الضغوط تتزايد على السعودية بقضية اختفاء خاشقجي
يبدو أن حادثة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي لم تعد تمثّل محوراً لأزمة سياسية فقط، وإنما تتعاظم يوميا لتصل إلى بدء إجراءات اقتصادية من طرف مجموعة من أكبر الشركات العالمية العملاقة والأشخاص المؤثرين تجاه التزامات سابقة جمعتهم مع الرياض، خاصة مع توالي الاخبار التي تتحدث عن قتل خاشقجي بطريقة مروّعة.
بعد مرور أكثر من عشرة أيام على اختفاء خاشقجي بعد دخوله مبنى القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، خرجت العديد من الشخصيات العالمية البارزة في عالم الأعمال والإعلام والشركات العملاقة، يعلنون عن قراراتهم بخصوص الانسحاب أو تجميد مشاركاتهم في مشروعات أو أنشطة سعودية، بينما أعلنت شركات وشخصيات عالمية أخرى أنها مازالت تدرس موقفها مع تبدّي الحقائق في قضية الصحفي السعودي المختفي. وفي هذا المجال نشير باختصار الى أهم وابرز الشركات التي قررت مقاطعة السعودية (لحد الان):
أعلنت شركتا “جيه بي مورغان” و”فورد موتور” الأمريكيتان، مقاطعة مؤتمر السعودية الاستثماري، في أحدث قرارات النأي عن المؤتمر استمرارا لأزمة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وأكدت الشركتان قرارهما عدم الحضور في بيانين منفصلين أمس الأحد، من دون توضيح الأسباب.
وقد يؤدي هذا الإلغاء إلى زيادة الضغط على شركات أمريكية أخرى مثل “غولدمان ساكس” و”ماستر كارد” و”بنك أوف أمريكا” لإعادة النظر في خططها لحضور المؤتمر.
وانسحبت من المؤتمر مؤسسات إعلامية كبرى مثل شبكة “سي إن إن” الإخبارية وصحيفتي “فايننشال تايمز” و”نيويورك تايمز” ووكالة “بلومبرغ” للأنباء.
وقالت شبكة “فوكس بيزنس”، وهي المؤسسة الإعلامية الغربية الوحيدة التي لم تقرر إلغاء مشاركتها في المؤتمر، إنها تراجع هذا القرار.
وكان من المقرر أن يجتذب مؤتمر ”بادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض بعضا من نخبة رجال الأعمال بمن فيهم رؤساء كبرى شركات العالم والمنظمات الإعلامية، لكن سرعان ما تحول إلى وسيلة لهذه الشركات للتعبير عن قلقها إزاء اختفاء خاشقجي.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد هدد بأنه سيكون هناك “عقاب شديد“ إذا تبين أن خاشقجي قتل في القنصلية السعودية رغم أنه قال إن واشنطن “ستعاقب نفسها” إذا أوقفت مبيعات الأسلحة للرياض.
إمبراطور فيرجن ينسحب من المؤتمر.. ويهدد
وفي حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن السير يريتشارد برانسون مؤسس مجموعة “فيرجن غروب” لعملاقة التي تضم أكثر من 400 شركة عالمية في مختلف المجالات، أعلن قطع الروابط مع الحكومة السعودية بعد حادثة اختفاء الصحفي جمال خاشقجي، واتخاذ مجموعة من القرارات التي تشمل تعليق اتفاقيات اقتصادية جارية ومستقبلية.
وبحسب المنشور الرسمي الذي أعلنه برانسون، قال فيه إنه كان يحمل آمالا عظيمة في السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان، وهو الأمر الذي جعله يقبل عرض الحكومة السعودية له بتولي إدارة مشروعين سياحيين كبيرين في مدينة “نيـوم ” الذكية حول منطقة البحر الأحمر.
سلمان لأردوغان: لن ينال أحد من صلابة علاقتنا!
في وسط الازمة الراهنة وتصاعد حدة الانتقادات والتهديد بفرض العقوبات على المملكة، رحب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بمقترح الأخير تشكيل فريق عمل لتقصي الحقائق في قضية اختفاء الصحفي جمال خاشقجي.
