الخبر وما وراء الخبر

ما بعد فلسطين: صفقة القرن ما بين سوريا واليمن

124

بقلم / صلاح الداودي

لا يمكن لصفقة القرن كخطة استراتيجية يؤمنها عمليا الثالوث الأمريكي الصهيوني وجزء من الخليج العربي والمغرب العربي أن تكون إلا باستكمال فصل من فصول فرض الأمر الواقع من جانب واحد واعتبار فلسطين محمية دولية تحت رقابة كيان العدو الإسرائيلي كيفما كان إخراج فصلها أو الانفصال عنها أو دفعها إلى الوجود بالقوة على هيئة ما تركه الاحتلال، هذا هو معنى صفقة القرن ما بعد فلسطين، وهنا سوف تتحدد كل تفاصيل ترتيب الأولويات فلسطينيا ومن زوايا نظر عرابي المصالحة والتهدئة والصفقة الإقليميين والدوليين.

ليست ملفات الاستيطان والقدس والعودة وقانون القومية اليهودية العنصري سوى أساسات عامة لتأسيس مشروعية هذه الصفقة العامة الكبرى، وبالتالي هي لن تفيد كثيرا محور الإرهاب والتبعية والتطبيع ولن تؤدي إلى نجاح صفقة القرن هذه إذا تم كسر أضلعها الجيوسياسية والجيواستراتيجية في المنطقة، وتكمن في الفرضيات التالية:

أولا: كل استمرار للعدوان والحصار على اليمن جزء من صفقة القرن.
ثانيا: كل بقاء لقوات أمريكية في سوريا والعراق جزء من صفقة القرن.
ثالثا: كل بقاء للقواعد العسكرية الأمريكية في الخليج أساس استراتيجي لصفقة القرن.
رابعا: كل بقاء لهذه القواعد العسكرية تهديد استراتيجي باستنساخ نظير استراتيجي لها في المغرب العربي لتثبيت صفقة القرن.

وبعبارات أخرى، وبعد المبدأ العام، إذا كنا نريد الصراحة والوضوح، فإن كل تهاون في ملف اليمن يزيد ويسارع المخاطر في الملف الفلسطيني، في سوريا يعمل الكيان في حدود الشام الكبير، في اليمن يعمل الكيان على طول اليمن الكبير وكل ما يجعله ينفذ إلى البحر الأحمر ويريده على البحر الأسود وإلى أفريقيا وآسيا، وينظر إلى غزة كما لو أنها على الساحل الغربي اليمني والضفة كما لو أنها قطعة من صنعاء تهددها أمة المقاومة في اليمن.

في اليمن لا توجد روسيا ولا توجد طهران ولا يوجد حزب الله ولا المقاومات الفلسطينية ولا المقاومات الرديفة كلها ولا توجد حدود فلسطين المحتلة، بل يوجد على الأرجح مستقبل فلسطين كل فلسطين ومستقبل المنطقة كل المنطقة في اختبار صفقة القرن وخارطة تأمينها من اليمن بالذات. في اليمن توجد روح شعب اليمن الكبير وشعب فلسطين النصير أو شعب فلسطين اليماني أو شعب فلسطين الثاني (الطبيعة الفلسطينية لشعب اليمن) ويوجد أنصار الله الكبير بكل من يقف معهم في جبهة الحق، ويوجد الثقل البشري لجبهة المقاومة في كل معارك التحرير والمصير.