الخبر وما وراء الخبر

أمريكا وعدوانها الاقتصادي على الشعب اليمني

68

لم تكن الحرب الاقتصادية على بلادنا بعيدة عن العدوان العسكري أو منفصلة عنه، فقد بدأ العدوان الأمريكي السعودي الغاشم على اليمن بكل اوجهه العسكرية والاقتصادية، حيث كانت الحرب الاقتصادية بالتوازي مع الحرب العسكرية وما استهداف المصانع والشركات والبنوك إلا ضربا من الحرب الاقتصادية الممنهجة.

وبعد أن وجدت أحلام قوى العدوان باحتلال اليمن في بضعة اسابيع مكانها الطبيعي في سراب بقيعة، وفشلها في تحقيق أية انتصار عسكري على الارض فقد لجئت الى الحرب الاقتصادية واستهداف لقمة العيش للشعب اليمني بغية إخضاعه واذلالة، واتجهوا الى تدمير الاقتصاد حتى يصل الى مرحلة الانهيار حتى يقبل الجميع بالارتهان والعمالة لهم مقابل لقمة عيشة.

واتجهت في سبيل تحقيق ذلك في عدة مسارات، حيث حرصت قوى العدوان على احتلال كل المناطق التي يتوفر فيها البترول والنفط والغاز في كلا مارب وشبوة وحضرموت وغيرها من المناطق، والسيطرة عليها بشكل مباشر، واحتلال معظم المنافذ البرية والتحكم بما يأتي الى البلاد والتحكم بالموانئ البحرية وذلك ضمن سياسة الحصار الجائر والخانق.

واتجهت قوى العدوان بعد ذلك صوب التآمر على البنك المركزي عبر بعض السياسات منها نقل عمليات البنك وصلاحياته في التعامل مع الخارج من العاصمة صنعاء الى عدن، وتعطيل التعامل معه في صنعاء مع أن البنك كان يقوم بعمله بحيادية وعلى اكمل وجه، بالإضافة الى تجميد احتياطاته من العملة الصعبة في الخارج حتى عجز البنك عن توفير الشراء لصالح الصفقات بين التجار وتحول اعتماد التجار في الحصول على الدولار من المصارف والسوق السوداء، حيث أدى ذلك الى عجزه عن تغطية الاحتياجات الاقتصادية للشعب اليمني وما نتج عن ذلك من ارتفاع الاسعار .

ونتيجة لمؤامرة استهداف البنك المركزي فقد انقطعت الرواتب على الموظفين وخصوصاً في المناطق الشمالية، وباتوا يعيشون اوضاع معيشية صعبة للغاية، ومع ذلك عملت حكومة الانقاذ على توفير الحد الادنى من المرتبات للموظفين بحسب المتاح.

واستمراراً لعدوانهم الاقتصادي القذر، فقد تم طباعة اوراق نقدية من العملة اليمنية بصورة مستمرة دون غطاء نقدي، بالتزامن مع سحب العملة الأجنبية من الأسواق اليمنية؛ وذلك بهدف رفع سعر الصرف العملات الاجنبية وخفض سعر العملة المحلية، وذلك في مؤامرة أمريكية واضحة المعالم لتدمير العملة اليمنية وانهيار الريال امام العملات الاجنبية والتي انعكست في ارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية الاساسية والأدوية والمشتقات النفطية، وذلك في سبيل تعميق مأساة الشعب اليمني في لقمة عيشة، والضغط بالورقة الاقتصادية على القيادة بالقبول بأية حلول مجحفة ومذلة، ولعل تهديد السفير الامريكي للوفد الوطني في جولة الحوار بالكويت خير دليل على ذلك، والذي هددهم بقوله ان لم تقبلوا ما يطلب منكم فسنجعل قيمة العملة لا تساوي قيمة الحبر الذي طبعت به، وهذا تأكيد واضخ بأن الامريكي هو من يقود الحرب الاقتصادية على الشعب اليمني.

والغريب والمُثير للاستغراب أنه في ضل استمرار طباعة المليارات تلو المليارات من العملة اليمنية دون غطاء هو سكوت المنظمات المالية الدولية وخصوصاً صندوق النقد الدولي الذي يعرف جيداً أن طباعة عملة جديدة دون غطاء سيؤدي الى انهيارها وسينعس ذلك في ارتفاع الاسعار، ألا انه حينما نعرف أن أمريكا هي المسيطرة على قرارات صندوق النقد الدولي يتبين أن ذلك يأتي في اطار العدوان على اليمن الذي تتزعمه أمريكا عسكرياً واقتصادياً واعلاميا ..الخ.

وفي سياق ذلك، فليس بإمكان حكومة الانقاذ حيال أساليب العدوان الاقتصادي أن تعمل الكثير، لاسيما بعد نقل البنك المركزي الى المناطق المحتلة عن سابق اصرار وترصد، كما انها لا تقوم بطباعة العملة دون غطاء، ولا يمكنها ايضاً وقف الطباعة، ولا يقع تحت سيطرتها النفط والغاز لكي تصدرهما وتحصل على العملة الصعبة لدعم الاقتصاد، الا انها قامت ببعض الإجراءات لمنع تدهور سعر الصرف حيث اتخذت عدة تدابير منها ضبط واغلاق محلات الصرافة المخالفة.

إن على الجميع أن يفهم الاحداث جيداً وما يدور من مؤامرات ومخططات لإذلال الشعب لاسيما وإن السبب الرئيس لارتفاع سعر الصرف وارتفاع الأسعار يعود بالدرجة الأولى الى العدوان الاقتصادي الذي تشنه قوى تحالف العدوان، وفي مقارنة بسيطة يتجلى بوضوح من هو السبب في ذلك، فعندما شنت قوى العدوان عدوانها كانت سعر صرف الدولار يساوي ما يقارب 220 ريال يمني ووصل سعر صرفه اليوم الى ما يقارب 600، وهذا انعكس في ارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية الأساسية، ونظراً للحصار المفروض ونهب عائدات النفط ارتفعت أسعار المشتقات النفطية حيث وصل سعر الـ20 لتر من البترول والديزل الى ما يقارب 7500 ريال في واكثر من ذلك في المناطق الجنوبية بعد ان كان سعرة يساوي 2500 ريال قبل العدوان.

ولم يقتصر الاثر السلبي لارتفاع سعر الصرف والمواد الغذائية والمشتقات النفطية على المناطق التي يتواجد فيها الجيش واللجان الشعبية فقط، بل شمل المناطق الجنوبية الخاضعة للاحتلال وسلطة حكومة الفنادق، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية بشكل اكبر من سعرها في المناطق التي يتواجد فيها الجيش واللجان الشعبية، حيث ضبدأ يدرك المواطن اليمني في المناطق الخاضعة للاحتلال الآثار السلبية في الاستهداف الواضح للاقتصاد الوطني والعملة المحلية بهدف تجويع وإرضاخ الشعب كله ووصل به الحال أخيرا الى اللجوء إلى الشارع للاحتجاج على ممارسات تحالف العدوان في حق الشعب اليمني.

إن من يحاول انكار هذه الوقائع فإنه بلا شك يحمل ثقافة بني إسرائيل، حيث كان فرعون يستحيي النساء ويذبح الأطفال، وكان بنو إسرائيل يقولون أن نبي الله موسى هو السبب! فينسبون إليه الفعل القبيح ويشكرون الإنسان القبيح كما قال منافقي العدوان “شكرا سلمان”، قال تعالى (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَٰذِهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ ۗ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131 الأعراف).

*موقع أنصار الله