مشاورات جنيف وخيبة الأمل؟
بقلم / زيد البعوة
جولة مشاورات جديدة من المفترض انها بدأت من يوم أمس كما تم تحديد بدايتها الزمنية من ستة سبتمبر بشأن وقف العدوان على اليمن في جنيف سويسرا المكان والمحطة التي حصلت فيها مفاوضات بهذا الخصوص في العام الأول من العدوان في 2015 والتي تلاها جولات عدة من المفاوضات فشلت ولم تصل الى نتيجة في الكويت ومسقط وخلال السنوات التي مرت رحل الأمين العام السابق للأمم المتحدة ورحل المبعوث السابق لها في اليمن وجاء غيرهم وبقي العدوان على اليمن وبقي السلام معلقا بين التصريحات الدولية والأممية وبين جدية المجتمع الدولي ودول العدوان والسؤال هنا هل ستصل المشاورات الحالية إلى نتيجة أم أنها سوف تكون كسابقاتها؟ سوف نترك الإجابة للمستقبل..
لم يحصل أي مبادرات ميدانية أو عملية تثبت حسن نوايا دول العدوان في تحقيق أي تقدم في ملف المفاوضات والمشاورات للوصول الى سلام حقيقي لأن الأمور العسكرية والاقتصادية والاطماع الاستعمارية لا تزال كما هي عليه بل انها تتفاقم بشكل أكبر إلى درجة أن العدوان والأمم المتحدة بدأوا يلعبون ويمارسون تصرفات تعسفية تدل على نواياهم الخبيثة حينما عرقلوا عملية نقل الوفد الوطني الى جنيف كمحاولة منهم لفرض ضغوطات نفسية واستعراض عضلات قبل أن يجلس الجميع على طاولة جنيف وهذا يدل على ان مشاورات جنيف بدأت بداية مخيبة للأمل..
ولكن هذه المرة هناك الكثير من المتغيرات حصلت سوف تؤثر على ملف المفاوضات ومنها أن دول العدوان التي تحلم بالسيطرة على الحديدة بالقوة أو من خلال المفاوضات حصل لها فشل وهزائم كبيرة في معركة الساحل الغربي ربما ان العدوان يريد ان يجعل من معركة الحديدة شرطا من شروط المفاوضات وهذا مستحيل ثم في نفس الوقت القيادة السياسية موقفها ثابت حيال ما تم التفاوض عليه في السابق مهما كانت التحديات والنتائج في الميدان ..
حصلت أيضاً مستجدات ميدانية وعسكرية قوية قلبت المعادلة العسكرية التي كان العدوان قد اعتاد عليها خلال السنوات الماضية من خلال التطورات والإنجازات النوعية للقوة العسكرية للجيش واللجان الشعبية في مختلف المجالات العسكرية البرية والبحرية والجوية التي دخلت المعركة بشكل مباشر وفاعل ومؤثر ووصل تأثيرها إلى عواصم دول العدوان وإلى أهداف عسكرية حساسة على العدو وهذا يعني ان هذه الإنجازات والتطورات سوف تأخذ مساحة كبيرة في ملف المشاورات ولاشك أنها سوف تخلق توازناً أو فرض أمر واقع لجعل العدوان يفكر في مصلحة نفسه ويلجأ مرغماً إلى صناعة فرصة للسلام إن تجرد من وساوس الشيطان وجلس مع نفسه من اجل نفسه ..
وقبل الخوض في تفاصيل ما سوف يتم التشاور حوله، عليه أي العدوان وعلينا أي الشعب اليمني ان نفكر قليلاً في ما حصل خلال الأعوام الماضية من أحداث وجولات مفاوضات وتصريحات وجرائم ومتغيرات وكيف يمكن أن تكون نظرة المواطن اليمني لما سوف يحدث في المستقبل مقارنة بما حصل في الماضي؟ أكثر من اربع جولات تفاوضية حصلت في أكثر من دولة فشلت وأطماع العدوان الاستعمارية في احتلال اليمن تفاقمت وجرائم العدوان ازدادت وكثرت ومصداقية المجتمع الدولي والأمم المتحدة تلاشت واضمحلت ولم يتبق أي شيء يمكن ان يراهن عليه الشعب اليمني يمكن ان ينقذ طاولة جنيف إلاّ شيئاً واحدا هو الرهان على الله تعالى وعلى التطورات العسكرية من خلال الصناعات العسكرية اليمنية التي دخلت المعركة وخلقت أحداثا جديدة ليست لمصلحة العدو وكذلك المعطيات الميدانية اليومية التي لم تكن لمصلحة العدو بل كانت ولا تزال مؤثرة عليه في مختلف الجبهات وكذلك صمود وثبات وعزيمة الشعب اليمني في مواجهة العدوان..
