الخبر وما وراء الخبر

قانونيون يؤكدون:العدوان السعودي اخترق كل المعاهدات الدولية باستهداف المدنيين والبنية التحتية لليمن

122

تحقيق/ حاشد مزقر

*  ناضلت الشعوب طيلة العقود الماضية ابتداء من اتفاقية فرساي 1919م إلى راوندا, مرورا ‏باتفاقية روما على تقنين الحروب والتقليل من الخسائر البشرية وتجنيب الأعيان المدنية والثقافية ‏والتراث الإنساني والتاريخي ويلات الحروب, إلا أن ما يحدث اليوم في اليمن  لا يعد مخالفة لتلك المعاهدات والقوانين الدولية فقط إنما يؤسس لخرقها والخروج عن مبادئها مستقبلا والتأسيس ‏لمرحلة جديدة من الفوضى العالمية يصعب معها التفريق بين الأعمال العسكرية والأعمال ‏الإرهابية التي تهدد الأمن والسلم العالميين.. نتابع في هذا الاستطلاع آراء عدد من المحامين والقانونيين عن استهداف العدوان السعودي للمدنيين وتدمير البنية التحتية في اختراق واضح لكل اتفاقيات السلام الدولية ونصوص إنشاء محكمة الجنايات الدولية.

المحامي الدولي علي العاصمي رئيس الائتلاف المدني لرصد جرائم العدوان يقول : تحالف دول العدوان الذي تقوده السعودية وتدعمه الولايات المتحدة لوجستيا استغل القرار رقم 2216, لغزو اليمن وتدميره كغطاء قانوني دولي بالرغم من أن القرار لا يعطيهم الشرعية لشن الحرب واحتلال المدن اليمنية فضلا عن تدمير البنى التحتية وتقويض مؤسسات الدولة وفرض حصار شامل يمنع دخول المواد الغذائية والاغاثية والمستلزمات الطبية والأدوية وكذلك المشتقات النفطية والذي يعد مخالفة صريحة لمضمون القرار 2216 نفسه, هذا القرار الذي يتخذه العدوان كغطاء لفرض الحصار الشامل والمطلق على اليمن وعلى الرغم من تناقضه مع مبدأ سيادة الدول واستقلالها الذي يعد أهم مبدأ من مبادئ الأمم المتحدة إلا انه كان واضحا فيما نص عليه بما يتعلق بتفتيش الشحنات المتجهة لليمن مشترطاً توفر حالة الاشتباه بوجود أسلحة فيها, الا انه لم يعطها الحق في منع دخول المواد الغذائية والطبية والاغاثية والوقود إلى اليمن ومحاصرة نحو ستة وعشرين مليون نسمة من جهة وارتكاب مجازر يومية بحقهم عبر الضربات الجوية المباشرة والعشوائية من جهة أخرى ,.

وأضاف : كما ان صمت المجتمع الدولي على تلك الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في اليمن سواء كانت جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ساعد التحالف الذي تقوده السعودية على التمادي في ارتكاب مزيد من تلك الجرائم البشعة بما فيها جرائم الإبادة الجماعية  وهذا الصمت رافقه تعتيم وتجاهل تام يشبه تماما عملية إطفاء الأنوار ولفت النظر عما يحدث ليواصل التحالف أعماله الإجرامية بحق اليمن أرضا وإنسانا وتاريخا .

وتابع بالقول:   تواصل طائرات التحالف الذي تقوده السعودية للحرب على اليمن أعمالها العدائية ضد المدنيين وانتهاكاتها لحقوق الإنسان والقوانين والمعاهدات الدولية مستهدفة أماكن وتجمعات مدنية بضربات مباشرة أو عشوائية وصلت إلى حد تكرار شن غارات على منازل بعينها لأكثر من مرة وفي أكثر من مكان وقتلت من فيها من النساء والأطفال في سابقة خطيرة وتعد سافر لم يسبق له مثيل, كما حصدت الغارات الجوية أرواح أكثر من ستة آلاف مدني بينهم عدد كبير من النساء والأطفال ممن شملتهم اتفاقيات جنيف والقانون الدولي بالحماية..

واستطرد :كما أصيب جراء الغارات قرابة اثني عشر ألف مدني, وقد توزعت الغارات العدائية على معظم محافظات الجمهورية اليمنية مستهدفة أحياء سكنية وأسواق وتجمعات مدنية مشمولة بالحماية العامة ضد الأخطار الناجمة عن الأعمال العسكرية .

