كلمة الرئيس المشاط للشعب اليمني بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة 21 سبتمبر
وجه الرئيس مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى كلمة مساء اليوم الخميس إلى أبناء الشعب اليمني بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة 21 سبتمبر.
فيما يلي نص الكلمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد الأمين وعلى آله الميامين وصحابته المنتجبين وبعد :
نبارك لشعبنا الصامد المجاهد ابتهاجه واعتزازه الكبيرين بنضالاته المجيدة في أعياده الوطنية الـ 21 من سبتمبر والـ 26 من سبتمبر والـ 14 من أكتوبر، وبهذه المناسبة نزفها تحية إجلال وإكبار إلى أبطال الجيش واللجان وكل من معهم من رفاق القبائل الأبية المرابطين في مختلف جبهات ومواقع الدفاع عن تراب الوطن العزيز، والتحية موصولة أيضا لكل الأحرار والشرفاء من أبناء شعبنا في الداخل والخارج.
أيها الشعب اليمني العظيم:
تطل علينا هذه الذكرى الغالية على قلوبنا جميعا ونحن نقف على مشارف العام الخامس من الجهاد والتضحية والفداء، في قضية عادلة قوامها الدفاع عن الحرية والاستقلال والسيادة، والانتصار لكرامة الشعب، وشرف الأرض وقداسة الوطن والعرض، ضد عدوان غاشم – لا يستند إلى أي مبرر من منطق أو قانون – ينفذه كل عملاء وأدوات المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة ضمن تحالف عريض من الأنظمة الفاسدة والدكتاتورية وفوقها خليط واسع من قوى الفساد والارتزاق والعمالة والارتهان، والتنظيمات الظلامية المجرمة كالقاعدة وداعش وغيرها من القوى المحكومة بثقافة الكراهية والعنف والوحشية، الأمر الذي تكتسب معه هذه الذكرى المجيدة أهمية خاصة ومتميزة، باعتبارها النقيض الصارخ لكل ما هو عليه هذا التحالف المقيت، وباعتبارها المظهر القيمي والأخلاقي المعبر عن عدالة القضية اليمنية، وعن منظومة الصمود التاريخي لشعبنا اليمني العظيم.
أيها المواطنون والمواطنات:
إن من الأهمية بمكان في مثل هذه المناسبة أن نستذكر طبيعة الظرف الذي نشأت فيه ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لكي نعرف وتعرف الأجيال من بعدنا بأنها لم تكن عملا فائضا عن الحاجة، ولا حدثا عابرا أو عاديا في تاريخ هذا الشعب العظيم والثائر.
لقد انبثقت هذه الثورة المجيدة من صميم الحاجة اليمنية لوقف العبث الممتد عبر السنين الطوال، ومن عمق الحاجة الماسة أيضا إلى إعادة الاعتبار لثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر بعد أن تعرضتا للعزل الممنهج عن واقع الحياة، وبعد أن استمرت قوى العمالة والارتهان لعقود طويلة وهي تستمرئ العبث والفساد، وترهن قرار اليمن السياسي والاقتصادي للخارج، وتراكم عوامل الضعف والوهن والفقر حتى فشلت في بناء الدولة اليمنية وأحالتها إلى دولة هشة ظلت كل تقارير العالم تصفها وتصنفها – طوال المراحل الماضية – ضمن الدول الأكثر فسادا وفقرا وتخلفا، لا بل وأحالت يمن الحضارة إلى مجرد حديقة خلفية لكيانات طارئة على التاريخ تلك هي الصورة المصغرة لظروف الواقع الذي مثلت ثورة 21 سبتمبر إحدى أهم المحاولات لتغييره.
لذلك فإن ما يميز هذه الثورة أنها جاءت حين جاءت وهي متوشحة بإرادة خيرة ترمي إلى الوصل بين نضالات الإباء والأجداد وبين نضالات الأبناء والأحفاد، وتنشد الوئام والسلام بين مختلف القوى اليمنية، وترنوا إلى حشد كل الطاقات نحو صون السيادة وتحرير القرار اليمني من كل صيغ الارتهان والتبعية، ونحو محاربة الفساد، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار، وترسيخ قيم المواطنة المتساوية والشراكة والتوافق، والانحياز المطلق للشعب، ووضع كل ما توافق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني موضع التنفيذ بما في ذلك بناء الدولة، وضبط سياساتها الخارجية باتجاه إقامة أفضل العلاقات مع الأشقاء والأصدقاء على أساس من الندية وحسن الجوار والاحترام المتبادل والحفاظ على المصالح المشتركة، والإسهام الحضاري في تعزيز السلم والأمن الدوليين.
