أكبر عملية سرقة سياسية في فنادق الرياض
تزامَنَ العدوانُ السعودي الأمريكي على اليمن مع أكبر عملية سرقة سياسية تحدث في التأريخ، تمثلت بالعملية اللصوصية التي وقفت وراءها الرياض وواشنطن وجيّرت بعضَ الأحزاب اليمنية لحساب شخصيات حزبية انفصلت عن قواعدها الشعبية، بتأييد العدوان، وقدمتها على أنها –أي الشخصيات- هي الأحزاب بينما الواقع مختلف تماماً عن ذلك.
يعد التنظيم الوحدوي الناصري أحد الأحزاب البارزة في اليمن وَأحد ضحايا عملية السرقة السياسية التي تعرض لها التنظيم، فعندما حشدت الرياض لعدوانها اعتمدت على ثلاث شخصيات في التنظيم هم عبدالله نعمان الأمين العام وأعضاء الأمانة العامة سلطان العتواني وعبدالملك المخلافي، وكان هؤلاء بالنسبة للرياض هم التنظيم الوحدوي الناصري.
لكن الواقع مغاير تماماً من جانب تأييد التنظيم للعدوان من عدمه.. مؤخراً تداعى رؤساءُ فروع التنظيم الوحدوي الناصري من تسع محافظات وحضروا اجتماعاً برئاسة محمد مسعد الرداعي الأمين العام المساعد للتنظيم، بالإضافة لأعضاء الأمانة العامة للتنظيم وأصدروا بياناً قوياً حول العدوان السعودي على اليمن وتواطؤ العملاء معه.
ذلك الاجتماع صدر عنه بيانٌ أدان صراحةً العدوان في الفقرة الثانية منه والتي تنص “إدانة ما قامت وما تقوم به دول التحالف من عدوان غاشم على الشعب العربي في اليمن، ودعوة كُلّ أبناء اليمن الشرفاء والأحرار الوقوف صفاً واحداً ضد ذلك العدوان والدفاع عن الأرض والعرض والنفس بكل الوسائل الممكنة، واعتبار تواجُد قوات دول التحالف في جزء من أرض الوطن قوات احتلال تجب مقاومته ودحره وهزيمته، والرفض المطلق للتدخل في شؤون اليمن أو فرض الحلول من قبل دول التحالف”.
وإلى جانب ما تضمنه البيان الناصري من نقاط أخرى تعزز القول بأن ما حدث للتنظيم هو سرقة سياسية بامتياز، فهل يمكن القول إنه مؤيد للعدوان؛ لأن ثلاث شخصيات تمثل موقفها السياسي وينعكس على التنظيم، بينما أكثر من 90% من قياداته تقف ضد العدوان ونسبة أكبر من تلك من قواعده الشعبية تناهض العدوان؟
حزبُ المؤتمر قد يكون أحد الذين تعرضوا للسرقة السياسية تلك، ولكن حضوره الكبير استطاع أن يمنع ذلك وأفشلت قواعدُه الشعبية محاولة الرياض الأخيرة سرقة الحزب.
في أكتوبر الماضي اجتمع عددٌ من الشخصيات التي انسلخت عن المؤتمر وأعلنت ارتباطَها بالعدوان بصورة هي الأكبر من حيث عدم تمثيلها للحزب الذي انسلخت منه، ومن هناك أرادت الرياضُ أن تكمل سرقتها للحزب وأن تحصرَه بأحمد عبيد بن دغر ومحمد ناجي الشايف ورشاد العليمي وعبدربه منصور هادي الذي تم فصلُه من الحزب قبل أن يبدأ العدوان.
وفي اجتماعهم أقروا تنصيبَ أنفسهم بين رئيس للحزب ونائب له وهو هادي وبن دغر فكانت مسرحية هزلية أرادت تلك الشخصيات من خلالها أن تكون هي الحزب وهي القيادة وهي القواعد الجماهيرية في غرفة واحدة داخل فنادق الرياض.
لم يلقَ اجتماعُ المؤتمريين في الرياض أيَّ صدى وماتت تلك القرارات قبل أن تخرج من فنادق الرياض، وكان بيان حزب المؤتمر الرسمي واضحاً بشأن ذلك والذي صدر في العشرين من أكتوبر.
ونص البيان الرسمي للمؤتمر على أن “استمرار بعض الشخصيات المحسوبة سابقاً على المؤتمر والتي أعلنت تأييدها للعدوان السعودي وفرت خارج البلاد بالتحدث باسم المؤتمر الشعبي العام بشكل مخالف للميثاق الوطني ونصوص النظام الداخلي ومواقف المؤتمر الشعبي العام وقرارات هيئاته التنظيمية”.
وأضاف البيان: “إن الأمانة العامة للمؤتمر وهي تجدد موقف المؤتمر الشعبي العام الرافض للعدوان السعودي وحلفائه والحصار الجائر والشامل المفروض على الشعب اليمني وكل المواقف التي تسانده وتتماهى معه، فإنها في الوقت نفسه تؤكد أن هذه الشخصيات المتواجدة خارج البلاد والتي تتحدث باسم المؤتمر ومواقفها تتنافى كلياً مع مواقف المؤتمر الشعبي العام المبدئية، والثابتة، والمعلنة، لا تمثل المؤتمر الشعبي العام لا من قريب ولا من بعيد؛ بسبب مخالفتها الواضحة والصريحة لنصوص الميثاق الوطني الدليل النظري والفكري للمؤتمر الشعبي العام، التي تؤكد الحفاظ على سيادة، واستقلال، ووحدة اليمن، وترابه، وكذا الالتزام بقرارات المؤتمر الشعبي العام وهيئاته التنظيمية”.