اختراق كامل لاتفاقيات السلام فيما يكشف الدكتور ربيع شاكر المهدي رئيس منتدى اكاديميون من اجل السلام وسفير حقوق الانسان في اليمن عن أهم النقاط التي اخترقتها دول العدوان لاتفاقيات جنيف الموقعة عليها قائلا:, لقد عرفت المادة (50) من الملحق الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف المبرمة في12-8-1949م الفصل الثاني المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة – الأشخاص المدنيين والسكان المدنيين بأنهم: أي شخص لا ينتمي إلى القوات المسلحة والجماعات والأفراد المتطوعين للقتال إلى جانب القوات المسلحة أي الفئات المشار إليها في البنود الأول والثاني والثالث والسادس من الفقرة (أ) من ‏المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة وما سواهم يعتبرون مدنيين.

وقال :أكدت المادة على انه إذا ثار الشك حول كون الشخص مدنيا أو غير مدني فان ذلك الشخص يعد مدنيا.

اما المادة (51) فقد نصت على (يتمتع السكان المدنيون والأشخاص المدنيون بحماية عامة ضد الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية) – وأشارت إلى – انه (لا يجوز أن يكون السكان المدنيون بوصفهم هذا وكذا الأشخاص المدنيون محلاً للهجوم، وتحظر أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساساً ‏إلى بث الذعر بين السكان المدنيون)..

وتابع :وبالتالي فان العدوان الذي تقوده السعودية لم تفرق طائراته بين مدني أو عسكري حيث طالت بهجماتها أماكن وتجمعات مدنية عدة ابتداء بأول غارة لطائرات العدوان على العاصمة صنعاء استهدفت تجمعاً سكنياً شمال العاصمة وهو حي بني حوات الذي استهدفه الطيران بأكثر من غارة قتل على اثرها 14 شخصا كانوا نائمين في منازلهم فجر يوم الخميس 26/3/2015م توالت بعدها جرائم التحالف السعودي بحق المدنيين وشنه للغارات على أماكن وتجمعات مدنية بحتة في المدن والقرى اليمنية مستهدفا الأسواق المكتظة والاحياء والطرقات والمصانع وتجمعات الأعراس والمآتم حتى مخيمات اللاجئين وسكانها لم تسلم وتستمر التجاوزات والانتهاكات السافرة للقوانين والمعاهدات الدولية ومئات الجرائم بحق السكان والأشخاص المدنيين على مدار ثمانية أشهر  استهدافا مباشرا وقتلا متعمدا.

وأردف الهدي بالقول : ناهيك عن الهجمات والضربات العشوائية التي قام بها العدوان دون مراعاة الأهداف أو الآثار التي قد تنجم عنها ومدى الضرر المترتب عليها وهو ما حظرته الفقرة(4) من المادة(51) سالفة الذكر بقولها في الفقرة (أ): تحظر الهجمات العشوائية، وتعتبر هجمات عشوائية تلك التي لا توَجّه إلى هدف عسكري محدد.  (ب) أو تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن أن توَجّه إلى هدف عسكري محدد. (ج) أو تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه هذا الملحق «البروتوكول»، ومن ثم فإن من شأنها أن تصيب، في كل حالة كهذه الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين ‏او الأعيان المدنية دون تمييز .

وتشير الفقرة الخامسة من ذات المادة إلى أنواع الهجمات العشوائية بقولها: تعتبر الأنواع التالية من الهجمات، من بين هجمات أخرى، بمثابة هجمات عشوائية ‏): أ) الهجوم قصفا بالقنابل أيا كانت الطرق والوسائل، الذي يعالج عددًا من الأهداف العسكرية الواضحة التباعد والتميز بعضها عن البعض الآخر من المدنيين والواقعة في مدينة أو بلدة أو قرية أو منطقة أخرى تضم تركزا من المدنيين أو الأعيان المدنية، على أنها هدف عسكري ‏واحد .

وفي الفقرة (ب) تقول : والهجوم الذي يمكن أن يُتوقع منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين أو إصابة بهم أو أضرارًا بالأعيان المدنية.

