الخبر وما وراء الخبر

مشاورات جنيف.. هل من آفاق حقيقة؟

40

بقلم / حميد رزق

تنطلق الخميس المشاورات اليمنية في جنيف وسط انخفاض سقف التوقعات والرهانات لدى مختلف الأطراف بعد جولات تفاوضية سابقة لم تتسم بالجدية وافتقرت لعوامل بناء الثقة.

يوم أمس صدر قرار رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط بتعيين أعضاء الوفد المفاوض الممثل للمجلس السياسي الأعلى في صنعاء برئاسة محمد عبد السلام وبمشاركة أحزاب ومكونات عديدة أبرزها المؤتمر الشعبي العام وقيادات في الحراك الجنوبي.

يلحظ أن المبعوث الدولي مارثن غريفيث يسعى للاستفادة من تجربة سلفه ولد الشيخ ولذلك لم يرفع سقف الطموحات والامال واكتفى بالحديث عن مشاورات غير مباشرة لمدة لا تتجاوز اربعة أيام تتمحور مداولاتها حول “عوامل بناء الثقة” المتصلة بالجانب الانساني كالأسرى وتسهيل إيصال المساعدات وصرف المرتبات .

رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام حرص في مناسبات عديدة للتقليل من مستوى التوقعات المعقودة على مشاورات جنيف وقال في لقاء مع قناة “المنار”: “انها مشاورات وعبارة عن تحديث أفكار وليست مفاوضات تفضي إلى حلول جادة”.

بينما توقع خالد اليماني وزير خارجية وفد الرياض إحراز تقدم في ملف تبادل الأسرى قائلا “أن الفرصة كبيرة لتحقيق نجاح بالإفراج عن الأسرى”.

هناك من يطرح سؤال حول لقاء جنيف، فهل هو تعبير عن رغبة أممية بلورتها جهود المبعوث الدولي الذي يريد تحريك المياه الراكدة وتسجيل نقاط في سجله السياسي والدبلوماسي كون المسافة الفاصلة بين ما يجري على الأرض وبين لقاء جنيف واسعة ومن غير المعروف إلى الآن ما اذا كان تحالف العدوان السعودي الامريكي يمتلك قناعة حقيقية بضرورة اتاحة الفرصة للمشاورات التي تفضي الى حلول سياسية أم لا يزال يرى في المشاورات وسيلة من وسائل الضغط السياسي للتعويض عن الفشل الميداني بالإضافة إلى امتصاص الانتقادات الدولية جراء تفاقم المأساة الإنسانية في اليمن.

بحساب نتائج الحرب والعدوان على اليمن المؤشرات من الارض ترجح استمرار العدوان والفشل المبكر لمشاورات جنيف التي لن تكون أحسن حالا بحسب بعض المراقبين من مفاوضات الكويت التي استمرت زهاء ثلاثة شهور وأخفقت بعد جهود مكثفة توجت بتصورات كادت تفضي إلى حلول لولا تدخل دول التحالف السعودي الامريكي التي راهنت على الحسم العسكري ما لم تحصل على استسلام من قبل “انصار الله” وحلفائهم في طاولة المفاوضات.

لا تزال نظرة السعودية والامارات لقضايا التفاوض باعتبارها طاولة ضغط لا مائدة نقاش ندية تقتضي تقديم تنازلات من كل الاطراف تغليبا للمصلحة اليمنية العليا وبالتالي من غير المتوقع في ظل مخاوف السعودية من نتائج الفشل العسكري ان تفضي مشاروات جنيف او غيرها الى نتائج حقيقية وملموسة.

يذكر ان دول ما يسمى التحالف بعد استنفاذ غالبية ـوراقها العسكرية لجأت الى الضغط الاقتصادي وانتهاج سياسة التجويع بتشديد الحصار والتأثير على سعر العملة المحلية الامر الذي ينذر بكارثة انسانية اكبر واخطر مما هو حاصل حتى الان برغم تصنيف الامم المتحدة للحالة القائمة في اليمن باعتبارها المأساة الانسانية الاكبر في العالم.

ومن وجهة نظر المتفائلين فإن قضية الأسرى والمعتقلين ستكون نقطة الامتحان لمشاورات جنيف وفي حال نجح المبعوث الدولي في رعاية اتفاق ينهي هذا الملف الانساني فباقي ملفات بناء الثقة مثل ايصال المساعدات ستكون اسهل، يليها قضية المرتبات التي يحاول وفد الرياض ربطها بوقائع ميدانية الامر الذي يعني عرقلة اي تقدم في هذا الملف المتعلق بحياة ملايين اليمنيين. وفد الرياض يسعى الى ربط قضية المرتبات بميناء الحديدة وهو ما لا يقبل القناش والمساومة لدى وفد القوى الوطنية .

وعلى كل حال وأيا كانت نتائج مشاورات جنيف فالقول الفصل للميدان والمعركة المحتدمة على الارض وفيما تبدو القوى الوطنية مطمئنة اكثر من اي وقت مضى خاصة بعد فشل معركة الساحل الغربي وبعد قصف ابو ظبي ودبي وقبلهما الرياض يبدو تحالف ال سعودي في وضع لا يحسد عليه.

يذكر أن المشاورات الأولى بين وفدي الرياض والقوى الوطنية التي تواجه تحالف العدوان السعودي الاميركي عقدت في 16 من حزيران/ يونيو من العام 2015 وانتهت في 19 من الشهر نفسه، أما “جنيف2” فقد بدأ في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2015، وحتى 20 من الشهر ذاته.