أهمية ولاية الله ورسوله والذين آمنوا
بقلم / عدنان الجنيد
إن الأمة العربية والإسلامية لمّا تركت من أمرها الله بتوليهم ممن قال الله فيهم (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) المائدة: 55، (ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) المائدة : 56.
ولمّا ارتضت أن يحكمها الفاسدون والظالمون وابتعدت عن هدى القرآن وعن تعاليمه أصبح حالها كما ترون في ذيل القافلة.. بل وأصيبت بالذلة والهوان وصارت عالة في معايشها على سواها من بني الإنسان وأصبحت لعبة بين أيدي الصهاينة والأمريكان.
إن معظم أنظمة وحكام هذه الأمة موالون لليهود والنصارى الذين نهانا الله تعالى عن موالاتهم وحذرنا من ذلك فقال: (يا أيها الذين آمنو لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم..) المائدة:51.
فلا نهوض لهذه الأمة ولا رقي لها إلا بالعودة إلى هدى الله والعمل بتعاليم كتابه..
إن الله أراد لهذه الأمة أن تكون مرتبطة بنبيها وبأعلام الهدى من بعده الارتباط القائم على أساس الولاء الصادق والطاعة (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) الأحزاب: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) النساء:64.
أمة تقتدي بنبيها تتعرف عليه وعلى صفاته وتستفيد من هديه وحياته ومن منهجه (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) الأحزاب:.
إن موالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله هو طريق الخلاص وسبيل لكسب معونة الله ونصره..
لا يمكن لهذه الأمة أن يكون الله معها وأن يعينها ويخلصها ممّا هي فيه إلا إذا تبنت هذا الطريق وعادت إلى مسؤوليتها والقيام بها كما يقول الله جل شأنه:(إن تنصروا الله ينصركم) محمد:7.
إن الفلاح والنصر والظفر قائم على هذه الأسس من الارتباط بمنهج الله والولاء لله والولاء لنبيه ولآل بيته القائم على الإتباع له ولمنهجه (القرآن الكريم) والقائم على استشعار هذه المسؤولية من منطلق قول الله تعالى:(يا أيها الذين أمنوا كونوا أنصار الله) الصف:14.
فعلى هذه الأسس تتحرك الأمة وتتولى من أمرها الله بتوليه وتنهض استجابة وطاعة لله، وقياماً بالمسؤولية أمام الله، فيما هو خير لنا ولسائر الناس.
مفهوم الموالاة والمعاداة:
يدل مصطلح الموالاة على المحبة والتصديق والاتباع والقبول بمن يتم توليه أو اتخاذه ولياً، وتطلق أيضاً على المعية في الموقف والمعية في الرأي والتوجه فهي حالة تبدأ نفسية شعورية ثم تتحول إلى مواقف ملموسة ومحسوسة سواءً كانت هذه الموالاة للحق أو للباطل والموالاة تكون لله ورسوله وللمؤمنين….
وأما مفهوم المعاداة فهي عكس الموالاة وهي البراءة والرفض والتخلي عن اتباع كل من تتوجه إليه المعاداة في مجاراته وعدم موافقته في كل ما يدعو إليه…
إن ولاية الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم- واجبة، فيجب علينا – كمسلمين – أن نتولاه وأن نعرف أنه أولى بنا من أنفسنا (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) الأحزاب:6.
فهو – صلى الله عليه وآله وسلم -أولى بنا من أنفسنا يجب علينا أن نبذل نفوسنا إيماناً به – صلى الله عليه وآله وسلم – وحباً فيه، ونقدمه على نفوسنا حتى نكون كما أمرنا الله وشرع لنا بقوله :(ولايرغبوا بأنفسهم عن نفسه..) التوبة : 120.
يعني الواجب علينا أن يكون حبنا له أعظم من حبنا لأنفسنا، ورغبتنا في اتباع أمره واجتناب نهيه ونصرة دينه والمستضعفين من أمته هي المقدَمة على اتباع رغباتنا وأهوائنا وشهواتنا لأن علامة المحبة هي الموالاة والإتباع قال تعالى 🙁 قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم..) آل عمران : 31، وقال : (إنما وليكم الله ورسوله) المائدة:55 هذه هي الولاية وهذا هو الولاء..
إن من يذهبون إلى أعداء سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – ويوالونهم من الزعماء العرب والأنظمة والحكومات العربية، لا يمكن أبداً أن نقول عنهم أنهم يوالون سيدنا محمداً – صلى الله عليه وآله وسلم- ..
