الخبر وما وراء الخبر

قواعد الاشتباك الجديدة بعد الـ S300 والصواريخ الإيرانية

33

محمد حسين خليق *
أضحت المنطقة أمام واقع جديد وقواعد اشتباك مختلفة تمامًا، بعد تسلُّم الجيش السوري منظومة الدفاع الجوي S300 من الجانب الروسي، بما في ذلك الرادارات وأنظمة التعقب الرئيسة وأدوات أنظمة الحرب الالكترونية وتعزيزها؛ ما يعني السيطرة على الأجواء السورية بشكل شبه كامل، الأمر الذي يشكّل تحدّيًا خطيرًا وشكلًا جديدًا للصراع السوري الإسرائيلي من جهة، ومن جهة أخرى الشكل الجديد للعلاقة الروسيّة الإسرائيلية بعد القوس النزولي لها إبان إسقاط الطائرة الروسية ومقتل من كان فيها بسبب التعدي الإسرائيلي على سوريا دون تنسيق مسبق!.

الدلالة العميقة على مستوى المنطقة هو توازي الصراع السياسي والعسكري من حيث الأهمية والتأثير بين جبهة المقاومة والحلف الروسي السوري الإيراني وبين قوة العدوان ومن في فلكها.

والدّلالة التي ليست خافية على أحد: هو تأثير القرار الروسي السوري، باستخدام صورايخ S300، في تفعيل دور الحل السياسي على الساحة السورية، وفرض المعادلة الجديدة في القمم المرتقبة بين المعارضة السورية والدولة السورية، وهذا أمر لا جدال فيه على مستوى فرض القوة السياسية السورية وربطها عميقًا بالواقع الميداني العسكري المدعومة بالصورايخ الروسية والإيرانية.

الدلالة الثالثة على مستوى الساحة السورية وانعكاسها على كامل المنطقة هو تحقيق موعد انتهاء الحرب العسكرية في سوريا قريبًا، وهذا ما تحدث عنه الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد؛ وبالتالي تتغير قواعد اللعبة السياسية تغيرًا كاملًا، وهذا ما يبرر امتعاض أعداء خط المقاومة من ظهور منظومة S300 الروسية في سوريا؛ لأن الوضع الجديد على خلاف ما تشتهيه سفنهم، بعد أن أصبح الروسي والإيراني مهندسين رئيسيين لصناعة النسق العالمي الجديد بعد فشل الأمريكي والإسرائيلي في سوريا.

هذه المنظومة لا يمكن عزلها عمّا شكلته الصورايخ الإيرانية (“ذوالفقار” و”قيام” ومن بعدها الطائرات المسيرة “شاهد 129” من رسالة قوية للإدارة الأمريكية وقواعدها في المنطقة، خصوصا شرق الفرات، بعد استهدافها لداعش والإرهابيين الذين يقبعون تحت حماية أمريكا برًّا وجوًّا؛ فضلًا عن أن هذه الضربة اكتسبت الشرعية التامة من خلال الترحيب الروسي والسوري بها، مقابل النقد الدائم للاشرعية الأمريكية والتنظيمات الإرهابية.

لم تكن الضربة ردًّا على الهجوم الإرهابي في مدينة الأهواز جنوب غرب إيران فحسب، بل كان الهدف أوسع من ذلك وهو مكافحة الإرهاب الممتد في المنطقة بدعم من الأموال السعودية الإماراتية.

ما ذكرناه آنفًا، يجعلنا نؤكد أن التصعيد الأمريكي تجاه إيران وروسيا يستدعي التكامل بين دول حلف المقاومة والتنسيق التام بينهم في سياق مواجهة الحلف الأمريكي الخليجي، وهذا ما يفسر التكامل بين الصورايخ الإيرانية والصورايخ الروسية كأدوات رادعة وناجعة لكسر الإرهاب في المنطقة.

يبقى التركي هو الخاسر الأكبر، فإنه يتوجب عليه فتح الطريق أمام الإرهابيين الذين عليهم الخروج من سوريا كما دخلوا إليها ومن الطريق نفسها، وهذا ما يجعل رجب طيب أردوغان في موقف دولي صعب وفي أتون التزاماته بالتناقضات الدولية.

ويبقى أيضا؛ سباق التسلح هو المرشح الأكبر للدول الكبرى في قابل الأيام، ومع ذلك، فإن مؤشرات الحرب بين جبهة المقاومة والحلف الأمريكي العربي ستكون منخفضة. ذلك ينبع من علم واشنطن بأن رهاناتها قد سقطت عند أسوار دمشق وبفعل تكامل الإرادات بين الدول الداعمة لخط المقاومة والتحالف الإيراني الروسي السوري، وأن الأوراق القديمة ليست فاعلة بعد نصب صواريخ S300 والصواريخ الإيرانية، علماّ أن هذا الحلف عاجز عن إيجاد مخرج لتورطه العسكري والمالي في المنطقة كما أن السعودية ملتزمة بالانبطاح أمام الاستفزازات الأمريكية لها؛ أما خط المقاومة فلن يتخلى عن الصراع الحقيقي بينه وبين الغدة السرطانية في المنطقة؛ فتكون فلسطين بوصلتنا.
* العهد الاخباري