إذا كنت مستبصراً بنور القران ستصل الى درجة (ولا يخافون لومة لائم)
كيف يمكن للإنسان أن يصل إلى درجة {وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ}؟ إذا كان مستبصرًا بالقرآن، مستنيراً بنور القرآن، مستبصراً ببصائر القرآن، مهتدياً بهديه، وإلا فسيقعده اللوم في أي مرحلة من المراحل، لوم عالم، أو لوم قريب، أو لوم بعيد، أو لوم سلطة، أو لوم من أي جهة كان. تجد هذه النوعية فعلا عندما ينظر واحد إلى المرحلة هذه، هذه النوعية الوحيدة التي يمكن أن تقف في وجه بني إسرائيل بفاعلية، ويمكن تهزم فعلا بني إسرائيل، هذه الفئة؛ لأنه قدم نوعية هي التي يجب أن تتوفر فيها الصفات الضرورية، والتي تجعل كل مؤامراتهم، وشعاراتهم، وعناوينهم، وخداعهم تتبخر عندما تصطدم بهذه النوعية، غيرها سيتبخرون هم أمام بني إسرائيل فعلاً.
وهنا يبين بأن هذه القضية بالشكل الذي تجعل الآخرين يحسون بأنهم في خسارة، المرتدين عن الجهاد، عندما يأتي بعد فيقول: {ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ} (المائدة من الآية: 54) هذا فضل من الله الذي تتهرب منه، وتحاول أنك تعمل لك أشياء، وتلفق أشياء حتى لا يلزم، أو تتمسك بأشياء معينة، أو تخاف .. أنت تبعد نفسك عن الفضل، تبعد نفسك عن فضل عظيم، فكأنك تثبت بأنك غير جدير بذلك الفضل، لأن الله قال: {يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ}.
تلاحظ هنا أنه تبدو الآية فعلاً توحي بأنه قد تصل الأمة إلى حالة لا يعد يبقى لديها مقومات بناء نوعية كهذه، إنما من جهة الله هو فعلا، لا في تراثها، ولا في منطقها، وفعلا هل هذا موجود؟ لو تعود إلى تراثنا، تراثنا نحن الفئة أهل الحق التي نقول دائما: هم أهل الحق، سيكون هذا التراث بالشكل الذي يقعدك، وما الذي معك عندما تقرأ؟ معك أصول فقه، علم كلام، كتب ترغيب وترهيب، تفسير آخرين، أشياء من هذه تقعدك، ورأيناها أقعدت من؟ أقعدت من حملوها، وأقعدت من اتبعوها، أليست هذه القضية واضحة؟ ما بالك بما لدى الآخرين فعلا. إن هذه نوعية لا تبنى إلا من جهة الله {ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
الدرس الثاني والعشرون من دروس رمضان صـ26.