معالجة الأوضاع المالية في ظل العدوان والحصار والظروف الراهنة تجسيداً للشعار: يدٌ تحمي ويدٌ تبني (3)
بقلم د/ هشام محمد الجنيد
التوعيةُ بثقافة القرآن الكريم واتّباع توجيهات قائد الثورة أقوى سلاح لتنفيذ المسئوليات الدينية والوطنية، ومنها الإخلاص في تنفيذ المسئوليات الإدارية العامة لتحقيق الخير وزيادة العائدات المالية لخزينة الدولة في ظل العدوان والحصار على بلادنا
شَهِــدَ اليمنُ وما زال يشهَدُ أكبرَ مظلوميةٍ في تأريخ البشرية، وهي العدوانُ السعوديّ الأمريكي الإسرائيلي الإماراتي وحلفائهم على بلادنا منذُ أَكْثَــرَ من 3 أعوام ونصف العام، ولم يسبقْ أن فُرِضَ حصارٌ شاملٌ في تأريخ الحروب البشرية مثل الحصار على بلادنا من هذا العدوان السافر الذي ترتب عليه أزمةٌ اقتصَاديّة وماليّة حادّة.
وفي ظل هذا العدوان والحصار والأوضاع الراهنة التي نعيشُها، بالإمْكَـان وضعُ مقترحاتٍ كفيلةٍ بمعالجةِ الأزمة المالية تساعدُ إلى حَـدٍّ كبير في معالجةِ العجزِ الحادِّ في ميزانية الدولة لتغطيةِ ما أمكن من المرتبات والأجور بعد أولوية المجهود الحربي، وهي على النحو التالي:
11ـــ إقالة عناصر الفساد خطوة أَسَـاسية للبناء والإصلاحات: إذا تم إعداد أَوْ تطوير آليات تنظيمية إدارية مثالية، ووضعت حلول مثالية لمعالجة أزمة تغطية المرتبات والأجور في ظل هذه الظروف، وعناصر الفساد مهيمنة على مفاصل التسيير الإداري والمالي في الجهات الإيرادية والخدمية، فإنَّ نتائج الأداء لن تتحسن، سوى ربما في الحدود الدنيا، خصوصاً في ظل ركاكة المؤسّسات الرقابية. ما يجب بداية تمشيط عناصر الفساد المركزية والمحورية بإقالتها، وتشديد الرقابة المصاحبة واللاحقة على نتائج الأعمال الدورية.. عندما نتكلم عن البناء والإصلاحات ومعالجة الأزمة المالية والاقتصَادية، فإنَّ موضوع الفساد وعناصره يكون حتماً حاضراً، ولا يمكن تجاهله.. فهل يمكن أن تبني بيتاً جديداً على أرضية عليها بناء قديم لا يصلح للسكن؟. فكيف يكون الحل؟. ببساطة، إزالة المبنى القديم. وكذلك الأمر في الإدارة، لا يمكن تنفيذ عمليات البناء والإصلاحات ومعالجة الأوضاع المالية في ظل سيطرة وبقاء عناصر الفساد التي تحارب بطبيعتها التلقائية مسارات البناء والإصلاح إلا بإقالة أئمة الفساد في الإدارة. بمعنى أن الإصلاح والفساد لا يجتمعان في أن واحد.. وماذا بعد قول الله تعالى في سورة الشعراء (الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) الآية (152).
هل نأمل بعد هذه الآية الكريمة أن تقومَ العناصرُ الفاسدةُ بالإصلاحات المؤدية إلى معالجة الأزمة المالية وغيرها من الإصلاحات في ظل هذه الظروف التي نعيشها أَوْ غيرها؟.. بل إنَّ الحلول والمعالجات الشاملة والضامنة لتصحيح مسارات تنفيذ مسئولياتنا الدينية والوطنية ومنها توجيه سلوكنا الإداري نحو الإخلاص في تنفيذ المسئوليات الإدارية العامة لما فيه تحقيق الخير هي التوعية بثقافة القرآن الكريم (أقوى سلاح)، وتنفيذ توجيهات مولانا قائد المسيرة القرآنية السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ونصره.
12ـــ التركيز على عنصر الإخلاص خطوة أَسَـاسية للبناء والإصلاح: يجب التحري والتدقيق في مسألة اختيار وتسمية العناصر في المناصب القيادية والإدارية والأقل منها ذات الأهميَّـة بالتركيز على العناصر المخلصة في ولائها للوطن المدركة للعدوان في الداخل والخارج والمدركة لأَهْـدَافه الشيطانية. وخير مثال على ذلك في القرآن الكريم في سورة يوسف هو جعل ملك مصر النبي يوسف عليه السلام واليا على خزائن الأرض (مصر) أي عزيزاً لمصر بعد أن عرف سلوكه وتعامله في السجن وقبل أن يدخل السجن بأنه صادق وأمين، أصبح ذا مكانة رفيعة ونفوذ لدى الملك. قال الله تعالى في سورة يوسف: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي، فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) الآيتان (54) وَ(55) من سورة يوسف..
ومن ما يستفاد من هاتين الآيتين الكريمتين: إيلاء عنصر الإخلاص أهميَّـة قصوى. فكلمة (حفيظ) تدُلُّ على الإخلاص والنزاهة. وكلمة (عليم) تدل على العلم والكفاءة. إذن أمر التركيز على عنصر الإخلاص له أهميَّـة بالغة، وإنْ كانت الكفاءة متواضعة مبدئياً، فإنها ستتطور مع الممارسة. بينما العكس، إذا كانت الكفاءة مرتفعة وعنصر الإخلاص شكلي أَوْ في حدوده الدنيا ــ لأغراض الاستمرار في عمليات الفساد ــ فلا يترتب إلا الفساد. ومثل هذه العناصر لا تستغل كفاءتها إلا في مسارات إصلاحية شكلية أَوْ في حدودها الدنيا وهي في أغلب الأحوال غير أَسَـاسية، لتلميع سمعتها ولأغراض بقائها لأجل مصالحها الشخصية، وبالتالي نتائج أعمالهاً تكون سلبية لناحية تحقيق المنفعة العامة للمجتمع. وخطورة هذه العناصر أنها متماسكة ومتعاضدة وتزكي بعضها، وتمتلك القدرة على الأساليب التضليلية، وقدرتها على زخرفة القول، وَتغليف وتلوين وتبييض أعمالها بطابع العمل المؤسّسي. ويصعب اختراقها إذا لم توجد عناصر رقابية ذكية وذات إرادة صادقة ومخلصة في مسئولياتها في سبيل الله.
قال الله تعالى في سورة البقرة (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) من الآية (282). البقية في العدد القادم.. والله ولي التوفيق.
نسألُ اللهَ تعالى أن ينصُرَنا بنصره، إنه سميعُ الدعاء..