وتضمنت قراراتُ اللجنة العامة لحزب المؤتمر في اجتماعها الاستثنائي المنعقد يوم السبت 9 مايو 2015م، التأكيد على أنه لا يحق لأي أحد التحدث باسم المؤتمر الشعبي العام، أو تمثيله في الداخل أو الخارج، مهما كانت صفته القيادية إلا بتكليف من هيئاته في الداخل ممثلة بلجنتيه العامة والدائمة”.
بالنسبة للحزب الاشتراكي فقد كان ممثلوه بالرياض بقيادة ياسين سعيد نعمان الذي أعلن استقالته من أمانة الحزب واعتزال العمل السياسي قبل العدوان، غير أن الرياض حاولت إعادته للواجهة هو وبعض رفاقه؛ ليظهروا في مؤتمر الرياض وللتباهي بهم وبالحشد المهترئ الذي أرادت أن يكون ممثلاً للشعب اليمني.
يقول نايف حيدان وهو قيادي في الاشتراكي أن “الحزب الاشتراكي أعلن موقفه في عدة بيانات يرفض فيها الحروبَ بشكل عام، سواء الحروب الداخلية أو الحرب العدوانية على اليمن”.
وأضافَ أنه “وبالنسبة لأعضاء وقيادات الحزب المتواجدين في الرياض فمواقفهم لا تمثل الحزب وإنما تخصهم هم فقط وتعبر عنهم كأشخاص؛ كون قواعد الحزب لهم مواقف وطنية ويقفون في صف اليمن ككل ولا يمكن أن يكونوا في صف العدوان، ولك في شخصيات كثيرة لها مواقف معلنة ترفض العدوان على اليمن وتسعى لإنهاء الحروب الداخلية، وإن وجدت مواقف لقيادات أو أعضاء حزبيين في الداخل مؤيدة للعدوان فهذا يعود إلى الاختراق الذي تعرض له الحزب من قبل الإخوان أو بسبب تعصب مناطقي وهذه المواقف ستتلاشى وتنتهي بعد أن يشعروا بالتآمر السعودي الإخواني الخبيث على الوطن والحزب.
ويعتقد حيدان أنه وبكل تأكيد سيعود المؤيدون للعدوان إلى رشدهم وسيفضّلون الوطن على الارتهان للخارج، مشيراً إلى تصريح القيادي البرلماني سلطان السامعي بالأمس الذي وضّح موقفَه الرافض للحروب بشكل عام، وموضحاً أن وسائل إعلام مغرضة نشرت أكاذيب وادعت أنه صرّح بتأييده للعدوان.
ويواصل حيدان حديثه لصدى المسيرة أنه لو تم سؤال قيادات وأعضاء اشتراكيين في أية محافظة سيجد الناس أن مواقفهم رافضة للعدوان ورافضة للحرب الداخلية؛ كون الحزب الاشتراكي منذ تأسيسه يحرم العمالة للخارج ويعتبرها جريمة لا تساهل فيها، فكيف يصبح اليوم مؤيد للسعودية، ومؤسسة الشهيد عبدالفتاح إسماعيل قال عنها بانها العدو التأريخي لليمن.
وقد يكونُ حزبُ الإصلاح هو الأكثر انسجاماً مع العدوان إلا أنه لم يضمن انسجامَ كُلّ قياداته وفروعه معه، وفيما انتظر الإصلاحُ عدة أيام على بداية العدوان ليصدر بيانه المخزي والمؤيد للعدوان سارعت قيادات في الحزب لإعلان رفضها للبيان وبعضها قدم استقالته.
وعقب بيان الإصلاح المؤيد صدر بيانٌ عن فرع الحزب بذمار يرد على ذلك ويشدد على ضرورة توحيد الصف لمواجهة العدوان، مشيراً إلى أن الجميع من الشعب وإلى الشعب في خندق واحد لمواجهة العدوان، كما عبر عن رفضه القاطع لبيان الأمانة العامة المؤيد للعدوان.
جاء ذلك البيان بعد اجتماع موسع لمشايخ ووجهاء محافظة ذمار والذي دعوا فيه قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى إدانة واستنكار البيان الصادر عن الهيئة العامة لحزب الاصلاح المؤيد للعدوان على اليمن.
السرقةُ السياسية التي قامت بها الرياض ووصل بها الأمر أن سرقت أحزاباً باسم رؤسائها فقط والذين انتهى ارتباطهم بتلك الأحزاب، بينما نوابهم وقيادات أحزابهم وقواعدها تتخذ موقفاً مناهضاً للعدوان.
وظهرت خفايا تلك السرقة عندما اكتشف العالمُ من الاجتماع الذي عقده 22 حزباً مطلع الشهر الحالي في القصر الجمهوري وتم توقيع ميثاق شرف سياسي لمناهضة العدوان وبدا واضحاً أن عدداً كبيراً من تلك الأحزاب تمت سرقتها عبر شخصيات مرتبطة بالرياض وتعيش في فنادقها وتسترزق بتأييد العدوان.
* صدى المسيرة: إبراهيم السراجي