الخبر وما وراء الخبر

ما هي العلاقة بين ظهور ماتيس ومحتوى تقرير الخبراء الأمميين؟

43

بقلم / علي الدرواني

ساعات قليلة فصلت بين المؤتمر الصحفي الذي عقده فريق الخبراء التابع لمجلس حقوق الإنسان لعرض تقريرهم بشأن اليمن والمزمع تقديمه للمجلس في دورة سبتمبر 2018م، وبين خروج وزير الحرب الأمريكي جيمس ماتيس بعد ذلك مباشرةً للتخفيف من وقع هذا التقرير وتبرير دعم بلاده للسعودية.

المؤتمر الصحفي لفريق الخبراء، استعرض أبرز نقاط التقرير الذي رأى فيه كثير من المراقبين وثيقة هامة وإضافية لإدانة التحالف السعودي الأمريكي في الكثير من فقراته، مؤكدا مسؤولية السعودية والإمارات بكل قياداتهما ومستوياتهما العليا مسؤولية جنائية عن الفظائع المرتكبة في اليمن والتي تصنف كجرائم حرب.

ولمعرفة ما دفع ماتيس ليتبنى موقف الدفاع عن السعودية بعد هذا المؤتمر نذكر على سبيل المثال لا الحصر، تأكيدات التقرير في الفقرة 28: “ان الغارات الجوية تسببت في سقوط معظم الإصابات المدنية الموثقة في السنوات الثلاث الماضية. استهدفت هذه الغارات الجوية مناطق سكنية وأسواقا وجنازات وحفلات زفاف ومرافق احتجاز وقوارب مدنية كما لم تسلم المرافق الصحية من القصف الجوي”.

ليستخلص التقرير في فقرته رقم 38 ما يلي: “بناء على الحوادث التي تمت دراستها تبين غياب أي هدف عسكري ظاهري في الجوار، بالإضافة الى ان الضربات المزدوجة المتقاربة زمنيا تؤكد غياب تقييم التناسب واتخاذ التدابر الاحترازية”.

ومن اهم ما ورد في التقرير الأممي الحديث عن الحصار المفروض على البلاد لأكثر من ثلاثة أعوام، والذي تشارك فيه البحرية الأمريكية والفرنسية والبريطانية والذي تسبب حسب التقرير في تدني نسبة الواردات بشكل كبير، ولم يدخل عبر الموانئ اليمنية إلا ما نسبته 15 % فقط من حجم الواردات مقارنة بما قبل تاريخ العدوان مارس 2015، وساهم ذلك في ارتفاع الأسعار وتدني عدد الأشخاص القادرين على توفير الغذاء والدواء بحيث لا يمكن للمساعدات الإنسانية ان تسد هذه الفجوة كما توصل إليه فريق الخبراء.

ومع ان تحالف العدوان دائما ما يبرر الحصار والقيود على الواردات بما يدعيه من منع دخول السلاح، فإن التقرير الاممي أكد على ان أيا من تفتيش الأمم المتحدة أو تفتيش قوات العدوان لم يسجل الى اليوم أي عملية إدخال أسلحة عبر ميناء الحديدة، ليستنتج الخبراء ان القيود البحرية المفروضة لا يمكن أن تحقق أي ميزة عسكرية مباشرة وملموسة.

وأمام هذه الفظائع والأرقام المهولة، حاول وزير الحرب الأمريكي جيمس ماتيس التخفيف من وقع التقرير الاممي الذي ادان السعودية والإمارات ومن يقف خلفهما من الدول الداعمة والتي تزودهما بالسلاح والذخائر، وسارع الوزير الأمريكي للقول إن دعم بلاده للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن «ليس غير مشروط».

ماتيس في حديثه للصحافيين في البنتاجون أكد أن بلاده تشارك في العمليات الجوية التي تشنها السعودية والإمارات في اليمن، مدعيا في الوقت ذاته أن حلفاءهم السعوديين والإماراتيين يقومون بكل ما هو ممكن إنسانياً لتجنّب أي خسارة في أرواح الأبرياء، وأنهم يدعمون “عملية السلام” التي ترعاها الأمم المتحدة!!

وفي حين بدا الوزير الامريكي قلقا من انعكاسات تقرير فريق الخبراء وإدانته للولايات المتحدة الأمريكية الداعم الأكبر للوحشية السعودية، ذهب ماتيس ليبرر للصحفيين استمرار بلاده في دعم المجرمين السعوديين والإماراتيين بأنه لم يلمس أيّ استخفاف متعمد من الناس الذين يعمل معهم، ما يتنافى بشكل صارخ مع ما حفل به التقرير الأممي.

وفي الوقت الذي حاول ماتيس فيه تبرئة حلفائه ومواصلة منحهم الغطاء واغرائهم لارتكاب المزيد من الجرائم، هو أيضا ومن حيث يشعر أو لا يشعر يدين واشنطن من خلال تأكيده على مواصلة بلاده تقديم الدعم لهذا التحالف رغم تقارير المنظمات الدولية والإنسانية التي أكدت على بشاعة المأساة الناتجة عن هذا العدوان والتي صنفت كأسوأ مأساة إنسانية يشهدها العالم.

يبقى من الأهمية بمكان الإشارة الى استنتاجات المراقبين وهو أن تصريحات ماتيس الأخيرة تنفي أي نوايا لدى البنتاجون لتقليص الدعم العسكري والاستخباري المُقدّم للسعودية على خلفية مجزرة أطفال ضحيان، وان تلك التسريبات ما هي إلا محاولة للتملّص من الجرائم المرتكبة بحق المدنيين اليمنيين.