لقد اختطت ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر منهجا متسامحا وراقيا، فلم تحاول أن تنكأ الجراح أو تجتر الأحقاد أو تستدعي ضغائن الماضي أو تغرق نفسها في تصفية الحسابات، فكانت بحق تلك الثورة الناصعة البياض والثورة الوحيدة – ربما من بين كل الثورات في التاريخ – التي لم تنشر محاكم التفتيش ولم تنصب المشانق أو تدشن حفلات الإعدام.
لقد منحت الجميع فرصة جديدة ضمن صفحة جديدة ليمن جديد يشارك الجميع في بنائه، ولم يكن لها من مرام أو شرط سوى أن تتوقف كل سياسات وسلوكيات الهدم والتخلف، لتحل محلها سياسات البناء والنهوض في منهج مثل بالفعل التعبير الأوضح والأصدق عن حكمة وأصالة الشعب اليمني وما هو عليه من شيم العفو والتسامح.
ولم يكن هذا كل ما يميز ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر فقد تميزت أيضا بروحها العملية المتوثبة، وبالمثابرة والعزم والتصميم حتى حققت في شهورها الأولى من النجاحات ما لم يتحقق قبلها في عقود وخصوصا على الصعيد الأمني، حيث كانت قد بدأت مشروع تنظيف اليمن من تنظيم القاعدة، وكل مهددات الحياة والسكينة العامة للمجتمع، وفي هذا الصدد حققت نجاحات مذهلة بدءاً بالقضاء على جيوب هذا التنظيم الظلامي في أمانة العاصمة، ودك أوكارها في أرحب والبيضاء والحديدة ومعظم المناطق في جنوبنا المحتل، فأمن المواطن واطمأن التاجر والمسافر، وبدأت تختفي عناصر القاعدة وداعش من الوجود إلى أن عادت من جديد على ظهور دبابات دول تحالف العدوان لتصبح مكونات وفصائل أساسية في هذا التحالف البغيض كما هو معروف.
وإلى جانب ذلك تراجعت في ظل هذه الثورة الكثير من الظواهر السلبية التي لازمت سلطات ما قبل الثورة – لسنين طويلة – من قبيل ظاهرة الفساد والثارات، واختفت تماما ظواهر مزمنة من قبيل ظواهر السطو المسلح، وقطع الطرقات، وبراميل ما يسمى بالقطاعات والتقطعات، وحافظت الثورة الخالدة على مؤسسات الدولة وعلى الممتلكات العامة والخاصة في فترة ما قبل العدوان واحتفظت بهذه المكاسب في ظل العدوان أيضا.
وعلى الصعيد السياسي فتحت الثورة آفاق الحوار بين مجمل المكونات، وبرعاية أممية كان قد أفضى ذلك الحوار السياسي إلى توقيع ما يعرف بوثيقة السلم والشراكة التي دعت إلى تصحيح الاختلالات وضبط المسار في ضوء ما قضت به مخرجات الحوار، ونجحت في إحراز الإجماع الوطني على حماية اليمن من مشروع التقسيم وأعادت الاعتبار للشراكة وللتوافق وللعملية السياسية بشكل عام.
وحتى حينما انقلبت أدوات العمالة والارتزاق على هذا الاتفاق ألفينا ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر تبقي على باب الحوار مفتوحا، الأمر الذي أتاح للأمم المتحدة اطلاق ورعاية حوارات بناءة بين مختلف الفرقاء – كادت بحسب تعبير المبعوث الأممي آنذاك – أن توصل اليمن إلى بر الأمان لولا تدخل دول العدوان.