قوانين المحكمة  الجنائية الدولية المحامي والناشط الحقوقي عبدالله علاو رئيس منظمة الشرق الأوسط أكد ارتكاب تحالف العدوان بقيادة السعودية أعمالا تعد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية متكاملة الأركان وفقاً لتقسيم أركان الجرائم المعتمد من  قبل جمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة ‏الجنائية الدولية في دورتها الأولى المنعقدة في نيويورك خلال الفترة من 3 إلى 10 سبتمبر ‏‏2002م وأبرزها الأعمال التي ارتكبها التحالف وفقاً لهذا ‏التوصيف قيامه بارتكاب جرائم قتل جماعية بحق المدنيين الأبرياء في عدة محافظات يمنية مستهدفا وبشكل مباشر أماكن مدنية مشمولة بحماية القوانين والاتفاقيات والمعاهدات وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول التابع لها.

جرائم مكتملة الأركان

ويضيف : كل نماذج  الجرائم البشعة المرتكبة بحق المدنيين التي ارتكبتها السعودية وتحالفها بحق المدنيين في اليمن منذ بداية العدوان والى الآن جرائم دولية متكاملة الأركان طبقاً لشروط ومعايير النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية كما أن غالبيتها جرائم حرب بحسب المادة (8) الفقرة(2/أ- 1 ) التي عرفت جرائم الحرب وانواعها وحددت اركانها ومنها جريمة القتل العمد وأركانها أيضا الجرائم ضد الإنسانية, المتمثلة في الحصار الخانق وقيام التحالف السعودي بحضر السفر والتنقلات من والى اليمن ثم فرضه حظراً على الموانئ وقصفها بالطيران لمنع دخول المواد الأساسية كالأغذية ومواد الطاقة والدواء وكل ما له علاقة بالحاجات الضرورية لحياة الناس وهذا الحظر والحصار الخانق تم تطبيقه منذ اليوم الأول للعدوان في 26/3/2015م وحتى يومنا هذا.

وبين بالقول :لقد أدى العدوان بشقيه إلى نتائج كارثية وفرض حالة عامة من التعذيب المادي والنفسي للسكان في اليمن حيث أدى استخدام العدوان في قصفه قنابل وصواريخ تحدث أصوات انفجارات هائلة تسببت في حالات فزع شديدة وتم رصد حالات إجهاض مبكرة لدى النساء الحوامل وكذا حالات نفسية وعصبية لدى الأطفال, كما انه وبسبب الحصار الجائر انعدمت كثير من المواد الغذائية وارتفعت أسعار أخرى وأغلقت العديد من المخابز ومحلات التموين الغذائية.

ومضى علاو يقول : كما لم تقتصر المعاناة على المواد الأساسية بل تضاعفت أكثر بسبب شحة المشتقات النفطية التي أدى حظرها من قبل قوات التحالف إلى تفاقم الحالة الإنسانية ومضاعفة معاناة السكان وآلامهم بفعل توقف محطات الكهرباء و توقف حركة النقل بصورة كبيرة, كما أدى انعدام الطاقة إلى إصابة النشاط الاقتصادي بالشلل التام وتوقفت المصانع والمعامل وأغلقت المحلات التجارية وانقطعت خدمات الاتصالات والكهرباء التي لم تسلم أبراجها ومحطاتها من القصف بصورة شاملة كما توقفت بعض المستشفيات والخدمات الصحية وانعدمت الأدوية وحذرت وزارة الصحة اليمنية أكثر من مرة من انهيار المنظومة الصحية نتيجة الحصار وقصف متعمد طال مستشفيات ومراكز صحية, وهو ما ادى إلى ارتفاع نسبة الوفيات من المرضى إما داخل المستشفيات او في مساكنهم.

جرائم ضد الإنسانية

* الدكتور عبدالرب المرتضى رئيس الهيئة القانونية لأنصار الله قال : إن الحصار ومنع المواد الأساسية والضرورية لحياة الناس قد فرض حالة معيشية سيئة رافقها تعمد العدوان و إصراره على تدمير المخزون الغذائي ومخزون الوقود الذي كان متوفرا في الداخل حيث ‏قامت طائرات التحالف السعودي بتدمير صوامع ومخازن الحبوب في صنعاء وعدن والعديد من مخازن الغذاء في المحافظات الأخرى واستهدفت المئات من مزارع الغذاء وشبكات الري ومزارع الحيوان كما دمرت ‏عشرات المصانع على رأسها مصانع للمواد الغذائية والاسمنت وقامت بتدمير أكثر من مأتي ‏محطة وناقلات وقود وهذا يكشف عن الركن المعنوي للجريمة والنية المسبقة لتجويع وقتل اكبر ‏عدد من السكان المدنيين وفرض حالة واسعة من المعاناة والتعذيب النفسي والمعنوي في ‏اوساط السكان المدنيين  بمحاربتهم في القوت والحاجات الضرورية للحياة .‏

