الخبر وما وراء الخبر

أطفال الشوارع: من زينة الدنيا إلى بؤس التشرد.!

201

ذمار نيوز | تحقيقات|خاص|فؤاد الجنيد، 28 محرم 1440هـ الموافق 8 اكتوبر، 2018م.

الأطفال هم بهجة الحياة الدنيا وزينتها، وهم عماد المستقبل الذي ترتكز عليه كلّ حضارات الدول، فأساس ازدهار المجتمعات وتقدمها يكون في إعداد أطفالها ليكونوا قادةً يحملون لواء العلم والمعرفة والثقافة والرقي، ويجب أن يلاقوا اهتماما كبيرا من كلّ فئات المجتمع، وبكلّ الوسائل المتاحة.

تشرد وضياع

ظاهرة تشرّد الأطفال تبرز كظاهرةٍ خطيرةٍ جداً، تُلوّث المشهد الحضاري، وتقلب كل موازين الإنسانية رأساً على عقب، وهذا المشهد البائس يتمثل في رؤية الأطفال المتشردين الذين يجوبون الشوارع دون أي معين أو كفيل، ويفتقدون لأجواء الأسرة والاهتمام والرعاية، فغدت ظاهرة تشرّد الأطفال واحدة من الظواهر المنتشرة في الوقت الحاضر، خصوصاً في دول العالم الثالث، حيث الفقر والجوع والحروب.
وكانت هذه الظاهرة منتشرة في الدول الفقيرة والنامية، لكنّها تعدّت هذه الحدود وأصبحت متواجدة في جميع المجتمعات بما فيها المتقدّمة والصناعيّة، وهؤلاء الأطفال يعيشون حياة صعبة ومريرة بكلِّ معنى الكلمة، سواء إن كانوا هم من اختاروا هذه الحياة أم الظروف هي التي فرضت عليهم العيش بهذه الطريقة، ففي جميع الحالات هؤلاء الأطفال هم ضحايا المجتمعات، حيث يمكثون فترات طويلة من النهار في الشارع، وذلك للحصول على الأموال بوسائل مختلفة، وفي نهاية النهار يعودون إلى منازلهم بما يحملوه من أرباح.

لماذا التشرد

من أهم أسباب تشرّد الأطفال التفكك الأسري الذي يرمي بالأطفال في عرض الشارع، وتخلّي الأم والأب عن دورهم المقدّس، فيقع الأطفال ضحيةً لكل هذا، كما تلعب بعض الظروف في زيادة نسبة تشرّد الأطفال، وذلك من خلال انتشار عمالتهم، وتوليهم مهاماً أكبر من عمرهم بكثير، تتمثل في تحملهم مسؤولية الإنفاق على أسرهم.
و لا يقتصر تشرّد الأطفال على ضياعهم في الطرقات، ونومهم خارج البيوت ودور الرعاية، وإنما يمتدّ إلى مشاكل أعقد من هذا بكثيرٍ، يتمثل في انتشار ظاهرة تسول الأطفال، جنباً إلى جنب مع ظاهرة التشرّد، لأن الطفل المتشرّد بطبيعة الحال يفتقر إلى من يُنفق عليه، فيلجأ إلى التسول وأحياناً إلى السرقة، كي يسدّ رمقه، مما يربي جيلاً منحرفاً، لديه ميول للجريمة، وانحراف خطير في شخصيته.

أسباب شخصية

هناك دوافع وأسباب تتعلّق بالأطفال أنفسهم، وتؤدّي بهم في نهاية المطاف إلى الشوارع، كرغبة الأطفال في حصولهم على الحرية المطلقة، والتخلّص من الضغوط العائلية، وعدم توفّر الوسائل الترفيهية والمسلية داخل البيوت، فيلجأ الأطفال إلى البحث عنها في الشوارع، وعدم حصول الطفل على احتياجاته النفسية والمادية والمعنوية من قبل أسرهم، ورغبة الأطفال في الحصول على المزيد من الأموال، مهما كانت طريقة الكسب.

بداية المنعطف

يشكل انفصال الأطفال عن بيئاتهم الأصلية بذرة التشرّد الأولى، وبداية دمار المجتمع وبنيته الأساسية، لذلك لا بدّ من إيجاد حلولٍ مناسبةٍ للحدّ من ظاهرة التشرّد والسيطرة عليها، وهذه الخطوات يجب أن تكون على مستوى الحكومات والدول، وبتنسيقٍ جماعي من مؤسسات المجتمع المدني كآفة.

أسباب أسرية

للأسباب العائلية والأسرية دور كبير في جعل الأطفال أطفال شوارع، ومن هذه الأسباب فقدان الطفل والده أو والدته أو الاثنين معاً ، وبالتالي عدم وجود من يرعاه أو يراقب تصرّفاته، ومكوث الأطفال عند المقربين لهم، في حالة فقدان أبويه أو انشغالهم عنهم، ولحالات الطلاق والتفكك الأسري دور كبير في ضياع الأطفال، وتمييز الوالدين في التعامل مع أبنائهم، والقسوة في التعامل مع الأبناء كل هذه الأمور تؤدي إلى ضياع الأطفال وانحرافهم.

أسباب إجتماعية

تعدّ الأسباب الاجتماعية عامل أساسي في ضياع الأطفال، وذلك عندما يكون الوضع المادي للأسر والعائلات متدنٍ ولا يؤدّي إلى قضاء الحاجة، وطموح الأطفال في الحصول على حياة أفضل، تؤدّي بهم إلى الابتعاد عن أسرهم والعيش بشكل منفرد، للبحث عن الرفاهية والحياة الأفضل، والكثير من الأطفال الذين يحملون المسؤولية منذ صغرهم، ممّا يؤدّي إلى شعورهم بالضغوط وعدم القدرة على تحمّل ذلك، وبالتالي البحث عن طرق ووسائل ملتوية للحصول على المال، ممّا يؤدّي إلى الضياع والانحراف.

بيت القصيد

الأطفال أمانةٌ في أعناقنا جميعاً، وتربيتهم ورعايتهم هي حقٌ لهم وواجبٌ على الجميع، لأن الطفل الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى لنا، من حقه أن يعيش طفولته على أكمل وجه، وأن يتلقى تعليمه حتى النهاية، وأن يعيش وسط نظامٍ أسريٍ مترابط، كي نربي جيلاً واعياً، لا يحمل في قلبه الحقد والضغينة لأي أحد، وكي نحميه من نار التشرّد والضياع.