أيها المواطنون والمواطنات:
وفيما كانت ثورة الشعب تحث الخطى نحو خلق البيئة الداعمة لعملية النهوض باليمن وإطلاق مشروع بناء الدولة، كانت السعودية مع الأسف – وبإيحاءات أمريكية وإسرائيلية – ترى في هذا المشروع تهديدا لنفوذها ووجودها، وكأنها ترى في الإبقاء على (اليمن الضعيف) و(اليمن الحديقة الخلفية) الضمانة الوحيدة لوجودها وأمنها واستقرارها، ومع أن هذه الاستراتيجية خاطئة وغير مشروعة، ومع أن هناك قضايا أخرى أيضا كان الأولى بالسعودية أن تنشغل بها، إلا أنها وبتشجيع ودعم أمريكي وبريطاني وإسرائيلي، قررت الحرب على بلادنا ظلما وعدوانا بلا أي مبرر حقيقي ومن دون أي مسوغ، ولم يكن لها من هدف سوى إجهاض المشروع الوطني لثورة الشعب اليمني العظيم، ففتحت خزائنها المتخمة بالمال والنفط، وأنشأت التحالفات الواسعة، وحركت الجيوش المتعددة، وحشدت مرتزقتها من مختلف الأصقاع، ووضعت كل إمكاناتها وتحالفاتها العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية الهائلة تحت تصرف هذه الحرب، وفوق كل ذلك راهنت على الممارسة الوحشية والقتل الذريع بحق شعبنا، وعلى الحصار المطبق والتدمير واسع النطاق، مثلما راهنت أيضا على ما كان قد راكمه عملاؤها عبر عشرات السنين من عوامل الضعف والوهن، ففي اليمن الدولة بالنسبة للسعودية هشة، والجيش مفكك، والاقتصاد ضعيف ومنهار، والقوى السياسية متباينة ومختلفة وغير ذلك من الرهانات والأوراق القابلة للاستعمال والتوظيف، وهنا وجدت الثورة نفسها ووجد الشعب نفسه أمام مرحلة جديدة ملؤها التحديات الكبيرة والصعوبات الجسام.
لقد كان الاختبار صعبا وفي غاية الخطورة أيضا، إذ لم يكن هناك من خيار سوى الاستسلام والخضوع ومن ثم التفريط في أرض وعرض وقرار، ووضع عزة اليمن وكرامة أبنائها وكبرياء شعبها وتاريخها، ومستقبل أجيالها تحت رحمة القرار الأجنبي والوصاية الخارجية، وإما الخيار الثاني وهو طريق المواجهة والتضحية ومواصلة النضال، وتجشم المشقة والعناء حتى يكون ليمن الإيمان والحكمة قرارها وسيادتها ومكانتها بين الأمم، وحتى تمتلك أو تستعيد حقها الطبيعي في بناء نفسها والانتقال بشعبها إلى الحياة الكريمة التي لا تعتمد على الذل والخضوع لأحد غير الله، ولا تحتاج معها إلى تقديم الولاء والطاعة لأي دولة أو بلد غير اليمن.
أيها الشعب اليمني العظيم:
وفق الموازنة بين تلك الخيارات الصعبة، عز على شعب الثورة أن يخضع أو يهون وآثر على ذلك خوض الأهوال واقتحام الصعاب، لتصبح مرحلة الجهاد المقدس والكفاح المسلح هي المرحلة الجديدة لثورة الشعب.
لقد كانت الحرب في هذه المرحلة بالنسبة لحسابات ورهانات العدو أشبه ما تكون بالنزهة التي لن تستغرق شهرا واحدا أو شهرين.
لكن رعاية الله، وعدالة القضية، وقيم الثورة وحكمة قيادتها، وعظمة شعبها، وبسالة مقاتليها، وبشاعة خصومها – كل هذه المسائل – مثلت في مجموعها تلك العوامل التي قلبت المعادلات وأربكت كل الحسابات والرهانات.
وها نحن اليوم على مشارف العام الخامس خلالها حافظت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر على وهجها وقيمها، وخلالها أسقطت كل السقوف الزمنية التي حددها العدو وكل الأهداف والسياسات، وقدمت النموذج المشرف في احترام قوانين وأخلاق الحروب في كل مجالات العمل العسكري والأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والإنساني والثقافي والإعلامي وتحول الوطن الكبير في ظلها إلى ورشة عمل كبيرة يعمل فيها كل أبناء الشعب قيادة وحكومة ومجتمعا وأحزابا وقبائل وجيشا ولجانا شعبية.
وفي خضم المرحلة نجحت الشدائد في فحص معادن الأشياء كلها، الرجال والأحزاب والمواقف فسقطت الأقنعة وذابت كل مساحيق التجميل لتظهر كل الوجوه على حقيقتها، والتحمت ثورة الشعب وشعب الثورة في خندق واحد ضد خصوم وأعداء السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر أنفسهم.
أيها الشعب اليمني العظيم:
لقد مضينا منذ اليوم الأول على قاعدة يد تبني ويد تحمي، وانه لمن دواعي الفخر والاعتزاز ما نراه ونتابعه ونعمل عليه مع كل الشرفاء والمخلصين من أبناء شعبنا، فبالرغم من كل التحديات والصعوبات إلا أن الجميع يكاد يصل الليل بالنهار في المتابعة والتنفيذ للكثير من الأعمال في مختلف الميادين وكل ذلك بهدف تعزيز الصمود ومواصلة المسيرة النضالية حتى تحرير الأرض والقرار السياسي اليمني.