موقفنا واضح منذ البداية ولا نزال نتذكر ما قاله الرئيس الشهيد الصماد لمارتن لو لم يتبق لدينا الا مربع واحد أو منطقة واحدة لن تسمعوا منا إلاّ ما سمعتموه في جنيف والكويت ومسقط فقطع الطريق عليهم في أن يحلموا بتقديم تنازلات أو أن يفرضوا شروطا علينا ولا يزال الموقف هو نفس الموقف وسيبقى لأن الشعب اليمني صاحب قضية محقة وعادلة ويدافع عن نفسه وعن وطنه ولن يستسلم مهما كانت التحديات..
كذلك بشأن التقرير الأممي الأخير بخصوص جرائم العدوان والذي كان خطوة جريئة إلى الأمام رغم اننا لا نؤمن بمواقف الأمم المتحدة لأن مواقفها متناقضة لكن يكفينا أن هذا التقرير هو بمثابة اعتراف دولي وأممي بجرائم العدوان، وبعيداً عن الأمل أو الركون على أن يتم اتخاذ خطوات عملية على الواقع لفرض عقوبات على قادة دول العدوان إلاّ ان هذا التقرير الذي لا يعدو كونه موقفاً إعلامياً لكنه عبارة يمثل تعرية وفضحا واعترافا بجرائم العدوان وهذا سوف يكون له تأثير في ملف مشاورات جنيف..
وعلى قاعدة تفاءلوا بالخير تجدوه لن نفقد الأمل فهناك الكثير من المؤشرات والدلائل ستجبر العدوان ومرتزقته على الجلوس على طاولة الحوار مجبرين أهمها الموقف الثابت للقيادة بشأن المفاوضات ومؤشرات انهيار الوضع الاقتصادي لدول العدوان وصمود وثبات رجال الله المجاهدين والانتصارات التي يحرزونها في جبهة الساحل وبقية الجبهات التي أفشلت أهداف العدوان والخيارات العسكرية الأخرى التي لايزال يتمتع بها رجال الجيش واللجان الشعبية في مختلف المجالات العسكرية..
وبعد أن جرب العدوان جميع وسائل الصراع في سبيل إركاع وهزيمة الشعب اليمني وفشلت جميعها الإعلامية والعسكرية والأمنية والاقتصادية من خلال الحصار والتي راهنوا عليها بشكل كبير في إضعاف الشعب والقضاء عليه من خلال إغلاق الموانئ ومنع السفن وتجويع الشعب ومحاربة العملة النقدية فلم يجدوا إلاّ الصمود والثبات ولم يتبق لديهم أي خيارات أخرى وإنْ استمر العدوان ولم تفلح المفاوضات فلن يكون هناك أي جديد بالنسبة للعدو يمكن أن يفعله ويحقق أهدافه من خلاله فكل شيء تم تجريبه وفشل ..
وبالنسبة لنا كشعب يمني لم نعلق الأمل يوماً على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي فهم كاذبون وموقفنا واضح وثابت المواجهة والصمود والثبات حتى يتحقق النصر وفي نفس الوقت لدينا ثقة مطلقة بالقيادة أنها سوف تتعامل مع موضوع المفاوضات أو بمعنى أصح المشاورات وملف السلام بحكمة وبمسؤولية ولن نستبق الاحداث ولن نحكم على الأمور وهي لا تزال في بدايتها ولكننا نتمنى من الله وليس من المجتمع الدولي ولا الأمم المتحدة ولا أحد غير الله ان يتوقف العدوان الظالم على الشعب اليمني وأن ينتهي الحصار وأن يستعيد الشعب عافيته ويضمد جراحه ويوحد صفه ويحافظ على استقلال وطنه وحرية أبنائه وينعم بالخير والسلام والأمن والاستقلال والحرية والعزة والكرامة وهذا ما سوف يحصل طال الزمان أو قصر بإذن الله.