الخبر وما وراء الخبر

احتلال الشعوب والأوطان بذريعة نشر الديموقراطية

79

بقلم / عدنان قاسم علي قفلة

ذريعة نشر الديموقراطية وتخليص الشعب من الحكم الديكتاتوري :

عملت أمريكا ومعها بعض الدول الغربية على استثمار نشر الديموقراطية واستخدامها كذريعة للتدخل في شؤون الدول الأخرى والترويج لها خصوصاً تلك الدول التي لا تدور في الفلك الأمريكي أو تلك الدول التي لأمريكا أطماع فيها أو حتى تلك الدول التي تخالف أمريكا ثقافة وفكراً والمقاومة للتدخل الأمريكي , فتحاول أمريكا استثارة الشعوب والمجتمعات من باب نشر الحرية وحرية التعبير والرأي والرأي الآخر كما تزعم , على أن يحكم الشعب نفسه بنفسه وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحرية المرأة إلى ما هنالك من عبارات رنانة ومصطلحات جذابة تحاول من خلالها زعزعة أمن واستقرار الدول والتدخل فيه بطريقة أو بأخرى مستخدمة العديد من وسائل الضغط على الدول كي تتيح المجال للديموقراطية من جهة ومن جهة أخرى تستخدم وسائل الإعلام لإثارة الشعوب والمجتمعات ووسائل الحرب الناعمة وهو المصطلح الجديد الذي بدأت أمريكا باستخدامه منذ العام 2005م , كما تستخدم في سبيل ذلك الضغوط الاقتصادية والسياسية .

وفي هذا يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي حول هذه الذريعة في ملازم رمضان\ الدرس العاشــر (معلوم أن العدو نفسه من الأمريكيين والإسرائيليين يركزون جداً على موضوع أن يهيئوا قابلية لهم في الشعب الذي يريدون أن يحتلوه، ودعاية عن طريق عملاء لهم، سواء بشكل أحزاب، أو بشكل غير أحزاب، يروجون لهم، وكل الترويج ينصب على ثلاثة أشياء : حرية، وديمقراطية، ورعاية حقوق إنسان ).
و يجب أن أشير إلى أن أمريكا توعز إلى عملاءها من الحكام وغيرهم استخدام سياسة تكميم الأفواه وسياسة التسلط والتجبر على الناس والحط من كرامتهم وإذلالهم عبر الحكام المتحالفون مع أمريكا وذلك من أجل كسر نفوس الناس وانتزاع كرامتهم وإضعاف نفسياتهم هذا من جانب ومن جانب آخر استخدام هذه الأعمال من قبل أمريكا أمام الشعوب فيما بعد وتظهر أمام الشعوب وهي التي تمنع هذه الممارسات فيخيل للبسطاء أن أمريكا هي المنقذ وهي المحرر لذلك تجد أن حلفاء أمريكا في أغلب أنحاء العالم هم من الدول الملكية ذات الملكية المطلقة أو بالحد الأدنى الملكية الدستورية أو ذات الحكم الجمهوري الرئاسي (أي يكون رئيس الدولة هو صاحب القرار فيها ) وهذا بكله إنما يأتي في إطار استخدام نشر الديموقراطية ومحاربة الديكتاتورية وحماية الحرية الشخصية كذريعة لاحتلال الشعوب والأوطان وكون هذا المصطلح يدغدغ مشاعر الكثيرين من المضطهدين أو المكبوتين و المتوهمين في أن أمريكا هي المنقذ والمحرر والتي تمنح الديموقراطية ومن لها الغلبة على هؤلاء الحكام , يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي في ملزمة \الدرس الثالث والعشرون من دروس رمضان

(لاحظ الآن عندما حكم العرب الكثير من حكامهم، الكثير منهم بسياسة القهر والتسلط، أنت هنا ضربت الأمة، لم تعد هذه الأمة صالحة لأن تدافع عن نفسها ، ألفت القهر، ألفت الإذلال ، ضعفت نفوسها، انهارت معنوياتها؛ لهذا يكون هناك أثر سيء جداً، جداً للتسلط على الناس؛ لأنه يؤدي إلى قهر أنفسهم فيضعفون في مواجهة العدو، ويضعفون عن حمل الرسالة العظيمة هذه التي أوكلت إليهم.)

في العام 2014 صدر كتاب يضم مجموعة من الأبحاث شارك فيها باحثون ومؤرخون من ( أمريكا – كندا – روسيا – أوكرانيا – فنزويلا – لاتفيا – مولدوفا – بيلاروسيا – وغيرهم ) بالتعاون مع معهد البحوث السياسية الخارجية والمبادرات في روسيا الاتحادية تحت عنوان (قتل الديموقراطية : عمليات المخابرات المركزية الأمريكية والبنتاغون في الفترة ما بعد الحقبة السوفيتية ) ذكر المؤرخون والباحثون كيف استخدمت أمريكا ذريعة الديموقراطية لفرض هيمنتها , كما قدم الكتاب تحليلاً علمياً وموضوعياً وموثقاً لنشاطات وأعمال الأجهزة الأمريكية وأدواتها في مناطق مختلفة من العالم , ويكشف معلومات دقيقة وهامة حول الطرق والأساليب المتبعة لقلب الأنظمة السياسية المستقلة والمعادية لنهج الهيمنة الأمريكي يقول الباحث ويليام بلوم في مقال (واشنطن : السيطرة على العالم بأي ثمن) : إنها حملة صليبية عالمية أمريكية لا تتمثل في محاصرة النفوذ السوفيتي الفعلي فحسب بل تهدف إلى منع التحولات السياسية والاجتماعية في دول العالم الثالث التي وقفت ضدها نخبة الأقوياء في أمريكا (من كتاب قتل الديموقراطية ص 26) . وبالتالي فإن استخدام مبرر الديموقراطية يأتي في سياق المبررات الكثيرة التي تستخدمها أمريكا لإحتلال الشعوب ليس إلا , فتستخدم مع كل دولة ما يناسبها من مبررات وبالتأكيد فإن مبرر نشر الديموقراطية ومحاربة الديكتاتورية أحد هذه المبررات التي استخدمتها أمريكا في العديد من الدول ومنها (العراق – سوريا – ليبيا وغيرها)
ومن أمثلة ما قامت به أمريكا لاحتلال البلدان العربية خلال الفترة الأخيرة ما يلي :