لا يمكن لك أن تكون متوليّاً له – صلى الله عليه وآله وسلم – ومؤمناً بولايته عليك، ثم في نفس الوقت أنت توالي أعداءه، وتناصرهم وتقف معهم..
لا يمكن ذلك فالرسول له ولاية عليك وهو أولى بك من نفسك، وله عليك حق الطاعة والمحبة والتعظيم والإتباع والاقتداء.. فافهم ذلك فهذا شيء مهم.
الموالاة والمعاداة في القرآن الكريم
من الأمور التي أكد عليها القرآن الكريم وعدَّها عنصراً هاماً من الدين لا يقبل الله العمل إلا به موضوع الموالاة والمعاداة في الله سبحانه قال الله سبحانه وتعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) المائدة:55وقال تعالى: (يا أيها الذين أمنو لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم قد يئسوا من الأخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور) الممتحنة:13 وقد جاء القرآن محذراً ومنبهاً هذه الأمة في قضية الموالاة والمعاداة مؤكداً على أهميتها بحيث أنها قد تعطل كل أعماله الصالحة إذا كانت في غير مجراها الصحيح فإن كان المسلم ممن تولى أحد هذه الخطوط الثلاثة : “الكافرين ـ اليهود ـ النصارى” فلا تقبل أعماله بل ويصبح منهم وحكمه يصير كحكمهم
قال تعالى: “يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين” المائدة:51.
من خلال هذه الآية نرى أن الله عزوجل قد عدَّ من تولى اليهود والنصارى بأنه منهم مهما كانت أعماله الأخرى
قال تعالى: “يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين”المائدة:51.
من خلال هذه الآية نرى أن الله عزوجل قد عدَّ من تولى اليهود والنصارى بأنه منهم مهما كانت أعماله الأخرى صالحة من صلاة أو زكاة أو غيرها بل إن أعماله تفقد قيمتها عند الله سبحانه لأن صاحبها قد أخل بمبدأ الموالاة والمعاداة وأصبح هواه مع اليهود والنصارى وعمله يخدمهم وتوجهه مماثل لتوجههم….
*نموذج من المواقف الموالية لأعداء الله:
موقف الدول العربية والإسلامية والإنسانية من الحرب الظالمة على بلادنا اليمن فلمدة ما يقارب أكثر من ثلاثة أعوام والعدوان السعوأمريكي يضرب شعبنا ليل نهار ويرتكب المئات من المجازر في حق أطفالنا ونسائنا وضعفائنا ومواقف أنظمة هذه الدول ما بين داعم ومؤيد وساكت، ولم نجد أية دولة عربية أو إسلامية أو إنسانية استنكرت العدوان على بلادنا باستثناء القليل من أصوات أحرار العالم، أليس تأييدهم وسكوتهم عن العدوان يعد موالاة لليهود والنصارى؟ وإذا كانت الشعوب متبعة لأنظمتها بهذه الموالاة فهم مثلهم …
ويشمل بذلك من رضي بهذا العدوان ومن رضي – أيضاً -عمن يقوم بهذا التولي لليهود والنصارى من أفراد وجماعات ومن ولاة وعامة فإن مجرد الرضا يجعل صاحبه شريكاً في هذا الوصف وللإمام علي عليه السلام كلام في هذا الموضوع وهو قوله:(إنما يجمع الناس الرضا والسخط وانما عقر ناقة ثمود واحد فعمهم الله بالعقوبة).
فبسبب أن واحداً عقر الناقة وهم راضون بعمله ومصوبون له فهم شركاؤه في الفعل والعقوبة..
وأيضاً يقول الإمام علي ـ عليه السلام ـ: “الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم وعلى كل داخل في باطل إثمان إثم العمل به وإثم الرضا به”
إن هؤلاء الموالين لليهود والنصارى سواء كانوا أفراداً أو جماعات أو أنظمة مهما قدموا خدمات لليهود والنصارى ومهما كانت موالاتهم مطلقه لأعداء الله، فإنهم لن ينالوا رضا أعداء الله لماذا؟
لأن الله تعالى يقول في كتابه الكريم:(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) البقرة:120 فالمخاطب النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- والمراد به أمته… إن هؤلاء- اليهود والنصارى- لا يقبلون منكم بأن تكونوا تابعين لهم في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها .
بل لا يكتفون منكم إلا بالذوبان الكامل والتحول التام إلى دينهم وملتهم.