الخبر وما وراء الخبر

الصراع بين العجز والصمت في مواجهة الإجرام السعودي

86

ليلى عماشا – كاتبة لبنانية | تتوالى أخبار اليمن صورًا تذكّرنا ببؤس صمتنا امام هول المجزرة المستمرة، تضعنا في مواجهة مرّة مع عجزنا المتواصل عن مدّ العون بأكثر من دعاء أو أمنيات.
تتساوى مشاهد الاحتضار جوعًا بتلك التي ترفع الأشلاء أمام عين العالم.. أبطال الصورة هم نفسهم، هم أطفال اليمن. وصمتنا، هو نفسه، سواء نتج عن عجز أو عن تراجع الخبر اليمني لصالح أخبار “يموّلها” العدوان لتكتظ فيها النشرات الصحفية، سواء المكتوبة أو المرئية.
تدمير مستشفى وتحويل الموجودين فيه من مرضى وطاقم طبي إلى أشلاء تحت الأنقاض.
مجزرة في الحديدة.. تمرّ الأخبار في شريط عاجل. لا يتوقف ليسمح لنا بشهقة وجع.. ينساب بعدها إلى أخبار أخرى. وأثناء كل ذلك، يواصل اليمنيّ قتاله بجفون العين، بشظايا القلب الذي يقاوم كي لا يقع ثقل ظلم آل سعود على مساحة كل اليمن.
تهرع إلى محطة تلفزيونية يُقال أنّها منبر مقاوم. ترى المذيع المضياف في تجهّم، وضيوفه بوجوه شاجبة غاضبة. تظنّ أنك حظيت بمشاهدة نقاش حول ما يجري في اليمن. ثوان قليلة وتكتشف
أن كل التجهم والشجب مرّده إلى التضامن مع صحفيّ ربيب النظام السعودي، وقام هذا النظام بتصفيته! يحتلّ خبره الصفحات، الأحاديث. يتحوّل بلحظة إلى دليل المتكلمّين عن طبيعة آل سعود العدوانية. وكأن ما جرى على اليمن، وما زال يجري ليس دليلا كافيا. كأن وجع اليمني المحاصر ليس جريمة موصوفة يرتكبها السعودي الحاقد بكل ما اوتي من تصهين ومن ولاء للأميركي.
في كل يوم، وعلى مدار السّاعة، يسطّر اليمنيون ملاحم من المقاومة من جهة والصمود من جهة أخرى. يكتبون الإباء بالدّم وبالوجع. ينتصرون لأرضهم بكل ما استطاعوا لذلك سبيلا. وفي كل يوم، يعلّمون مرتزقة آل سعود درسًا في الحرية، ويلقنونهم الهزيمة كأسًا من المرارة التي لا ترد الحاقد عن حقده فينتقم مسعورا بارتكاب المجازر.
“ما أخبار اليمن؟” سؤال يصحّ لو أن اليمن يعيش وضعًا طبيعيا. أما السؤال الذي يجب علينا جميعا طرحه، هو “ماذا سنفعل لأجل اليمن؟” صحيح أنه كلّنا يقين أن من نثق بهم هنا يفعلون ما بوسعهم، وأقل وسعهم النصر ولو بعد حين، وصحيح أننا نؤمن ونصدق أنهم موجودون حيث يجب أن يكونوا. لكن ذلك لا يعفينا من واجب يقع تحت عنوان أقل الإيمان، فإن عجزنا عن نصرة اليمنيّ، لن نعجز عن فضح آل سعود، في كل يوم وعلى مدار الساعة. عسى التاريخ، الذي لا يرحم أصلا، لا يلعننا ويلعن صمتنا، كما سيلعن، مدى الدهور، سلالة من مسوخ بشرية تعارف على تسميتها: آل سعود.

موقع راصد اليمن