العراق : وغزو العراق في العام 2003 بعد حصاره لمدة 13 عام

بذريعة نشر الديموقراطية وانهاء النظام الديكتاتوري حسب وصف الذريعة بعد أن تم الزج بالعراق في حروب في المنطقة أدت إلى فصله عن محيطه العربي والإسلامي وبعد أن تم فصل النظام عن شعبه فسهل الاستفراد به وإسقاطه ومن ثم احتلاله وقد أطلق الأمريكان على العملية العسكرية التي انتهت باحتلال العراق اسم (حرية العراق ) . فما هو الثمن الذي دفعه العراق لنيل الحرية التي وعدتهم بها أمريكا ؟؟ لقد تجاوز عدد الضحايا المليونان إضافة إلى الخسائر المادية الهائلة .
سوريا : والتدخل فيها من العام 2011 بعد أن تم نشر الفوضى في مظاهرات بدت وكأنها مطلبية حتى أصبحت تنادي بإسقاط النظام على أنه نظام ديكتاتوري كما يقول أعداء سوريا لتندس فيها أدوات أمريكا في المنطقة مثل التنظيمات الإسلامية المتشددة فيحصل القتال والاقتتال .

ليبيا : والتدخل الذي حصل فيها بطريقة مشابهة لما حدث في سوريا كذلك حيث كان بذريعة نشر الديموقراطية في ليبيا وإنهاء الحكم الديكتاتوري إلا أنه وللعديد من الأسباب فقد تمكن المحتل من الدخول إلى ليبيا خلال الأحداث التي عصفت في ليبيا العام 2011م ,

ومع ذلك لم تدرك الشعوب هذه الذرائع حتى في الدول التي عانت من هكذا تدخل ولازالت تنساق لهذه المخططات وتستجيب لدعوات الديموقراطية المزعومة يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي في الدرس الرابع عشر من دروس رمضان ( وللأسف أنه إلى الآن ما نزال نتشبث بالطرق هذه التي تنطلق على أساس أن كل واحد يشتغل من عنده، بل بعضهم يقدمها كمقترح في حلّ لما يواجه المسلمين اليوم من جانب الأمريكيين والإسرائيليين يقول [لازم مزيد من الديمقراطية المزيد من الحرية، التي يسمونها حرية، القول والقول الآخر] يعني مزيد من التمزق، مزيد من الثرثرة، التي لا يبتني عليها شيء!.)
ولكن ! متى حدث كل هذا ؟؟

حدث كل هذا في ليبيا وفي العراق وفي سوريا بعد أن تحرك الشارع بقصد أو بدون قصد متماشياً مع المخطط الأمريكي لإحتلال هذه البلدان ومتحركاً ليطالب بالحرية والديموقراطية ومستعيناً بقوى الاحتلال والاستكبار العالمي للحصول على هذه الحرية المزعومة والديموقراطية كما يقولون , إذ لا يمكن لغازي أو محتل أن يحتل شعباً وبلداً دون مساعدة من أبناءه أو بعضهم. فهل تحققت الديموقراطية التي طالبوا بها وسمحوا للغازي الأمريكي الدخول إلى بلادهم بها أم حدثت أمور أخرى يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي في ملزمة الإسلام وثقافة الإتباع
(ما هذا شيء معروف؟ لماذا هم تنكروا للديمقراطية؟ في الأخير تنكروا لها، كانت عنوان من أجل أن يبعثرنا، داخل الديمقراطية أحزاب متعددة، متباينة، حزبية مفتوحة، كل 15، 20 يتحزبوا لوحدهم مقبول، والصحف تشتغل، والرأي، والرأي الآخر، وهكذا إلى آخر القائمة. ثم في اللحظة الأخيرة التي يريدون أن يهيمنوا على هذا العالم بكله، وبعد أن أمِنوا بأنه ليس هناك موقف واحد أمامهم، ليس هناك موقف واحد من داخل هذه الأمة، وليس هناك رجل واحد يقود هذه الأمة، فيقف أمامهم؛ عرفوا أن هذه هي اللحظة، هي الفرصة السانحة التي ينقضون فيها علينا، فيهيمنون هيمنة مطلقة )

وبالتالي فإن الغرض في نهاية المطاف تشتيت أنظار الأمة والشعب الواحد عن العدو الواحد وعن المهمة الواحدة وخلق الفرقة بين مكوناته على أسس طائفية أو عرقية أو مناطقية ليتحول الشعب إلى شعوب والقائد إلى قادة ومن ثم بث سموم الفرقة والاختلاف ليتم الاقتتال فيما بعد بين هذه المكونات بين عمليات الشحن الإعلامي وغيرها التي تخطط لها وتنفذها أمريكا باستخدام العديد من الوسائل .