الخبر وما وراء الخبر

آثار الهجمات اليمنية التراكمية على مطارات الإمارات

66

المسيرة | ضرار الطيب

للمرة الثانية، وبعد شهر واحد من ضربة مماثلة ناجحة، نفّـذ سلاحُ الجوّ المسيّر التابع للجيش واللجان الشعبية، أمس الأحد، هجوماً جوياً جديداً على مطار دبي الدولي بطائرة من نوع “صمّـاد3” بعيدة المدى، موجّهاً بذلك صفعة أخرى ثقيلة العيار للنظام الإماراتي، ضمن ما بات الآن يبدو أنه جدولٌ زمني منظّـم لضربات نوعية شهرية على مطارات الإمارات، حيثُ يأتي هذا الهجوم أَيـْـضاً بعد شهرين من قصف مطار أبو ظبي الدولي بواسطة الطائرة نفسها.

تأخير مواعيد هبوط الرحلات الجوية إلى المطار بسبب الهجوم

الغارات التي شنتها طائرة “صمّـاد3” مجدداً على مطار دبي، حقّـقت إصابات دقيقة، وأسفرت عن عرقلة حركة النقل الجوية داخل المطار، وقد أكّدت ذلك مواقعُ مراقبة حركة الملاحة الجوية، حيثُ أظهرت تأخيراً مفاجئاً في مواعيد هبوط جميع الرحلات الجوية التي تزامنت مع الهجوم الجوي على المطار، ما يؤكّدُ بشكل قاطع نجاحَ الهجوم.

وبحسب بيانات تلك المواقع، كان من ضمن الرحلات الجوية التي تأخر موعد هبوطها في مطار دبي، جراء الهجوم، رحلة شركة “فلاي دبي” التي أقلعت من مطار مومباي وتأخر هبوطها حوالي 32 دقيقة عن الموعد المحدد لوصولها، ورحلة الخطوط الإماراتية رقم 349 التي أقلعت من مطار كولومبو وتأخر هبوطها بحوالي 25 دقيقة، وكذا رحلة الخطوط الإماراتية رقمEK67 التي أقلعت من مطار باريس وتأخر هبوطها حوالي 37 دقيقة، وَأَيـْـضاً رحلة الخطوط الامارتية رقم 419 التي أقلعت من مطار بانكوك وتأخر هبوطها حوالي 17 دقيقة، إلى جانب عدة رحلات أخرى أَيـْـضاً كانت قادمة من كابول، والكويت ومناطق أخرى من العالم.

وأظهرت مواقع الملاحة الجوية حركةَ سير تلك الرحلات، موضحةً بالخرائط والخطوط أن جميع تلك الطائرات لجأت إلى التحليق في مسار دائري فوق مطار دبي قبل هبوطها، لعشرات الدقائق، ما يعني أن المطار كان “خارجاً عن الخدمة” طوال تلك الفترة التي تزامنت مع غارات سلاح الجوّ المسيّر.

السلطاتُ الإماراتية حاولت التهربَ من هذه المعلومات الدقيقة؛ لتنكر وقوع الهجوم، لكنها لم تجد أيةَ حُجَّة معقولة أَوْ مناسبة، وانتظرت مرور عدة ساعات من الهجوم حتى أعلنت أن حركةَ النقل في المطار طبيعية، في محاولة للتهرب من الاعتراف لا أكثر.

جدول زمني منظّـم لضرب المطارات الإماراتية

بالنظر إلى الفترة الزمنية التي تفصل بين الهجوم الجوي الأخير على مطار دبي، والهجوم السابق على المطار نفسه، وكذا الهجوم على مطار أبو ظبي الدولي، يتضح أننا أمام جدول زمني منظّـم يضع فترةَ شهر واحد بين الهجمات الثلاث، وهذا يعني أن سلاحَ الجوّ المسيّر لا يشنُّ هجماتِه على مطارات الإمارات بشكل اعتباطي أَوْ في إطار “التجربة”، وإنما وفق استراتيجية معدة مسبقاً، وأهداف هذه الاستراتيجية باتت الآن مضمونة التحقّـق بعد نجاح ثلاث ضربات نوعية.

هذه الاستراتيجية المنظّـمة زمنياً، والناجحة تقنيا، تمضي في خلق تأثير كبير على حركة النقل داخل المطارات الإماراتية، فمع تكرار المزيد من الهجمات الجوية على هذه المطارات، سيصبح التنقل من وإليها غير آمنٍ بشكل عام، وبالتالي ستبدأ شركات الطيران العالمية تلقائياً بالبحث عن طرق سير أخرى، وبدائل حتى لعمليات الـ “ترانزيت”.

الأثرُ الاقتصادي

تحويلُ المطارات الإماراتية إلى أماكنَ غيرِ آمنة لحركة النقل، يضمن ضربةً مباشرةً على الاقتصاد الإماراتي، وبالذات في دبي التي رأس مالها في هذا المجال، المطار والميناء؛ ولذا فإن كُــلّ ضربة يشنها سلاح الجوّ المسيّر على مطار إماراتي، تلقي بظلالها تلقائياً على حركة الاقتصاد هناك، إذ أن عدمَ ضمان حركة النقل يعني عدم ضمان تحَـرّكات المستثمرين والتجار، بل وعدم ضمان سلامة تواجدهم داخل أراضي الإمارات؛ لأنَّ نجاح ضرب المطارات يعني نجاحَ ضرب أية أهداف أخرى.

والوقع أن الاقتصادَ الإماراتي لم يكن بعيداً حتى الآن عن هذا التأثير، إذ تشير عدة تقارير منذ فترة، وبوضوح، إلى تراجع حركة الاقتصاد داخل الإمارات وداخل دبي بالذات، ما يعني أن أصحاب رؤوس الأموال باتوا يستشعرون الخطر فعلاً، ومثل هذه الهجمات المتكررة ستزيل أية شكوك تبقت حول “سلامة” الإمارات اقتصادياً، وسَرعانَ ما سيظهر الأثر واضحاً جداً مع تكرار مثل هذه الهجمات، ولن يستطع نظام “بن زايد” إخفاءَه بمجرد أكاذيب إعلامية ينفي بها الهجمات.

فشل تدابير “الحماية” الإماراتية

جانب آخر من آثار الهجمات الجوية المتكررة على مطارات الإمارات يتمثل في فشل “التدابير” الإماراتية التي تتخذها لحماية نفسها من نيران اليمنيين، وقد بدا واضحاً أن النظام الإماراتي يبذل جهداً حثيثاً من أجل ذلك، منذ قصف مطار أبو ظبي في يوليو الفائت، حيثُ كشفت عدة وسائل إعلام أجنبية خلال الفترة الماضية عن سعي الإمارات لشراء منظومات دفاع خَاصَّــة بالطائرات المسيرة، كما أعلنت وكالة الأنباء الإماراتية نفسها عن لقاءات رسمية مع مسؤولي شركات مختصة بأنظمة الدفاع.

وتكرار نجاح هجمات سلاح الجوّ المسيّر، يؤكّد أن كُــلّ تلك التدابير فشلت تماماً، وأن الإمارات باتت محشورة في زاوية ضيّقة تنتظر فيها فقط متى ستصب الطائرات اليمنية غاراتها، لتخترع كذبة إعلامية تنفي بها الهجوم، ثم لا تستطيع فعل أي شيء عدا ذلك.