الخبر وما وراء الخبر

{أهمية ولاية الله ورسوله والذين آمنوا } ح3

85

بقلم / عدنان الجنيد

إن الظلمة من حكام بني أمية لمّا لم يجدوا أنفسهم مؤهلين لأن يكونوا ولاة على شعوبهم وليسوا داخلين في صفة الذين آمنوا الذين قال الله فيهم: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) المائدة.

قاموا عبر علمائهم الخانعين لهم بوضع أحاديث تنص على طاعة الظالمين والفاسدين – وقد ذكرنا جملة منها في الحلقة الماضية – ..

وذلك من أجل أن يشرعنوا للشعوب موالاة الظالمين ووجوب طاعتهم..

ثم جاء من بعدهم من رووا هذه الأخبار على أنها أحاديث قالها رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وأصبحت من المسلمات يفتي بها العالم ويجاهر، ويتكلم بها الخطيب في المنابر وبهذه الثقافة المغلوطة أصبح المسلمون خاضعين لحكامهم ومُطيعين لهم لا يحركون ساكنا وما عليهم إلا الصبر فهم مثابون على جور ولاتهم.

والعجيب أن هذه الثقافة (ثقافة الخنوع للظالمين) تدرس في مناهجنا الدراسية والجامعية..

ولهذا نجد الحكّام الفاسدين عبر التأريخ إلى يومنا هذا يكرّسون جهودهم على نشر مثل هذه الثقافات ويبذلون الأموال الطائلة على ترسيخها في عقول الناس..

يريدون بذلك أن يقدموا ولاية الأمر للأمة بالشكل الذي يكون بإمكان أي طامع أو أي انتهازي أو أي مجرم وظالم أن ينالها ويجب عليهم اتباعه في كل الأحوال وهذا مخالف لكتاب الله عز وجل الذي يقول فيه الله تعالى لإبراهيم ـ عليه السلام ـ : (إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) البقرة:

إن جهل الأمة في ماضيها بولاية الأمر وأهميته هو الذي جعلها ضحية لسلاطين الجور وإن الجهل الذي امتدَّ من ذلك الزمن إلى الحاضر نفسه سيجعلها – بل جعلها – ضحية لهذه الثقافات المغلوطة والذي تبنى تأصيلها ونشرها هي الأنظمة الفاسدة العميلة ومن ورائها ولاة أمرها اليهود الصهاينة من الأمريكيين والإسرائيليين الذين هم السبب الأكبر في إنشاء هذه الأنظمة التي تُعد من أخلص أدواته في العالم وعبرهم حققوا ما يريدون …

والعجيب أن علماء البلاط من هذه الأمة عمدوا إلى الاستدلال بآية قرآنية وقاموا بتحريف معناها وبتغير مفهومها لتكون حجة لهم على طاعة الظالمين والفاسدين وإليك الآية: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء:59 وهذه الآية هي عليهم لا لهم، فكلمة منكم تعني منكم أيها المؤمنون وليس من غيركم

ثم أين هم أولئك الحكام الذين يصح أن يقال عنهم(منكم) ؟!…

لم يعودوا منا لأنهم والوا اليهود والنصارى فأصبحوا منهم بحكم الله القائل: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) المائدة : 51

لقد أصبحوا أكثر انسجاماً مع أمريكا ومع سياستها فمعظمهم على هذا النحو…. لم يصدق على الكثير منهم معنى (منكم)

أهم النتائج السلبية التي أصابت الأمة بسبب تخليها عن ولاية الله ورسوله والذين آمنوا:

نلخصها فيما يلي:

-أصبحنا أمة ذليلة مرتهنة لأننا ابتغينا العزة من عدو الله وعدونا وتخلينا عن ولاية الله ورسوله والذين آمنو رغم أن الله عزوجل يقول منبهاً على ذلك بقوله:(لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء) آل عمران23

ثم أخبرنا عن المنافقين بقوله (بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً) النساء

-أصبح قرار الأمة بيد اليهود والنصارى في كافة المجالات حتى أصبحت هذه الأمة – التي وصفها الله بأنها خير أمة أُخرجت للناس – لا تستطيع أن تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر بل إن كل ما يحصل في بلدان الإسلام يأتي وفق رغبة الأمريكي والإسرائيلي وليس للأمة ولا لزعمائها رأي أو قرار

-أصبحنا أمة مفرقة ممزقة وهذا هو الذي أراده عدونا منا ونحن مددنا إليه أيدينا وجعلناه وصياً على بلداننا فحرص كل الحرص على أن نكون ممزقين إلى دول وأمم وأحزاب وجماعات متناحرة كل حزب بما لديهم فرحون بل إن إعلام عدونا أشعل فتيل الفتنة الطائفية التي فرقت الامة ومزقتها فوجد له آذاناً صاغية للأسف الشديد

-عبث اليهود بمقدساتنا واحتلوا أراضينا وقتلوا أطفالنا ونساءنا ونحن لا نزال نطبِّع معهم أو مع الأمريكان الذين يدعمونهم..

وفتحنا لهم السفارات وتعاملنا معهم اقتصادياً وتركنا الشعب الفلسطيني المظلوم يعاني من جرائمهم وعدوانهم عشرات السنين

-سيطر العدو على ثرواتنا ومقدراتنا بشركاته ووصاياته على بلداننا الإسلامية رغم أن الدول الإسلامية من أغنى دول العالم بالنفط والثروات المعدنية إلا أنها تعاني من الفقر والتخلف وجزء من مقدراتها يذهب إلى خزائن الغرب والأمريكان ويمنع منها فقراء المسلمين.

-استطاع أعداؤنا أن يشوهوا ديننا الإسلامي وألحقوا به تهمة الإرهاب عبر عناصر استخباراتية زرعها الأمريكان والصهاينة في أوساطنا ووضعوا لهم منهجاً مشوهاً يدعوا إلى القتل والسحل والذبح فقتل المسلمين واستثنى عملياً الأمريكان والإسرائيليين.

-أصبحت بلاد المسلمين اليوم وقبل اليوم فريسة للعدوان اليهودي بمختلف أشكاله وألوانه فمن رفض وصاية اليهود والأمريكان يتم احتلالها وتدميرها بحجج واهية ودعاوى كاذبة كما فعل الأمريكان بأفغانستان والعراق وكما فعلوا بأجزاء من اليمن وسوريا وغيرها من بلدان المسلمين وحجج اعتداؤهم على هذه البلدان متناقضة تناقضاً صريحاً مما يدل على أنه مشروع إركاع وإعادة الوصاية والولاء.