القرآن الكريم عمل تقييماً متكاملاً للشخصيات بأنواعها..

ألم يقدم لنا نفسية المؤمن؟ وقيَّم لنا نفسية المنافق؟ قيَّم نفسية اليهودي ونفسية النصراني ونفسية الكافر تقييماً كاملاً يعلمك هذه النفسية وكيف سيكون سلوكها في الحياة، كيف سيكون منطقها، هل هي ستفي أم أنها ستكذب أم أنها حتى تعمل على أن تنفق كذبها بالحلف، بالأيمان الفاجرة. ألم يقل هكذا عن المنافقين: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ}(التوبة: من الآية62) يقول شيئاً ويتبعه بيمين من أجل أن تقتنع بما قاله، من أجل أن تصدقه، ولأنها نفوس هكذا، وتقييم صحيح لها يحشر الإنسان يوم القيامة، يبعث ويحشر بنفسيته؛ فيأتي المنافقون يوم القيامة يقول الله عنهم بأنهم {فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ}(المجادلة: من الآية18) حتى في يوم القيامة يحلف بالله على أنه ما قال كذا، ويحلف بالله أنه ما أراد إلا كذا أمام الله، يحلف ويظن أنه سينفعه يمينه أو أنه سيقنع الباري ويخدعه؛ لأنه هكذا كان في الدنيا، هكذا كان في الدنيا. والملوك في عصرنا هذا؟ لم يعودوا بحاجة إلى أن يستخدموا الأسلوب الذي استخدمه معاوية. معاوية كان يحتاج، ويحتاج الآخرون من حوله من علماء بلاطه أن يقدموه للمجتمع كخليفة للنبي ويضفوا عليه شرعية دينية ويعملوا له فضائل [كاتب الوحي] مثلاً, أن جبريل أنزل إليه قلماً من ذهب ليكتب به آية الكرسي!! من هذا النوع من الفضائل.. لكن نحن الآن لا نحتاج إلى أن يقال أن ملكاً من الملوك أو زعيماً من الزعماء هو خليفة لرسول الله وأنزل إليه جبريل قلماً من فضة أو ذهب يكتب به أي شيء من كتاب الله أو من كلام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله). أمكنهم أن يعودوا إلى الأسلوب الذي عمله فرعون مع قومه أيام موسى، الحديث عن مظاهر الملك، الحديث عن مقامه باعتباره رمزاً، الحديث عن المنجزات، الحديث عن وعود كثيرة. عادة الباطل؛ الباطل إذا انساق الناس معه منطق الباطل لا يخلق لديك وعياً أبداً إنما هو جهل متراكم؛ جهل يتراكم داخل نفوس الناس فيصبحون أيضاً لا يبصرون؛ لا يبصرون أيضاً أن مثل ذلك لا يمكن أن يصدق في وعده أو على أقل تقدير أنه من المحتمل أن لا يفي بوعوده. لم يعد لديهم ما يبصرهم على هذا النحو، قد يكون هذا للمؤمنين الذين لديهم مقاييس دينية، ولديهم تقييم إلهي؛ لأن الله في القرآن الكريم عمل تقييماً متكاملاً للشخصيات بأنواعها.. ألم يقدم لنا نفسية المؤمن

وقيَّم لنا نفسية المنافق؟ قيَّم نفسية اليهودي ونفسية النصراني ونفسية الكافر تقييماً كاملاً يعلمك هذه النفسية وكيف سيكون سلوكها في الحياة، كيف سيكون منطقها، هل هي ستفي أم أنها ستكذب أم أنها حتى تعمل على أن تنفق كذبها بالحلف، بالأيمان الفاجرة. ألم يقل هكذا عن المنافقين: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ}(التوبة: من الآية62) يقول شيئاً ويتبعه بيمين من أجل أن تقتنع بما قاله، من أجل أن تصدقه، ولأنها نفوس هكذا، وتقييم صحيح لها يحشر الإنسان يوم القيامة، يبعث ويحشر بنفسيته؛ فيأتي المنافقون يوم القيامة يقول الله عنهم بأنهم {فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ}(المجادلة: من الآية18) حتى في يوم القيامة يحلف بالله على أنه ما قال كذا، ويحلف بالله أنه ما أراد إلا كذا أمام الله، يحلف ويظن أنه سينفعه يمينه أو أنه سيقنع الباري ويخدعه؛ لأنه هكذا كان في الدنيا، هكذا كان في الدنيا.

دروس من هدي القرآن الكريم

من ملزمة ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 10/2/2002م

اليمن – صعدة

الله أكبر

الموت لأمريكا

الموت لإسرائيل

اللعنة على اليهود

النصر للإسلام