وأكد الملك السعودي، “حرص المملكة على علاقاتها بشقيقتها تركيا، بقدر حرص تركيا على ذلك، مشيرا إلى أن “أحدا لن ينال من صلابة هذه العلاقة”، بحسب الاعلام السعودي.
خطيبة خاشقجي تخاطب وزير خارجية السعودية
من جانبها خاطبت “خديجة جنكيز” خطيبة الإعلامي السعودي المختفي جمال خاشقجي، وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بعد يوم من توجيه طلب للقيادة السعودية بالإفصاح عن مصير خاشجقي.
وأعربت خديجة عن أسفها بسبب عدم رد الجبير على تساؤلات العالم حول قضية خطيبها. وكتبت في تغريدة على حساب منسوب لها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “أتساءل لماذا لا يجيب الجبير عن تساؤلات العالم وهو يعلم أن بلاده في مأزق بسبب اختطافهم لخطيبي جمال خاشقجي وهذا ضد كل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان”.
بريطانيا، فرنسا وألمانيا يدخلون بجدية في القضية
وفي احدث ردود الافعال المستمرة، طالب وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا والمانيا بضرورة الكشف عن ملابسات اختفاء خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول منذ الثاني من الشهر الحالي، وأكدوا في بيان مشترك ضرورة إجراء تحقيق موثوق بالقضية وتحديد المسؤولين.
حيث طالب وزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا والمانيا في بيان بضرورة الكشف عن ملابسات اختفاء خاشقجي.
الوزراء الثلاثة وفي بيان مشترك اكدوا ضرورة إجراء تحقيق موثوق بالقضية للوقوف على حقيقةِ ما حدث وتحديد المسؤولين.
وقال الوزراء في بيانِهم إنهم يتعاملون مع هذا الحادث بـأقصى درجات الجدية.
ومن الولايات المتحدة ايضا؛ خرجت دعوات من معسكر ترامب عبر النائب الجمهوري ماركو روبيو، الذي طالب بلاده بمواجهة السعودية والا فقدت مصداقيتها في مجال “حقوق الانسان”.
وقال روبيو: “إذا لم نتخذ إجراءات، وخاصة بموضوع مبيعات السلاح، فسنفقد المصداقية امام المسائل العالمية، فصفقة السلاح يمكن أن توفر ميزة في الرد على هذا الموقف لكنها يجب ألا تمنع العقاب الممكن”.
موقف روبيو يأتي كرد على مواقف اطلقها ترامب حول المنفعة الاقتصادية لبلاده من صفقات التسلح السعودي مع واشنطن المقدرة بمئة وعشرة مليار دولار.
وفي بريطانيا، دعا حزب العمال المعارض لوقف صفقات الاسلحة مع السعودية حتى تغيير اساليبها بعد اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وقالت المتحدثة باسم الشؤون الخارجية، “اميلي ثورنبيري” في هذا السياق، إن محصلة الادلة تشير الى ان السلطات السعودية قتلت خاشقجي.
اختفاء خاشقجي له تبعات خطيرة على امريكا
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، قضية اختفاء الصحفي جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية في تركيا، باتت تمثل كارثة، يمكن أن تكون لها تبعات خطيرة على الشرق الأوسط والمصالح الأمريكية.
يذكر أن خاشقجي دخل قنصلية بلاده في إسطنبول يوم الثاني من أكتوبر/ تشرين الثاني، ولا توجد حاليا أدلة على أنه غادرها سالما كما تزعم السلطات السعودية. بينما كشف الأتراك لعديد الأطراف أنهم يملكون تسجيلات تظهر صوت خاشقجي وهو يتعرض للاستجواب والتعذيب والقتل، إلا أنهم لم يقوموا إلى حد الان بنشرها أمام الرأي العام.
والسعودية تنفي لحد الان، أي مسؤولية لها في القضية، رغم أن المخابرات التركية والأمريكية تؤكدان أن ضباطا سعوديين دخلوا تركيا عبر طائرتين خاصتين في نفس يوم اختفاء خاشقجي. كما توجد أدلة متزايدة على أن ما حصل هو عملية اختطاف وقتل، تمت بأوامر عليا من الرياض.
العالم .