الخبر وما وراء الخبر

باريس تصغي لسيد اليمن والإقليم

72
بقلم /مختار الشرفي

المقابلة من أجل المقابلة، لا من أجل سماع أو معرفة ما يجب أن يسمعه الرأي العام الفرنسي و العالمي، هذا ما أرادت أن توحي به معظم أسئلة صحيفة اللو فيغاروا الفرنسية في المقابلة التي أجرتها مع السيد عبدالملك الحوثي… المقابلة التي أرادت الصحيفة ادعاء سطحيتها كانت عميقة بفعل الأجوبة الحاسمة للسيد على الأسئلة الاستراتيجية في مقابلة كانت معظم اسئلتها دون مستوى السيد عبد الملك الحوثي الرجل الأكثر أهمية وتأثيرا ومحورية في القضية اليمنية والمنطقة، و لا بمستوى اللو فيغارو الشهيرة، أو بمستوى ما كان يجب أن يبحث عنه أي صحفي من مقابلة بهذا الحجم.

 

و في جانب من المقابلة لا تلام الصحيفة على ما بدا مكررا في أجزاء من المقابلة أو قد سبق وأعلنه السيد و سمعناه حرفيا تقريبا في خطابه بمناسبة ذكرى الصرخة يوم الجمعة الماضية، فهذا الكلام  بالنسبة للصحيفة كان يمثل سبقا لها، لأن السيد اجرى هذه المقابلة معها قبل إطلالة الجمعة، و منها ما ورد في الجزئية المتعلقة بميناء الحديدة والسماح للأمم المتحدة بدور رقابي و لوجستي في إدارة الميناء وموارده المالية وتوجيهها لصرف المرتبات شريطة أن تلتزم الأمم المتحدة بدفع مرتبات كل موظفي الدولة وكذا لتجنيب الحديدة و مينائها العدوان عسكريا ..

 

خاطب السيد الرأي العام الفرنسي وجمهور الصحيفة العريض باللغة التي يفهمونها وبالحقائق التي تعمد العدوان حجبها أوربيا، فكانت المقابلة مثمرة كما أرادها السيد.

 

أرادت الصحيفة إشعار السيد عبد الملك بأن هناك عزلة مفروضة عليه من خلال سؤالها عن سبب عدم توجيه دعوة له لحضور مؤتمر رتبت له السعودية في فرنسا الشهر الماضي، فجاءت إجابة السيد لتفتح سقف باريس و تدخل إليها ما كان يجب ان يسمعه سكانها حول اداء حكومتها اللاإنساني و المتحيز للأموال السعوإماراتية، و ليشاهد الفرنسيون عموما كم باتت باريس نهمة و جشعة و كيف اصبح وجهها كالحا بعد تورط حكومتها في قتل نساء و اطفال اليمن و تجويعهم و حصارهم و بما تبيعه من سلاح لأنظمة العدوان المتخلفة و المتحالفة في اليمن مع داعش والقاعدة.

 

و ليشعر الفرنسيون بالعار بعد قراءة هذه المقابلة التي كانوا فيها مطالبين بالإجابة على أسئلة طرحها السيد، تمس جوهر تاريخ فرنسا مهد الثورات الأوربية من أجل الحرية والكرامة و العدالة، من قبيل: هل سيسمح الفرنسيون بمغادرة باريس و تسليمها لبريطانيا العظمى إن هي طلبت منهم ذلك مقابل ألا تقتلهم و تدمر مدينتهم؟

 

و كانت محورية جدا إجابة السيد على السؤال المتعلق بشروط انصار الله للقبول بتسوية سياسية و تشكيل حكومة يشاركون فيها، حيث اكتفى السيد بالتأكيد على ان هذا الامر ” كان ” متاحا قبل العدوان كما جاء على لسان جمال بن عمر المبعوث الاممي الاسبق الى اليمن، أي أن السيد لم يؤكد او ينفي القبول بذلك كما لم يعطي معلومة حول الامر، تقدم للصحيفة ما حرصت على معرفته من خلال الأسئلة السابقة، التي تمحورت حول خطة غريفيث للسلام، و ما إن كان المبعوث الاممي غريفيث قد ناقش جزئية تشكيل الحكومة مع السيد من عدمه، محاولة استنطاق السيد حيال ما يقبله و ما لا يقبله مما طرح للنقاش .

 

و يبقى الكشف عن مساعي مبعوث فرنسي خاص للقاء بالسيد محل تساءل مهم حول ما يدفع فرنسا لإرسال مبعوث خاص بها للقاء السيد، و الذي لم يكن محل ترحيب مطلق، بل كان على حكومة فرنسا و مبعوثها الخاص تقديم رؤية واضحة حول موقف فرنسا من العدوان و دورها فيه قبل البت في قبول اجراء اللقاء من عدمه، خاصة بعد اعلان حكومة فرنسا في ذات الصحيفة منذ اسابيع عن مشاركتها في العدوان على الحديدة و مينائها والساحل الغربي عموما، و هنا نتوقف عند الارادة السياسية الواعية و الصلبة التي يتمتع بها السيد عبدالملك الحوثي، وأن اليمن فعلا تجاوزت زمن استقبال سكرتير مدير مكتب نائب رئيس فرع شركة في دبي بموكب من سيارات الرئاسة وأطقم عسكرية مسلحة وعشرات الدراجات النارية لا لشيء غير أن الضيف أوربي أو أبو عقال أو كوفية صغيرة  ..

 

ختاما لماذا الان جاءت الصحيفة الفرنسية ؟ و الأهم هو لماذا قبل السيد بإجراء المقابلة؟ وهل كان إرسال الحكومة الفرنسية مبعوثها الخاص وطلب لقاء السيد في هذا التوقيت مصادفة؟

 

هل ينتظر حقا الفرنسيون أخبارا مطمئنة من اليمن؟

 

هل هناك جنود فرنسيون وقعوا في قبضة أنصار الله في معارك الساحل الغربي؟

 

قد لا يكون لهذه الأسئلة ما يبرر طرحها، غير أن الثابت قطعا هو أن كل ملفات اليمن والإقليم وبفعل صمود وتضحيات اليمنيين وفي مقدمتهم أنصار الله لن يكون المرور إليها ونقاشها إلا من بوابة صنعاء وبقرار من قائد ثورة وكفاح اليمن السيد عبدالملك الحوثي. وهذا ما أقرت به باريس وغدا ستصل إلى صنعاء إقرارات باقي عواصم العالم ..