لقد راهنا على وعي شعبنا فكان الرهان في محله، واستطعنا بحمد الله أن نبني جبهتنا الداخلية بمستويات قوية ومشرفة والعمل في هذا المسار مستمر ومتطور ومتعاظم فيما العدو يتفكك ويتشظى، وكل يوم والمتغيرات تراكم الكثير من صور سقوطه المدوي في كل مجالات المواجهة الشاملة.
وعلى قاعدة “يد تحمي ويد تبني” تم اطلاق مشاريع عملاقة في مجال تثمير التجربة العسكرية المذهلة، ورفع مستوى التأهيل والتدريب للمقاتل اليمني، وتطوير الاستراتيجيات والخطط العسكرية، إلى جانب مخرجات البحث العلمي، وبناء وتحديث معامل الصيانة والتصنيع الحربي لكل متطلبات المقاتل، ولكل متطلبات المعركة العسكرية من ذخائر وأسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة برا وبحرا وجوا بعقول وسواعد يمنية ضمن مشروع وطني الوجه واليد يبعث على الاعتزاز.
ونتابع بفخر ما يشهده الجانب الأمني من تطورات متسارعة وإنجازات رائعة.
وأما على الصعيد الاقتصادي فإن العدو وبعد فشله الذريع كما تعلمون لجأ إلى وسيلة التجويع والخنق الاقتصادي واستعملها كأحد الأسلحة في حربه اللاأخلاقية وهي جريمة حرب بنص القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، ومنذ فترة مبكرة باشر العدو جملة من الإجراءات وفي مقدمتها الحصار المطبق، وحظر السلع التجارية والتضييق على التجار، ونقل البنك المركزي، وقطع المرتبات، والعبث بالعملة والسيطرة على كل موارد وثروات اليمن النفطية والغازية والسمكية، وفوق ذلك استهدف بالتدمير الجزء الأكبر من البنية التحتية المؤثرة على الاقتصاد كالطرقات والمصانع والمزارع وغيرها من مصادر الدخل العام والخاص.
ونحن في هذا الصدد لم ندخر جهدا ولن ندخر جهدا في سبيل التخفيف من معاناة المواطن سواءً من خلال المبادرات السياسية والتعامل الإيجابي مع فكرة تحييد الاقتصاد التي اطلقها قائد الثورة أو من خلال التواصل الدبلوماسي مع الدول والمنظمات، وتقديم التسهيلات أمام العمل الإنساني بشكل عام، والعمل على جلب المزيد من المساعدات إلى جانب الإجراءات الصارمة التي اتخذناها في محاربة الفساد، وتصحيح وتطوير أداء المؤسسات، والعمل بكل ما في وسعنا على صون وتنمية الموارد المتاحة وتوفير نصف راتب بين الفترة وأخرى رغم شحتها، وفي هذا السياق أيضا تم متابعة وإنجاز الاتفاق مع الأمم المتحدة على جسر طبي يوفر رحلتين شهريا للتخفيف من معاناة المرضى ومع كونها لا تفي بالغرض إلا أننا تعاملنا معها كخطوة أولى على طريق الفتح الكلي للمطار إن لم يفشل تحالف العدوان هذه الخطوة، كما أن الأجهزة الحكومية المختصة تتابع حاليا تنفيذ جملة من الاتفاقات والأعمال بهدف تأمين حافز شهري للمدرسين، لتغطية بعضا يسيرا من متطلبات تأديتهم لمهامهم، وهناك جهود كبيرة تبذل لتحقيق نفس الغرض بالنسبة لبقية موظفي الدولة إلى جانب مسار العمل المفتوح والمتواصل لحل مشكلة المرتبات عبر المفاوضات السياسية.
كما تشهد بقية مجالات العمل تطورات إيجابية وذلك في إطار التزامي وزملائي في المجلس السياسي الأعلى بمواصلة مشروع الرئيس الشهيد صالح الصماد “يد تحمي ويد تبني” والذي سندشنه قريباً بإذن الله كمسار استراتيجي نعلن من خلاله ملامح بناء الدولة اليمنية الحديثة التي سيشارك في إرساء مداميك بنائها الجميع (مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية والأكاديميون ومنظمات المجتمع المدني) وكل يد شريفة تحمي اليمن وتبني دولته بالشكل الذي يليق بصمود وتضحيات الشعب.
