الخبر وما وراء الخبر

المنطقة على حافة التحول.. ولا عزاء لأمراء السوء !!

62

بقلم / أحمد يحيى الديلمي

ها هي الحقائق تتجلى يوماً بعد يوم وتؤكد ما سبق أن نوهنا إليه بأن هذا العدوان العبثي الذي تتعرض له اليمن بما اشتمل عليه من الصلف والحقد ورغبات الانتقام المريضة إنما يترجم استراتيجية قديمة حديثة تتعلق بمستقبل ما يُسمى بمنطقة الشرق الأوسط الجديد .

كلمة الجديد حيثما وردت فإنها تعني تهيئة المناخ لإثبات وجود دولة الكيان الصهيوني ككيان فاعل مؤثر ، وصاحب دور بارز في رسم سياسات المنطقة ، هذه الحقيقة لا شك أنها تكشف عن بؤس وحقارة الأدوات الإقليمية التي أوكلت إليها مهمة شن العدوان على اليمن فهي وإن كانت قد وجدت الفرصة المنابة لترجمة مشاعر الحقد المتجذر في نفوس آل سعود ، إلا أن الدور الذي يقومون به لا يزال محكوماً بمبدأ الوكالة ترجمة رغبات الآخرين ونعني بهم أمريكا وبريطانيا ودولة الكيان الصهيوني كونهم أصحاب القرار ومن وضعوا الخطة المحكمة لشن مثل هذا العدوان استناداً إلى الاستراتيجية التي تم إعدادها في عقد السبعينيات من القرن الماضي وتحدث عنها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر عقب انتصارات اكتوبر المؤقتة التي تم امتصاصها بعد ذلك بما سُمي بمبادرة السلام والتي انتهت بتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد وتماشت مع نفس الاتجاهات التي تسعى إليها الحركة الصهيونية منذ زمن مبكر ، وتتمثل في تهيئة المناخ امام الكيان الصهيوني كما أسلفنا وبالفعل استطاعت أمريكا وحلفاؤها ترجمة هذه الخطة على مهل وبطريقة سلسة مستغلة سذاجة العرب وعواطفهم الكاذبة التي من السهل التحكم فيها والتحكم بحركتها على أي نحو إذا ما كان المحرك بقدرة أمريكا ومن معها وها هي الأمور تتضح ونسمع عن شيعة وسنة ومقاومة واعتدال ،

إلى غير ذلك من المسميات التي حرفت بوصلة الصراع من الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين إلى الداخل العربي والإسلامي وأصبحنا نسمع أفواهاً تدعي الانتماء للعروبة تردد كلمات التضامن مع الصهاينة وتتحدث عن الحق التاريخي لليهود استناداً إلى نفس المعلومات التي اختزنتها أذهان هؤلاء المنحرفين في أروقة مدارس المخابرات الأمريكية ودهاليز مؤسسات التضليل الصهيونية ، إنها بالفعل معادلة صعبة أرجو أن يكون الأمراء العريبة قد استوعبوا ولو جزءاً بسيطاً من مضامينها ليكونوا قد وصلوا إلى مرحلة الفصل والتفريق بين الناقة والجمل ، وستكون هذه حالة متقدمة تدل على أننا ارتقينا قليلاً من مزالق الذل والهوان والتبعية إلى مصاف الآدمية الفاعلة ليدرك هؤلاء الأمراء الذين بددوا ثروة الأمة ، أنهمرإنما خُدِعوا وتم استخدامهم بأسلوب عبثي لتنفيذ مؤامرات ومآرب الآخرين والزج بأبناء جلدتهم إلى محارق الموت من أجل غايات بائسة لا وجود لها إلا في أذهانهم،

الأمر بحاجة إلى كثير من التحليل والتدقيق ليعرف هؤلاء مستوى المؤامرة التي تعرضوا لها ولو اجتهدنا لإحصاء الخسائر المادية والبشرية لوجدنا أنهم الأكثر خسارة من البلد المعتدى عليه وهي اليمن ، وإن كنا لا نعول على هذا الجيل من الأمراء الذين انغمسوا في مزالق المجون والترف العبثي فإننا نأمل أن تستفيد من هذه الدروس الأجيال القادمة طالما أن للعروبة بأفقها العظيم دماً حياً لا يزال ينبض في العروق وللإسلام صولة عظيمة ، كلاهما كفيل بإحياء ما اندثر من مشاعر الانتماء الصادق إلى جسد العروبة وينمي الارتباط الحقيقي بالإسلام كعقيدة ومنهج حضاري ، إنها بالفعل حالة تدعو إلى الإشفاق على هؤلاء ، بالمقابل تُحتم على المؤمنين بقضية الأمة والعقيدة أن يتجهوا نحو مزيد من الاصطفاف والتلاحم لكشف بقية المؤامرات التي حيكت ضد الأمة والعقيدة والعودة بالأمة إلى أزمنتها المزدهرة وعهدها التليد إن شاء الله .. والله من وراء القصد ..