تطورات الأحداث في حضرموت: عين الإمارات على الوادي.
ذمار نيوز| تقارير | الجمعة 3 صفر 1440هـ، الموافق 12 اكتوبر 2018م.
في ردة فعل هي الأولى منذ اندلاع التظاهرات المنددة بالانهيار الاقتصادي وتدهور المستوى المعيشي بمدينة سيئون، أطلقت قوات المنطقة العسكرية الأولى الرصاص الحي على المتظاهرين أمام مبنى السلطة المحلية بوادي حضرموت، الحادثة أسفرت حينها عن إصابة أحد الشباب المحتجين بإصابات متوسطة، كما اعتقلت الشرطة العسكرية 3 متظاهرين آخرين لم يعرف مصيرهم إلى اليوم.
الحادثة أفرزت حالة من السخط بالشارع المحتقن، فسارعت مصادر عسكرية إلى تبريرها بدعوى محاولة المتظاهرين اقتحام مبنى الإدارة المحلية والسيطرة عليه، وهي تبريرات نفاها المشاركون في التظاهرة التي دعا إليها من يطلقون على أنفسهم «شباب الغضب بمدينة سيئون»، لكنها كانت السبب الأقوى إلى دعوات «المجلس الانتقالي» لتطهير الوادي، بحسب منشورات للمتحدث الرسمي لـ«لانتقالي».
بيان وبيان مضاد
على إثر هذه الأحداث، سارعت القيادة المحلية لـ«لمجلس الانتقالي»، في إصدار بيان حمّلت فيه وكيل محافظة حضرموت، عصام الكثيري، المسؤولية الكاملة عمّا حدث، كونه رئيس اللجنة الأمنية بوادي حضرموت، مطالبة بـ«تطهير وادي حضرموت من عناصر المنطقة العسكرية الأولى التي تعبث بأمن وادي حضرموت، وإحلال النخبة الحضرمية مكانها».
اللجنة الأمنية بوادي حضرموت هي الأخرى، أصدرت بياناً أكدت فيه «وقوفها مع مطالبات المواطنين»، متهمةّ من وصفتهم بـ«المأجورين الذين يعملون لصالح أجندة مشبوهة تسعى لحرف مسار الاحتجاجات نحو العنف والتعدي على مؤسسات الدولة»، وأشار البيان إلى «ضرورة عدم تساهل السلطة مع أي تجاوزات أو تعد على أي من المؤسسات».
يسقط الوكيل
عقب الحادثة، امتلأت شوارع وجدران المدينة بالعبارات والشعارات المطالبة برحيل وكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء، عصام الكثيري، الذي يتلقى اتهامات قوية من قبل أنصار «الانتقالي» بتحالفه مع الجنرال العجوز علي محسن الأحمر، وتمكينه من السيطرة على مجريات الأمور بالوادي، خاصة أن الرجل له العديد من الزيارات واللقاءات مع الأحمر، في أكثر من مناسبة، الأمر الذي يحاول تجنبه أكثر المسئولين الحضارم في الوقت الحالي، وهو ما يمثل ذريعة لـ«الانتقالي» للحشد والمناداة برحيله.
حملة لها أغراض سياسية يتعرض لها الكثيري، الرجل الحضرمي الأقوى الذي يقف بحزم وثبات أمام المشروع الإماراتي، الذي يقضي بتمدد القوات الموالية للمجلس «الانتقالي» إلى وادي حضرموت، حسب متابعين.
رغبة إماراتية في السيطرة ورفض سعودي
تطورات متسارعة في معركة «الانتقالي» الموالي للإمارات، والمنطقة الأولى الموالية لحكومة هادي، تدور مجرياتها بمدينة سيئون عاصمة وادي حضرموت، المعركة ليست وليدة اليوم، بل بدأت منذ انطلاق العمليات العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية بمشاركة كبيرة من دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي دخلت الحرب ولديها خطة مسبقة لبسط نفوذها على كامل المناطق الحيوية بجنوب اليمن، كما يرى مراقبون.
خطة حرصت الإمارات منذ بداية تنفيذها على تدمير قوة الجيش المتماسك بمحافظة حضرموت بمنطقتيه الأولى والثانية، عن طريق عدد من المخططات التي استهدفت إقحامهما في الصراع الدائر في اليمن. فبعد انهيار المنطقة العسكرية الثانية إثر سيطرة عناصر تنظيم «القاعدة» على مدن ساحل حضرموت في أبريل من العام 2015م، شنّت أدوات الإمارات الإعلامية هجمة شرسة ضد قائد المنطقة الأولى آن ذاك، اللواء عبد الرحمن الحليلي، الذي حضر الإعلان الدستوري لـ«أنصار الله» بصنعاء، بحسب كلام عقيد في حرس الحدود، وأضاف العقيد الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن «رغبة الإمارات في إدخال المنطقة الأولى في الصراع بأي وسيلة، كانت لتبرير تدخلها للسيطرة على مناطق وادي حضرموت بالتحديد، بما فيها من ممرات مهمة وحقول نفط كالمسيلة وحقل النفط الذي تديره شركة (كلفالي) في المنطقة الصحراوية، كما فعلت في الساحل، عبر هجمة إعلامية شرسة طالت الرجل»، موضحاً أن «الاستفزاز وصل إلى حد قصف الطيران الإماراتي لأحد المعسكرات في منطقة العبر في شهر يوليو من العام 2015، والذي راح ضحيته العشرات من الجنود».
وتابع «لقد كان الحليلي، أكثر وطنية من أن تجره مثل هذه التصرفات لإقحام قواته في معركة الخسارة فيها محتومة، ساعده في ذلك عدم رغبة السعوديين في سقوط هذه المنطقة التي تربطها حدود طويلة بها، ولو كان من سيسيطر عليها الحليف الأقرب»، مشيراً إلى أنه «في السياسية لا صداقة دائمة، وقد اجتمع ضباط من الاستخبارات السعودية أكثر من مرة مع القائد، بل وقدموا له الدعم المادي للمحافظة على استقرار المنطقة، ولا يزالون إلى اليوم يقدمون الدعم لخلفه اللواء طيمس، مع تجنيد الاستخبارات لأكثر من 2000 فرد من أبناء قبائل الحدود الحضرمية، من أجل حماية تلك الحدود مستقبلا».
إنها رغبة محمومة إذن من قبل الإمارات في السيطرة على وادي حضرموت، الغنيبموارده، ففيه مطار ومنفذ حدودي بالإضافة إلى حقول نفطية، كما أنه بيئة خصبة للاستثمارات، وهو ما يبرر محاولة الإمارات السيطرة عليه عبر «الانتقالي»، اليد الطولى لها في الجنوب، لتنفيذ أجندتها المشبوهة.