الخبر وما وراء الخبر

*حكاية من واقع المجاهدات *

109

بقلم | هناء-الوزير

تأخرت عن موعد الدوام …
لابأس .. وعسى أن تكرهوا شيئا
التفت يمنة ويسرة فقررت التوجه لمنزل يتم فيه اعداد الكعك استعدادً لتجهيز قافلة لمجاهدينا الأبطال المرابطين في ساحات العزة والكرامة في جبهة الساحل الغربي
كان الوضع هناك مختلف تماما عمايدور في الخارج ..
وجدت مجاهدات صابرات لاهمّ لهن سوى العمل في سبيل الله ،يتسابقن للعمل باخلاص وتفانِ..
إحداهن تقول : أشعر أني هنا في محراب مقدس أجهز الافطار لأولادي المجاهدين
وأنا أضع يدي بين عجينة الكعك أشعر بأني اقترب منهم فأناولهم لقمة يتقوون بها على مواجهة أعدائهم .

واحدة أخرى تقول : لاعاد نقصر معاهم قد بيدوا رؤسهم ،ما عاد عنقدر نسبر لهم .. والله لاندي أرواحنا لهم .

واحدة أخرى كانت قد اختارت لها مكانا مناسبا كونها حامل في شهرها التاسع ورغم ماتعانيه من آلام الحمل وعدم قدرتها على الانحناء إلا أنها أشدهن حرصا على أن تقوم بواجبها مهما كان تعبها ،قائلة : مادام وعملي لله فهو سيعينني ولا أريد أن أقصر تجاه مجاهدينا المرابطين الأبطال
فهم يبذلون رؤوسهم ومهجهم رخيصة في سبيل الله فهل أبخل بعمل أجد فيه تعبا أرجو به راحة أبدية
وارجو الله أن يتقبل منا .

و بينما كنا نردد جميعا زاملا محفزا ارتفعت الاصوات :
والله مانركع لحد
إلا لرب العالمين
مادام واحنا للاله
ملبيين ومهللين
وبين الحين والآخر هتافات الصرخة تنبعث من قلوبهن في حالة من العزة والشموخ متحديات العدوان الهمجي الوقح الذي طالما حاول أن ينال من همتهن .
وأخرى هناك تسارع أن تترك مكانها في اعداد الكعك تتجه للعجين بهمة عالية :
تقول : اشتي اعجن لأجل يوقع لي أجر في كل كعكة .. تسابق ومسارعة في بذل جهدهن بكل صدق ..
صدق مع الله وصدق مع النفس صدق جعلهن يتجردن من كل مظاهر الرياء والنفاق مستشعرات حجم المسؤولية ،بل وتقول :
إذا كان زوجي وأخوتي قد حملوا بنادقهم على اكتافهم ورؤوسهم على أكفهم وانطلقوا مجاهدين ،فهل نبخل عليهم والله ان احنا هنا مرابطات في متارسنا.
فإذا كان المجاهدون قد تمسكوا ببنادقهم في رباطهم المقدس في المتارس والخنادق فنحن هنا في جبهة الصمود لن نتخلى عن واجبنا تجاههم ،ووالله لو واصلنا العمل الليل والنهار لن نكل أو نمل حتى يتحقق لنا النصر
فنكون قد قمنا بواجبنا ما تخلفت منا إمرأة واحدة .
بعدها تعالت الاصوات مرددة :
الوفاء ماتغير
عهد الاحرار باقي
يارعى الله نفس ..تعيش في العمر حرة .

التفت اليهن وقلت والله إن عملكن هذا عظيم وإن هذا رباط مقدس .
وهذا الكلام بحد ذاته يرفع الرؤوس ويعلي مقامكن عند الله ..

وأخرى ارادت أن توجه رسالة لكل خاين ومرتزق عميل للعدو المحتل
فقالت بحماس وعزة:
( والله لو ندي رؤوسنا لاجل المجاهدين ما نقصر ،وإنها قليل تجاه ما بيقدموه فهم من يحافظوا على أعراضنا ونحن في أمن وراحة
بفضلهم ..

وعلى وقع أنغام زامل المبدع
قيس الرصاص(أهل المدد)
الجميع هنا ردد معه وابتسامة عريضة تعلو تلك الوجوه الطيبة

يا اهل المدد وصلوا لأمي
هذي رسالة من الجبهة
قولوا لها بالدعاء ترمي
عادوه بحينه على الرجعة ..
يا اماه لاتحملي همي
لاتظهري للعدو دمعة
مرتاح وانا ابنش النشمي
والوضع في غاية الروعة
يا أماه لش عهد من دمي
عهد الأسد ساعة الفزعة
صوب العدا بالحتوف أرمي
واهجم مع خبرتي جمعة
يا أماه بارجع مع قومي
بالنصر لساحة البرعة
وأطيع أمرش على خشمي
وأفرش لش الروح في البقعة
يا أماه وإن كان من قسمي
نيل الشهادة على البيعة
الحمد لله وفي علمي
ما مثلها فخر أو رفعة ..

وهنا التفت والغالبية من حولي إما أم شهيد أو أخت شهيد ،أو أم أو زوجة لمجاهد مرابط ..
ارتفعت الرؤوس شامخة متباهية أنا نعيش هذا الوضع ،فكان موقف الحمد والشكر والفخر والعزة لما تعيشه المرأة اليمنية المجاهدة من
حالة الشموخ والثبات***

استكملنا معا زامل اهل المدد والجميع يردد ..
يا أهل المدد وصلوا لابني
في مترسة داخل الجبهة
إني من القلب بين ادعي
من فجر يومي لما الهجعة
يحفظ وليدي وكل نشمي
كن درعنا ساعة الفزعة
من دك الابرامز والام بي
بضرب ستاعش والسبعة
يا أهل المدد بلغوا ابني إن الشهادة لنا رفعة
ما اناش ضعيفة ولا شا بكي
ولو يردوه لي قطعة
شاعيد غرسه وسط قلبي
وارسل أخوه يلقف البقعة

وانطلقت بعدها صرخة عالية نفثت بها هؤلاء المرابطات سخطهن في وجه أعداء الله ..
وتبادلنا الأحاديث والنكت وحالة من الود والسعادة تغمر الجميع ..
ويطول الكلام في وصف مجرد لبضع ساعات جهادية
فكيف بها بقية أيامهن وهن مع الله وفي سبيله ؟؟
وكيف لعدو أن يهزم أمة هذا حال أمهات وزوجات وأخوات المجاهدين المرابطين ،والشهداء المستبشرين؟
كيف له أن ينال من نساء باعت من الله مهجها وفلذات أكبادها ؟؟
هاهي تهتف هيهات منا الذلة
والله ما نركع لأحد …

وجاء وقت الوقوف عند الفرن فتفزع احداهن قائلة : أنا اشتي اقوم عند الفرن فهذا الحر سيحميني من حر نار جهنم …

وهنا تعجز كلماتي وأترك الحديث لكم ..