مشهد الحجارة.. وما يجب أن نفهمه
بقلم / جميل أنعم العبسي
أسهب وتغنى الجميع بمشهد عظيم تتفجر فيه بحور الحبر لتشكل لوحات جمالية بديعة، لا نقلل منها ولا ننكرها، لكن معذرةً، يا سادة.. الشيء الوحيد الذي يجب أن نعرفه من مشهد الحجارة، أن هؤلاء يثقون بأن الله معهم ولن يتركهم.. كانوا بسلاح أم بدون.. كانوا كثرة أم قلة.. بالعدو حتماً سيبطشون ويفتكون.. فمثل هؤلاء لا يعرفون الهزيمة..
ثم الأهم للبعض الناقد وغيرهم، مواجهة النفس، ما عذر العين وقد شاهدت بحدقاتها المعجزات.. ما يبقي الجسد الصحيح بعيداً عن الميدان وقد سمع نداء الجبهات.. وفطن أن بانتظاره مجموعة فئران تربكها الحجارة.. ورتل بأكمله تدحره بندقية معطوبة..
بعيداً عن فلسفة تاه أصحابها عن مواجهة النفس، المشهد أقام الحُجَّة، وكان خير بشرى ونذير للقاعدين والخوالف..
لا عذر تبقى لنا.. وما يجب أن نصل إليه فقط، هو حمل النفس والذهاب إلى الجبهات ومعرفة الكثير عن فتية الحجارة.. ومعرفة الأكثر عن الله الذي وقف معهم طيلة الشهر والعام ولم يتركهم في حر الرصاص وبرد الخلاص.. وكان لهم في كل رميةٍ رامياً وكل هجمةٍ حامياً..
الفرق بيننا وبين أعدائنا أنهم يعتقدون أن الله تعالى بحاجة لتحالف دولي وقرارات مجلس أمن وعتاد نوعي كثير وعدد كبير وانه بحاجة للوقوف بصف أمريكا لنصرة دينه، لكننا نؤمن بعكس ذلك تماماً.. فبذلك يعرف الله المؤمنين الصادقين ويعرف المنافقين، ومن أولئك المنافقين من يرى القعود وإصدار الملاحظات فتوحات من نوع آخر..
معذرة، مهما بلغتم من الفطنة والذكاء.. لن تكونوا أحرص ممن يواجهون الرصاص بالحجارة.. لن تكونوا أدرى وأعرف من مجاهدين يتاجرون بأرواحهم في ميادين التضحية لله والدين والوطن..
لن تقنعوا أحداً برفع مصاحف الحرص وأنتم القاعدين.. لن تكونوا أكثر من بلهاء أغبياء عرفوا الحق واعرضوا عنه..
لا داعي لصب وسكب أحرف وعبارات القلق.. فأولئك يسكبون دماءهم صبح مساء..
لا داعي لإبداء الملاحظات.. يوجد الكثير من السلاح والذخائر، ولكل جبهة ظروف، وصاحب الحجارة وأخوه الشهيد أعرف وأدرى وأحصف من أفكارك وبناتها.. وفِّر علينا حفلات التراجيديا..
لا متسع للوقت والتأجيل والتسويف، فكل ثانية محسوبة في عداد الزمن.. وللعاجزين لعذر شرعي يقره الله، فهناك طريق سريع بالإنفاق في سبيل الله، ولن تكون أحرص على وصول إنفاقك لهؤلاء من الله الذي يقاتل معهم، لا ولن تكون.. وليس على الضعفاء والمرضى والذين لا يجدون ما ينفقون حرج..
إن كان البعض قلقاً على أصحاب الحجارة.. فأصحاب الحجارة قلقون أكثر على قلوبٍ قست وأصبحت كالحجارة بل أشد قسوة منها.. فأيُّ قلقٍ أصدق بالله عليكم..
نتمنى أن تُفجِّر تلك الحجارة أنهاراً من الحس والشعور بالمسؤولية تحتاجها قلوبنا.. نتمنى أن تفتح تلك الحجارة مدارك الفلاح في عقولنا دنيا وآخرة.. نتمنى منها هدم قرى الشياطين في نفوسنا وتسويتها بالأرض التي تحميها تلك الأكف الحاملة للحجارة والحديد بل الحاملة للروح والنفس تصول وتجول من وادٍ إلى قمة وصحراء وساحل لعرضها للبيع على خالقها للظفر بالفوز العظيم.. انفروا، فروا، أطيعوا، استجيبوا لما يحييكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين.. والله المستعان.