وطبقا للمرضى فإن هذا يعد من الجرائم ضد الإنسانية المنصوص عليها في المادة (7) من نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية الباب الثاني والتي حددت الأفعال التي تعد جرائم ضد الإنسانية وعلى رأسها القتل العمد والإبادة والأفعال اللاإنسانية الأخرى التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم او بالصحة العقلية أو البدنية, كما أنها جرائم حرب وفقاً لتوصيف وشروط المادة 8 باعتبار العدوان الهمجي والسافر الذي تقوده السعودية مع حلفائها ضد الشعب والذي تجاوز سبعة أشهر  ليس له مثيل على الأقل خلال العقود الخمسة الأخيرة حيث استخدم تحالف الغزو أسلحة محرمة كما قام بقصف معظم المحافظات والمديريات والقرى في الأراضي اليمنية وهدموا المدارس والمصانع وأحرقوا المزارع ودمروا الآثار الثقافية والتاريخية والبنية التحتية من جسور وطرق وصوامع الغلال ومخازن الغذاء وشبكات الماء والكهرباء والمستشفيات وكل ما له علاقة بالحياة حاضرا ومستقبلا لتصل أرقام الخسائر البشرية والمادية إلى أرقام مفزعة ومع ذلك يستمر القصف الجوي في استهداف البنية التحتية والحيوية.

قتل العدالة الدولية

* فيما تحدث الدكتور سامي السياغي مدير مركز البحوث والدراسات السياسية بالقول:  المجتمع الدولي هذه المرة انتقل من مرحلة الصمت عن الجرائم إلى مرحلة الفعل المخزي حيث أصدر مجلس حقوق الإنسان قرارا قضى بتعيين السعودية ” صاحبة السجل السيئ في حقوق الإنسان ” رئيسا للجنة الخبراء في المجلس الدولي لحقوق الإنسان بدلا من وقف العدوان على الشعب اليمني، ومنعه من ارتكاب مزيدا من الجرائم في اليمن وغيره.

وأضاف : وبدلا من تشكيل لجنة دولية محايدة للتحقيق في الجرائم المرتكبة في اليمن طيلة الشهور الستة الماضية مرر المجتمع الدولي قرارا تقدمت به السعودية في مجلس حقوق الإنسان وهو تكليف اللجنة التي شكلها عبدربه منصور هادي ( وهو طرف في الصراع ) للتحقيق في الجرائم ما يعتبر تمييعا للقضية وقتلا للعدالة والذي يشكل حماية للجلاد ليرتكب ما يحلو له من الجرائم في حق الشعب اليمني في الأيام القادمة .

كما اعتبر السياغي ذلك القرار مخالفة لدعوات الأمين العام للأمم المتحدة في التحقيق في  جرائم كان قد ارتكبها العدوان في حق المدنيين , فلم يراع المجتمع الدولي  التزاماته تجاه القواعد والمبادئ السماوية والأعراف والتشريعات الدولية التي تنادي بحماية وتعزيز حقوق الإنسان وحماية الإنسانية من أي انتهاك أثناء الحروب وفي مقدمتها حماية الأطفال والنساء والمدنيين بشكل عام وضمان  سلامة أرواحهم وممتلكاتهم ومقدراتهم.

وخلص إلى القول :  الشعب اليمني يتعرض  لأبشع المجازر وأفظعها على الإطلاق مع حصار شامل برا وجوا وبحرا, يقابلهما صمت عربي وعالمي لا يمكن تبريره والقبول به مع حصار إعلامي وتعتيم منظم يزور الحقيقة أو يحجبها عن أعين الشعوب, وللشهر الثامن على التوالي يدمر اليمن أرضا وإنسانا وحضارة قصفا بالطائرات التي تستهدف كل شيء أو غزوا برفقة القاعدة وداعش الوجه الآخر والبديل للتحالف.

وبلهجة غير متفائلة يختم: لكن  فيما يبدو أن الضمير العالمي لن يصحو إلا على إثر كارثة إنسانية يتسبب بها العدوان بحق شعب بأكمله ولازالت   تتكرر الجرائم التي يتفنن في تنفيذها العدوان وبأرقام مهولة في حق النساء والأطفال متعمدا في قتل اكبر عدد من المدنيين من خلال استهداف الأسواق والاحياء والتجمعات المدنية وملاحقة الأطفال والنساء حتى إلى حفلات الأعراس ليصنع جرائم تحكي ابشع صور الطغيان  في العصر الحديث.

  • صحيفة الثورة