الخبر وما وراء الخبر

قراءة في المفهوم العام لوثيقة الشرف القبلي !

100

عبدالعزيز البغدادي


أن تتسابق القبائل اليمنية للتوقيع على وثيقة الشرف القبلي فهذا يعطي مدلولاً للإنتماء الوطني للقبيلة اليمنية معناه أن الإنتماء القبلي لم يعد عائقا في بناء مفهوم المواطنة وأن العائق في هذا المجال إنماهو إساءة استخدام القبيلة أو تجنيدها لتحقيق مآرب بعض العصابات سواء من المشائخ أو من أي صاحب سلطة عليها باسم الشهامة القبلية أو باسم الدين أو تحت أي مسمًّى آخر وهذا ما عانت منه اليمن طويلا !،
فالمعروف في النظم الإجتماعية أن القبيلة مرحلة سابقة لظهور الدولة وأن لكل قبيلة نظامها الداخلي وسلطاتها المنعزلة عن القبائل الأخرى وإن ارتبطت ببعض عهود أو مواثيق تحتفظ فيها كل قبيلة بنفوذها العرفي في نطاق حدودها الجغرافية التي كثيراً ماتكون متداخلة نتيجة المؤاخاة التي تعني حق الفرد والجماعة أن تختار وأن تغير اختيارها في الإنتماء القبلي التي تنظمه الأعراف وهذا بالتأكيد يؤثر على امتداداتها الإجتماعية وما يتبع ذلك من حقوق وواجبات تختلف نسبياً باختلاف القبائل وتتأثر في إختلافها بعوامل عديدة ذاتية ومعرفية وطبيعية ، التضاريس من جبال وصحاري وسهول ووديان وبحار ،

نعم لعل البحر كان مفتاحاً للتواصل ولذلك رأينا سكان السواحل أقرب إلى المدنية والتمدن والبحث عن السلام بمعناه الإيجابي .
والمعروف عن القبيلة عموماً خاصة في المناطق الأكثر قابلية للعزلة أنها أكثر تخلفاً وأقل وعياً بمعنى الوطن المكون من العديد من القبل والذين تجمعهم قواسم مشتركة وهموم تستوعب جمعهم السكاني والجغرافي .

ومن كل قبيلة تبرز نخب يكون لها عادةً دور حيوي في الدعوة إلى الانصهار في الكيان الوطني الجامع الذي يصبح كتلة واحدة تستفيد من تعددها بامتلاك عناصر للقوة تجعلها قادرة في الظروف الاستثنائية على الإكتفاء الذاتي وعدم الإرتهان لأي دولة قريبة أو بعيدة والاستعداد التام للدفاع عن النفس في حال تعرضت لأي عدوان خارجي ،

ولا أعتقد أنه يوجد بين البلدان في المنطقة بل وفي العالم من يشبه اليمن في تعدد المناخ والمزروعات والأعشاب وألوان الأحجار والمعادن واللهجات والتراث الشعبي والتفرعات القبلية وإن كانت ترجع لأصل واحد والتضاريس وفي مساحة جغرافية محدودة نسبياً حيث تشتمل اليمن على سبيل المثال على تعدد مناخي طول العام يضم كل مستويات التعدد من بارد في المرتفعات إلى حار رطب على سواحل البحر العربي والأحمر والمحيط الهندي وحار جاف على صحراء الربع الخالي أي أن اليمن أشبه بعالم أو كأنها ملخص للكرة الأرضية !

لذلك رأينا بعض التشوش لدى البعض في رؤية عوامل الوحدة رغم وضوحها من خلال هذا الكم من التعدد ولوجود بعض العوامل الداخلية والخارجية المساعدة في زرع وتغذية عوامل الفرقة والإنقسام وادعاء الهويات الخاصة ! ،

في العدوان السعودي الصهيوني الأمريكي الذي أفصح عن وجهه القبيح مباشرة في 26/3/2015م تكشف عن هذا العدوان وجه آخر ووظيفة اخرى لبعض من يحسبون على النخبة الثقافية والسياسية وظيفة ووجه لا يتخيلها عقل ولا يصدقهما عاقل .

حيث رأينا من النخب التي يعول عليهم في تمتين البناء الوطني الواحد من يقف مع مشروع تمزيق الوطن إلى أشلاء لمجرد أن السفير الأمريكي والبريطاني والسعودي والخليجي قد أمرهم باعتماد هذا المشروع ورأينا مجاميع منهم يعقدون في عاصمة العمالة ( الرياض ) مؤتمراً أسموه مؤتمر الرياض هكذا مؤتمر للعمالة جهاراً نهاراً !!،

وفي المقابل رأينا قبائل اليمن تتنادى من كل الأنحاء للتوقيع على وثيقة الشرف القبلي !!
تدعو للإصطفاف الوطني والوحدة الوطنية دفاعاً عن حرية اليمن وسيادته واستقلاله أي أن القبيلة تدعو إلى إجتياز مفهوم القبيلة والإنتماآت الضيقة إلى الدخول في رحاب الوطن !!!.

وبعض العقول الضالة تختصر العالم وفق التفكير المريض في القرية وفي أحسن الأحوال وأوسع الآفاق في الأقاليم التي صممها سعادة السفير !،
وحين تربط القبيلة اليمنية شرفها بشرف الدفاع عن الوطن فهذا يعني أن للقبيلة اليمنية رسالة وطنية تجعلها دائمة الحضور في الضمير العام هذه ليست دعوة لقبيلة الوطن ولكنها دعوة لنتعلم من دعاة الإصطفاف والتوحد للدفاع عن الوطن شرف الإنتماء للأرض والإنسان !!.