أيها الشعب اليمني العظيم:
نحن نعاني ومعاناتنا كبيرة هذا صحيح، ولكن علينا أن ندرك بأن هذه المعاناة مهما بلغت ستنتهي، وأن نثق على الدوام في أن وراءها فرج كبير وخير عميم وعلينا هنا أن نتذكر بأن كل الدول التي أصبحت دولا عظمى وتنعم شعوبها اليوم بالحرية والعدل والاقتصاد القوي إنما عبرت من نفس المعاناة، وكان كل ما فعلته أنها صمدت حتى حققت لنفسها شرط النهوض المتمثل في امتلاكها لقرارها، التحرر من التبعية للخارج، وهو ما يجترحه شعبنا اليوم، وسيصل إليه غدا إن شاء الله .
إننا نعاني من أجل قضية تستحق المعاناة، من أجل اليمن، وعزة اليمن، ومن أجل كرامة الأرض العزيزة، والعرض المصون، والوطن الغالي.
وبالتالي فإن علينا أيها الكرام أن نواجه هذه المعاناة بالمزيد من العمل والصبر والصمود، وإحياء خصائص التكافل والتعاون، وبالمزيد من مضاعفة الجهود، ورفد الجبهات ففي ذلك خلاصنا من كل معاناتنا، وفي ذلك دوام ما تنعم به مناطقنا من نعمة الأمن ولنا في ما تعانيه مناطقنا الجنوبية المحتلة منتهى العبرة والدرس، فالصمود كله مكاسب، والمعاناة الأكبر والمخاطر كلها إنما تكمن في تراخي الهمم وتراجع العزم وحاشا لشعب كريم – كشعبنا – أن تتراخى له همة أو يتراجع له عزم.
وأختم ببعض النقاط:
1- نحيي صمود شعبنا ونحثه على المزيد من الصبر والنضال وندعو لمواصلة جهود التحشيد والتجنيد كما نبارك كل نضالات شعبنا في الجنوب ضد المحتل الأجنبي البغيض ونؤكد استعدادنا الدائم لرفد كل الشرفاء والمناضلين ومواصلة البذل والصبر حتى ننال مع شعبنا الصابر بشرى النصر والتحرير وسننالها بإذن الله وكيف لا وهذا الله يقول (وبشر الصابرين) (ومن أصدق من الله قيلا(.
2- نحيي أبطال الجيش واللجان ونشد على أيديهم في مواصلة التنكيل بالغزاة والمرتزقة حتى تحرير الأرض والقرار من كل صيغ الاحتلال والارتهان والتبعية.
3- نحيي رجال الأمن ونشد على أيديهم في مواصلة الحفاظ على أمن المواطن وصون الأعراض والممتلكات العامة والخاصة ونشد على أيديهم في الضرب بيد من حديد ضد كل من يجنده العدو الأجنبي للإخلال بأمن المجتمع وإقلاق سكينته العامة.
4- وتزامنا مع أعيادنا الوطنية نوجه وزارة الداخلية والنيابة العامة وكافة الأجهزة الأمنية بمواصلة تقييم وتحسين أوضاع السجون والسجناء والتسريع بالإفراج عن كل موقوف على ذمة راي سياسي أو إعلامي مالم يكن متورطا في قضايا جنائية أو متصلة بأمن الدولة وموافاتنا بالنتائج أولا بأول.
5- ندعو المتورطين في خيانة البلد إلى إنقاذ أنفسهم من خزي الدنيا والأخرة ونجدد في هذا السياق قرار العفو العام وفترة عمل اللجنة المختصة إلى عام كامل آملين من المتورطين في خيانة البلد شيبا وشبابا الاستفادة من هذه الفرصة وسرعة مغادرة خندق العدو الأجنبي وماهم فيه من عار ومهانة والعودة إلى عزهم ومجدهم في خندق الأهل والوطن.
6- ندعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته تجاه الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها تحالف العدوان بحق شعبنا ونشكر كل المحاولات والمواقف الإيجابية التي تصب في هذا الاتجاه بما في ذلك تقرير فريق خبراء حقوق الإنسان ونشدد على ضرورة الإسراع بتشكيل لجان دولية للتحقيق في جرائم الحرب كما ونشكر كل الدول التي أوقفت صفقات الأسلحة مع السعودية ونحمل أمريكا وبريطانيا كامل المسؤولية في ما توفره لدول العدوان من غطاء سياسي ودعم عسكري ومعلوماتي.
7- نؤكد حرصنا على السلام وانفتاحنا على كل الحلول المنصفة والمبادرات المفضية إلى وقف العدوان ورفع الحصار وبما يحفظ لشعبنا حقوقه كاملة غير منقوصة، ولبلدنا سيادته وأمنه واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه.
تحيا الثورة المجيدة
تحيا الجمهورية اليمنية
المجد والخلود للشهداء – الشفاء للجرحى – الحرية للأسرى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.